تُعتبر الإيبارشيات القبطية الأرثوذكسية من أقدم نماذج التنظيم الكنسي في العالم، إذ تأسست في مصر منذ دخول المسيحية في القرن الأول الميلادي، ومنذ ذلك الحين، لعبت هذه الإيبارشيات دورًا أساسيًا في نشر الإيمان وتعزيز الحياة الروحية، وبقيت شاهدًا على عمق الكنيسة القبطية واستمراريتها رغم تغيرات الأزمنة.

مقال مقترح: سيدة من بني سويف تحقق نجاحاً مبهراً في ميد.. حولت التراب إلى ذهب | التفاصيل
ماذا تعني الإيبارشية ؟
الإيبارشية هي تقسيم إداري داخل الكنيسة يُشرف عليه أسقف أو مطران، وتضم عددًا من الكنائس والخدام والمؤمنين ضمن نطاق جغرافي محدد، وتُعتبر هذه الإيبارشيات الأداة الأساسية التي استخدمتها الكنيسة لتقديم الرعاية الروحية والتعليمية والاجتماعية لمجتمع المؤمنين.
بداية تنظيم الإيبارشيات في مصر
مع انتشار المسيحية في مصر خلال القرن الأول الميلادي، وزيادة عدد المؤمنين، أدركت الكنيسة أهمية تنظيم رعوي فعال، وبدأ هذا التنظيم يتضح في القرون الثلاثة الأولى، حين توزعت الخدمة الكنسية بين المناطق وفقًا للكثافة السكانية وظروف كل منطقة.
إيبارشية الإسكندرية.. الأقدم والأعرق
تُعتبر إيبارشية الإسكندرية أقدم إيبارشية في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وقد أسسها القديس مارمرقس الرسول في منتصف القرن الأول الميلادي، وكانت في بدايتها تشمل كل مصر، حيث كان البابا البطريرك هو أسقف الإسكندرية، ثم بدأت تنفصل عنها مناطق أخرى مع زيادة عدد الأساقفة.
توسع الإيبارشيات عبر العصور
مع نمو الكنيسة القبطية، ظهرت إيبارشيات جديدة مثل إيبارشية البهنسا، وأخميم وسوهاج، والمنوفية، والفيوم، وغيرها من إيبارشيات الصعيد والوجه البحري، وتميزت كل إيبارشية بتاريخ خاص بها، ارتبط غالبًا بالشهداء أو الأديرة أو الحركات الروحية التي نشأت فيها.
الإيبارشيات اليوم.. بين التراث والتجديد
في العصر الحديث، ومع زيادة عدد السكان وظهور جاليات قبطية في الخارج، أنشأت الكنيسة القبطية عشرات الإيبارشيات الجديدة في مصر والمهجر، كما حرصت على تقسيم الإيبارشيات الكبرى لضمان تقديم خدمة رعوية أكثر دقة، كما حدث في القاهرة والإسكندرية.
شوف كمان: ابنة أحمد الدجوي تؤكد: “قضية والدي لن تموت.. هناك من يسعى للحق”
دور الإيبارشيات في الحفاظ على الهوية القبطية
رغم الاضطهادات والمحن، بقيت الإيبارشيات ركيزة أساسية في صمود الكنيسة القبطية، حيث حافظت على اللغة القبطية، والليتورجيا، والتعليم الأرثوذكسي، وأسهمت في ترسيخ الروح الوطنية والتعايش.