مع استمرار تصاعد التوترات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل، تبرز “الحرب السيبرانية” كوجه جديد للصراع في عصرنا الحديث، حيث بدأ العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو الماضي، ومعه دخلت أدوات رقمية مثل اختراق الكاميرات والهواتف الذكية إلى ساحة المعركة، مما أضاف بُعدًا جديدًا لا يقل أهمية عن المعارك التقليدية، بل قد يتفوق عليها.

من نفس التصنيف: الخارجية الروسية تحذر من استعداد الاتحاد الأوروبي لصدام عسكري مع موسكو
بين اختراق الكاميرات واستخدام الإنترنت
في الأيام الأولى من العدوان، حقق الاحتلال الإسرائيلي اختراقات ملحوظة في أنظمة الاتصالات والمعلومات الإيرانية، وتمكن من اغتيال عدد من القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني، بينما قامت إيران بدورها باختراق الكاميرات الأمنية في إسرائيل، مما أتاح لها جمع معلومات استخباراتية حيوية لتنفيذ هجماتها.
اقرأ كمان: إيران تمتلك 3 مواقع لتخصيب اليورانيوم تكفي لصنع قنابل نووية وفقًا للوكالة الذرية
تُعتبر الكاميرات الآن سلاحًا فتاكًا في هذه الحرب الرقمية، حيث أكد الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، أن التكنولوجيا الحديثة مثل الكاميرات وأجهزة الإنترنت لم تعد مجرد أدوات مراقبة، بل أصبحت نقاطًا حيوية للاختراق والتجسس، وأضاف: “أجهزة إنترنت الأشياء، مثل الكاميرات، أصبحت أسلحة حقيقية في الحروب الحديثة”.
ساحة جديدة للحرب النفسية
لا تقتصر الحرب السيبرانية على اختراق الأجهزة فقط، بل تشمل أيضًا منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تيليجرام، تيك توك، وإنستغرام، حيث تستخدم الأطراف المتنازعة هذه التطبيقات كأدوات رئيسية في الحرب النفسية، وجمع المعلومات، وتحليل الرأي العام، وأوضح الدكتور رمضان أن هذه المنصات أصبحت “ساحة تجنيد الرأي العام” من خلال استهداف النشطاء والسياسيين وتحليل ردود الفعل العامة على الأحداث.
تُستخدم هذه المنصات لرصد تحركات الأفراد، ونشر الرسائل المضادة، وتنفيذ عمليات “الاختراق” الفكري، بتوجيه الرأي العام لصالح أحد الأطراف المتنازعة.
التطور السريع من الأسلحة التقليدية إلى التكنولوجيا الرقمية
كان الصراع الإيراني الإسرائيلي حتى وقت قريب يُقاس بعدد الطائرات المقاتلة، والصواريخ، وحجم العمليات العسكرية على الأرض، لكن مع ظهور الحرب السيبرانية، أصبح التحليل الرقمي واختراق البيانات من الأسلحة الرئيسية، واستشهد الدكتور رمضان ببعض التقارير التي تشير إلى تعطيل أنظمة الملاحة الجوية في إسرائيل، بالإضافة إلى تسريبات استهدفت كبار المسؤولين العسكريين في الجانبين.
قال: “الحرب لم تعد تُقاس بعدد الصواريخ أو الطائرات، بل بعدد قواعد البيانات المُخترقة، والكثير من البنى التحتية التي تعرضت للتدمير من خلال الهجمات الإلكترونية”.
ضغوط نفسية على جيوش العالم
تُعتبر هذه الصراعات جزءًا من “حرب سيبرانية شاملة”، حيث لا تقتصر العمليات الرقمية على استهداف الأنظمة العسكرية فقط، بل تشمل أيضًا تعطيل قدرات التحليل العسكري، ومنع الاتصال، وأحيانًا نشر الفوضى، وأضاف الدكتور رمضان: “الهدف في مثل هذه الحروب هو إحداث فوضى في النظام، وتعطيل قدرة الخصم على اتخاذ قرارات حاسمة”.
تزداد الأمور تعقيدًا مع دخول الهاكرز – سواء المدعومين من دول أو مستقلين – على الخط، مما قد يؤدي إلى مزيد من العمليات الهجومية من أطراف غير حكومية، مما يجعل المعركة السيبرانية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
الأمن السيبراني تهديد للأمن القومي
في تحليل لوضع الدول العربية في هذا السياق، أشار الدكتور رمضان إلى أن معظم الدول العربية ما زالت تتعامل مع الأمن السيبراني على أنه قضية تقنية بحتة، وليست تهديدًا للأمن القومي، حيث قال: “لا زلنا في مرحلة متأخرة عندما يتعلق الأمر بتطوير القدرات الرقمية لمواجهة هذه الحروب الحديثة”، ودعا إلى ضرورة إنشاء مراكز سيطرة وطنية رقمية، وتعزيز أمن البيانات، وتطوير أنظمة إنذار مبكر.
أضاف أنه حان الوقت للأمن السيبراني ليكون جزءًا من الاستراتيجيات الأمنية للدول العربية، خاصة في مواجهة التحديات المتزايدة من جانب القوى الإقليمية الكبرى مثل إيران وإسرائيل.