وزارة البيئة تشارك في مؤتمر “الصحة الواحدة مستقبل واحد” بتونس

شاركت وزارة البيئة في مؤتمر “الصحة الواحدة… مستقبل واحد” الذي أقيم في تونس، حيث يسعى المؤتمر إلى تأكيد التزام الدول العربية والمنظمات الدولية بتعزيز نهج “الصحة الواحدة” كاستراتيجية فعالة لمواجهة التهديدات الصحية المشتركة التي تشمل الإنسان والحيوان والبيئة، ويبرز أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة لمواجهة التحديات الصحية المستجدة مثل الأمراض المشتركة، تغير المناخ، ومقاومة مضادات الميكروبات، بمشاركة الدكتورة شيرين فكري، مساعد وزيرة البيئة المصرية للتنسيق وتطبيق السياسات البيئية، إلى جانب حضور السيد مصطفى الفرجاني، وزير الصحة التونسي، والسيد عز الدين بن الشيخ، وزير الزراعة التونسي، والسيد الحبيب عبيد، وزير البيئة التونسي، وممثلي عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، بما في ذلك البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصندوق مكافحة الأوبئة، ووكالة الإمارات للتنمية الدولية، وشبكة شرق المتوسط للصحة العامة.

وزارة البيئة تشارك في مؤتمر “الصحة الواحدة مستقبل واحد” بتونس
وزارة البيئة تشارك في مؤتمر “الصحة الواحدة مستقبل واحد” بتونس

وأكدت الدكتورة شيرين فكري أن هذا الحدث يحمل أهمية خاصة وضرورة ملحة نظرًا لمعاناة العالم المتقدم والنامي من آثار التغيرات المستمرة في هذا المجال المهم، حيث يرتبط الأمر بجميع القطاعات وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على الصحة، وتستند خطوات مواجهة هذه الظاهرة إلى عدة محاور مثل تعزيز مرونة النظم الوطنية بما في ذلك الأوبئة والأمن الصحي، واستخدام التقنيات النظيفة في جميع القطاعات، والتوجه نحو التحول للاقتصاد الأخضر والنمو المستدام، مشيرة إلى أن مسار النمو الأخضر للخروج من الأزمة يمثل أهمية كبيرة للعالم بشكل عام ولمنطقتنا العربية بشكل خاص، لافتة إلى أن المؤتمر يعد منصة مثالية لمشاركة الأفكار مما يسهل الشراكات بين القطاعات المختلفة.

وأوضحت الدكتورة شيرين فكري أن جمهورية مصر العربية ملتزمة بنهج الصحة الواحدة، حيث تم الإعلان عن الخطة التنفيذية للصحة الواحدة (2024-2027) التي تمثل تتويجًا للجهود المصرية المبذولة لتفعيل “الإطار الاستراتيجي القومي للصحة الواحدة” الذي تم الإعلان عنه في أبريل 2023، وتهدف هذه الخطة إلى تحويل أهداف الإطار الاستراتيجي إلى إجراءات عملية ملموسة من خلال تعزيز التعاون والتنسيق الفعال بين القطاعات المختلفة، موضحة أن الإطار الاستراتيجي للصحة الواحدة (2023–2027) الذي أعدته مصر يعكس الإيمان العميق بترابط صحة الإنسان والحيوان والبيئة، وتم تطوير هذا الإطار من خلال تعاون وثيق بين وزارات الصحة والسكان والزراعة والبيئة، بهدف تعزيز التنسيق بين القطاعات وبناء القدرات الوطنية وتحسين الجاهزية والاستجابة للمخاطر الصحية المشتركة مثل الأمراض الحيوانية المنشأ ومقاومة مضادات الميكروبات.

وأكدت مساعد وزيرة البيئة أن مصر تولي اهتمامًا كبيرًا لقطاعات الصحة والبيئة من خلال تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة في هذا المجال، حيث تشارك جميع الوزارات والجهات المعنية في هذا التوجه، الذي يعد أحد السبل الرئيسية في خطط التنمية الشاملة الجارية في البلاد، من خلال عدة محاور تشمل تحقيق متطلبات التنمية المستدامة عبر حماية الموارد الطبيعية والاستغلال الرشيد لها، والتوسع في استخدام التكنولوجيا النظيفة، ومشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، والاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها مصر، مثل إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بمنطقة بنبان بأسوان، بالإضافة إلى إنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع التي تعتمد كليًا على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتبني العديد من المبادرات التي تسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في مجالات عدة مثل مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في المخلفات الزراعية، والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، وأيضًا إنشاء سوق للسندات الخضراء بهدف مواجهة التغيرات المناخية ودعم نمو المشروعات الخضراء في مصر.

