عبّر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عن استغرابه من تصريحات الرئيس الأمريكي حول أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، معبرًا عن عدم تصديقه لما ذكره ترامب بشأن تقديم مساعدات مالية لأديس أبابا.

مواضيع مشابهة: مطار العاصمة… إضافة مصرية جديدة إلى خريطة الطيران الدولي
أثار ترامب جدلاً واسعًا خلال الساعات الماضية، بعدما أعلن عبر منصة التواصل الاجتماعي تروث سوشيال أن الولايات المتحدة مولت بشكل غير حكيم سد النهضة الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية حادة مع مصر.
أمريكا لم تُساهم في سد النهضة
قال الدكتور عباس شراقي، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”: “أشك في صحة كلام ترامب، فكما هو معروف، أمريكا لم تُساهم في بناء سد النهضة، بل كانت تقدم مساعدات لإثيوبيا بالملايين، بينما تكاليف بناء السد تتجاوز مليارات الدولارات”
فشل مفاوضات مصر وإثيوبيا برعاية أمريكا
وأوضح أستاذ الموارد المائية أنه في عام 2020، جرت مفاوضات حول سد النهضة، وكان جزء منها في واشنطن، حيث كان ترامب هو الرئيس الأمريكي آنذاك، مضيفًا: “توصلنا إلى اتفاق، وكلفنا أمريكا والبنك الدولي بصياغته، على أن يتم التوقيع في 29 فبراير 2020”
وأشار شراقي إلى أن إثيوبيا لم تحضر يوم التوقيع وأبدت اعتراضها، مؤكدة أنها لن توقع، بينما كانت مصر والسودان حاضرين، مما أثار غضب ترامب الشديد، خاصة أن المفاوضات استمرت برعاية أمريكية لمدة أربعة أشهر، ولذلك قرر تجميد حوالي 25 مليون دولار من المساعدات.
المساعدات الأمريكية لإثيوبيا بأرقام هزيلة
أكد شراقي أن المساعدات الأمريكية لإثيوبيا تأتي بأرقام ضئيلة، ولم يُذكر أبدًا أنها ساهمت في بناء سد النهضة، متابعًا: “أشك في صحة هذا الكلام، فالمساعدات الأمريكية تتوجه نحو أنشطة أخرى، بينما تكلفة سد النهضة تفوق 8 مليار دولار، وعندما نرى مساعدات بقيمة 20 أو 30 مليون دولار، فهي نسبة لا تُذكر”
وأضاف الدكتور عباس شراقي: “لم يحدث أن أمريكا ساهمت بشكل كبير في بناء سد النهضة، خاصة في التمويل، ولا حتى البنك الدولي، لذا أرى أن تصريح ترامب غريب، فبينما كانت أمريكا راعية للمفاوضات لمدة أربعة أشهر، لم تتدخل بعد ذلك في الأزمة، حتى بعد تولي ترامب مجددًا، لم يُبذل أي جهد”
سد النهضة ليس في اهتمامات الإدارة الأمريكية
واصل تصريحاته قائلًا: “لم تحدث أي مفاوضات من ترامب أو الوزراء الأمريكيين، وإذا كان هناك دور أمريكي، لكانت مشكلة سد النهضة قد حُلت، وكانت الاتفاقية قد تمت، فبإمكان أمريكا حل المشكلة والتوصل إلى اتفاق في أيام قليلة، لكن سد النهضة ليس من أولويات الإدارة الأمريكية”
إدعاءات ترامب غير صحيحة
شدد على أن ترامب يدعي أنه يعمل على حل مشكلة سد النهضة والخلافات بين مصر وإثيوبيا، وهذا غير صحيح، والدليل على ذلك أننا لم نتوصل إلى أي اتفاق معه، مضيفًا: “توقفت المفاوضات تمامًا، والأمور هادئة، ولم نصل إلى اتفاق، والجهود الأمريكية فشلت فشلًا كبيرًا في فبراير 2020”
ترامب تسبب في اشتعال الأوضاع بالمنطقة
أبدى شراقي تعجبه من حديث ترامب عن استحقاقه لجائزة نوبل في السلام، قائلًا: “ما زالت الحرب دائرة بين روسيا وأوكرانيا، والحرب في غزة، أمريكا تشعل الحرب في غزة وإسرائيل تتمادى، والاعتداء على إيران بموافقة أمريكية، وكل شيء من أمريكا، وترامب هو من زاد من الحرب على غزة وساعد على ذلك، ولم يقم بأي ضغط على إسرائيل لحل هذه المشكلة أو وقفها، رغم أن أهل غزة تحت حصار الجوع والعطش، وهذا أقوى من الحرب”
وأوضح أستاذ الموارد المائية أن المساعدات الإنسانية لا تدخل غزة، وساهم الرئيس الأمريكي في الحرب الجديدة بين إيران وإسرائيل، بجانب الأحداث المشتعلة في السودان، مؤكدًا أن بؤر الصراع موجودة في العالم، وزاد ترامب منها وزاد من الوضع الاقتصادي الأسوأ بقراراته التي أحدثت اضطرابًا في السوق العالمي، مما تسبب في مشاكل بجميع دول العالم.
لا يوجد أي علامة على جهود أمريكية لحل الأزمة
وعن ما إذا كان حديث ترامب يُنذر بقرب حل الأزمة، قال الدكتور عباس شراقي: “لا توجد أي علامة على وجود جهود أمريكية في أزمة سد النهضة، وإذا كان يدعي أنه حل المشكلة، فهي لم تُحل حتى الآن، ولا توجد أي بوادر، ولم نرَ أن ترامب أرسل مبعوثًا إلى منطقة القرن الأفريقي أو مصر أو إثيوبيا لحل هذه الأزمة بشكل نهائي”
وأكد أستاذ الموارد المائية أن مشكلة سد النهضة قد تعود إلى السطح مرة أخرى خلال الأيام القادمة، خاصة بعد بدء موسم الأمطار، مضيفًا: “سنرى التصرف الإثيوبي من فتح بوابات وتخزين مياه مرة أخرى، مما سيظهر الأمر مرة أخرى في الأيام المقبلة، بدون أي جهود من أي دولة أخرى، وليس أمريكا فقط”
ممكن يعجبك: مراجعة شاملة في الفيزياء لطلاب الثانوية العامة لضمان امتحان مضمون وأهم الأسئلة
إثيوبيا تستعد لافتتاح سد النهضة رسميًا
قال شراقي: “لم نرَ أي مبادرات من أي طرف دولي للتدخل في قضية سد النهضة حتى الآن”، وتابع: “الحقيقة كنا نقول إنه يجب على وزارة الخارجية تشجيع بعض الأطراف للتدخل، لأن الصمت تمامًا في هذا الوضع في صالح إثيوبيا، خاصة أن سد النهضة تقريبًا انتهى، والتخزين تم في سبتمبر الماضي، ومنتظرين تركيب التوربينات، وسيحتفلون بذلك، وقد رأينا في منتصف مارس الماضي تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي بأن الافتتاح سيكون بعد 6 أشهر، أي في سبتمبر”
واختتم الدكتور عباس شراقي تصريحاته الخاصة قائلًا: “على أي أساس سيكون هذا الافتتاح، والسد انتهى على أي حال؟ وما هو الاتفاق مع مصر؟ لا يوجد أي اتفاق، وبالتالي لا يوجد أي تدخل سواء من أمريكا أو من غيرها لحل قضية سد النهضة حتى الآن”