قبل حوالي عشر سنوات، كانت مصر تمر بأزمة كبيرة في قطاع الطاقة، حيث سجلت في عام 2014 عجزًا كهربائيًا تجاوز 6 آلاف ميجاوات، مما تسبب في انقطاعات يومية للتيار الكهربائي، وكانت لها تأثيرات سلبية على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، لكن الدولة المصرية أطلقت منذ ذلك الحين استراتيجية طموحة لإصلاح وتطوير منظومة الكهرباء، أدت إلى طفرة غير مسبوقة في قدرات التوليد والربط والتصدير.

شوف كمان: ارتفاع سعر الذهب في سوق الصاغة اليوم 15 يونيو 2025 مفاجأة في بداية التعاملات
قفزة في القدرات الإنتاجية
بحلول نهاية عام 2024، ارتفعت القدرة الإنتاجية إلى نحو 59 ألف ميجاوات، مما أتاح فائضًا إنتاجيًا يُقدّر بنحو 23 ألف ميجاوات، هذا الفائض مكّن الدولة من تلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة خلال ذروة الصيف، حيث سجل الاستهلاك رقمًا قياسيًا بلغ 36 ألف ميجاوات، مع الحفاظ على قدرة كافية للتصدير الإقليمي.
الطاقة المتجددة ركيزة التوسع والتصدير
تعتبر الطاقة المتجددة أحد الأعمدة الأساسية في خطة مصر لتأمين الطاقة وتعزيز قدرتها التصديرية، ومن أبرز المشروعات مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، الذي يُنتج 1465 ميجاوات باستثمارات تجاوزت 2 مليار دولار.
أيضًا، أعلنت شركة تشاينا إنرجي عن الانتهاء من محطة شمسية في كوم أمبو بقدرة 560 ميجاوات، والتي توفر الكهرباء لنحو 256 ألف أسرة سنويًا، وتساهم في خفض انبعاثات الكربون بنحو 760 ألف طن، وفي يونيو 2025، وقّعت مصر اتفاقية مع شركة “سكاتك” النرويجية لشراء الكهرباء من مزرعة رياح شدوان بقدرة 900 ميجاوات، في إطار استثمارات تصل إلى مليار دولار.
الربط الكهربائي هو بوابة التصدير الإقليمي
وسعت مصر من مشروعات الربط الكهربائي مع الدول المجاورة، لتعزيز صادرات الكهرباء والاستفادة من الفائض، حيث ترتبط مصر حاليًا بشبكات مع الأردن وليبيا والسودان وفلسطين، بإجمالي قدرة تصديرية تقارب 600 ميجاوات.
وفي يونيو 2025، أعلنت مصر عن مضاعفة إمداداتها إلى الأردن لتصل إلى 400 ميجاوات يوميًا، لتعويض توقف الغاز الإسرائيلي نتيجة التوترات الجيوسياسية، كما يحقق مشروع الربط مع السعودية تقدمًا ملحوظًا، حيث بلغت نسبة تنفيذه 76.9% حتى مايو 2025، مع قدرة تبادل تصل إلى 3000 ميجاوات، مما يعزز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة.
تصدير الكهرباء لأوروبا
لا تقتصر طموحات مصر على السوق الإقليمي فقط، بل تسعى أيضًا لتصدير الكهرباء إلى أوروبا، ففي فبراير 2023، أعلنت شركة “سكاتك” النرويجية عن خطة لإنشاء خط كهرباء بحري بطول 900 كم، يربط مصر باليونان لنقل ما بين 2000 إلى 3000 ميجاوات من الكهرباء، اعتمادًا على فائض الطاقة المتجددة.
شوف كمان: غدًا آخر موعد للتقديم على شقق الإسكان المتنوعة
هذا المشروع يحظى بدعم الحكومتين المصرية والنرويجية، ضمن رؤية أوسع لتعزيز أمن الطاقة الأوروبي بالاعتماد على مصادر نظيفة من دول الجنوب، مستقبل واعد ومكانة متصاعدة.
تواصل مصر تنفيذ استثمارات ضخمة في مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية الكهربائية، في إطار رؤيتها للتحول إلى مركز إقليمي وعالمي للطاقة، ومع فائض إنتاجي كبير، وتوسع في خطوط الربط، وتموضع استراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، تمتلك مصر كل المقومات لتلبية احتياجاتها الداخلية، وتعزيز صادراتها من الكهرباء، والمساهمة في تحقيق أمن الطاقة الإقليمي والدولي.
هذه الطفرة لا تمثل مجرد إنجاز اقتصادي، بل تعكس تحولًا جذريًا نحو الاستدامة وتقليل الانبعاثات، وتضع مصر في موقع مؤثر على خريطة الطاقة العالمية في السنوات المقبلة.