كما اتخذت مصر خطوات نحو التوجه للاقتصاد الأخضر من خلال مبادرة حياة كريمة وتنمية الريف المصري وتوفير مياه صالحة للشرب والصرف الصحي في القرى الأكثر احتياجًا، وعملت على تبني استراتيجية تتناسب مع رؤية 2030، وتنفيذ استراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، وتبطين الترع بهدف تحسين جودة الري والبيئة وجودة المنتج والمحافظة على الصحة العامة، وزيادة الاعتماد على وسائل النقل النظيفة من خلال التوسع في شبكات المترو والقطارات الكهربائية وتوطين صناعة السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى إعداد استراتيجية شاملة للهيدروجين، ووضع أولوية لتمويل المبادرات والمشروعات الاستثمارية الخضراء، في إطار رؤية الحكومة للتعافي الأخضر وتخضير خطة الدولة.

وأضافت أن المبادرات والفعاليات الدولية تعد وسيلة فعالة لخلق التقارب والتنسيق والدعم بين الدول، ومن هنا جاءت أهمية الدورة السابعة والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ، كعنوان كبير للجهود المصرية المبذولة على مدار السنوات الماضية للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، حيث استضافت مصر قمة المناخ في ظل اضطرابات عالمية فضلاً عن التغيرات المناخية ومحاولة العالم للتعافي من تداعيات جائحة كورونا، وكان المؤتمر دافعًا للدول المتقدمة للتحول من تقديم التعهدات إلى التنفيذ الفعلي وتعزيز الارتباط بين صحة الحيوان وصحة الإنسان، مما يؤثر على الأمن الغذائي والبيئة بشكل كبير، مؤكدة على أن تبني منهج سياسة الصحة الواحدة لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحة، ويتعين دمج قطاعات الصحة والزراعة والبيئة للخروج بسياسات تدعم الدول للحصول على رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ.

وعلى هامش مشاركتها في المؤتمر، عقدت الدكتورة شيرين فكري لقاءً مع السيد الحبيب عبيد، وزير البيئة التونسي، ناقشا خلاله سبل التعاون بين البلدين في مجال المخلفات، حيث قدم الوزير التونسي في بداية اللقاء التهاني للدكتورة ياسمين فؤاد لتوليها منصبها الجديد، مؤكدًا على تقديم الدعم الكامل لها في مهامها، واستعرض الوزير التونسي بعض الملفات البيئية في تونس، بينما عرضت مساعد الوزيرة جهود الوزارة في مجالات تحويل المخلفات إلى طاقة والمخلفات الإلكترونية ومنظومة جمع الزيوت المستهلكة وما تحقق من تقدم بارز في هذه الملفات، كما طلب السيد الحبيب عبيد دعم وزارة البيئة وتبادل الخبرات بين مصر وتونس في المجالات البيئية، خاصة في ملف المخلفات.

هذا وقد تم خلال المؤتمر إصدار إعلان قرطاج الذي يهدف إلى الاعتراف بأهمية نهج الصحة الواحدة المتكامل، ويدعو الإعلان إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين وزارات الصحة والزراعة والبيئة، إلى جانب دعم الشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية، وتشجيع الاستثمار في بناء القدرات البشرية والتقنية، وتعزيز تبادل البيانات والخبرات بين الدول، لتحسين الاستجابة المشتركة للمخاطر الصحية، كما يدعو إلى تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجالات الصحة الواحدة، لتوفير الأدلة وتحسين السياسات الصحية، فإدماج نهج الصحة الواحدة ضمن الاستراتيجيات والخطط الوطنية للتنمية والصحة يعد خطوة أساسية نحو تحقيق تنمية مستدامة وضمان صحة ورفاه الأجيال القادمة.

وقد شهد المؤتمر تنفيذ عدد من الجلسات والحلقات النقاشية منها “وجهات النظر العالمية والإقليمية حول تنفيذ الصحة الواحدة” و”ما الذي يمكن لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فعله بشكل أكبر لاعتماد نهج صحي واحد” و”الحفاظ على الموائل الطبيعية وإدارة الحياة البرية للحد من مخاطر الأمراض”، بالإضافة إلى عرض “قصص نجاح الصحة الواحدة: حوار حول التكامل والتعاون داخل الحدود وعبرها”، وجلسة بعنوان “من البحث إلى العمل: حلول مبتكرة لصحة واحدة”، و”تحديات وفرص الصحة الواحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.