على مر تاريخه الحافل بالمشاركات القارية، وجد النادي الأهلي نفسه في مواقف معقدة تُعرف بـ”حسبة برما”، حيث لا تتعلق هذه السيناريوهات بأداء الفريق وحده، بل تتداخل فيها نتائج الفرق الأخرى وفوارق الأهداف الدقيقة، بالإضافة إلى اللحظات الحاسمة التي قد تحدد مصير القلعة الحمراء نحو التأهل أو الإقصاء، لتصبح هذه المواقف رفيقًا دائمًا في مسيرة الأهلي.

من نفس التصنيف: شرط الزمالك يعطل انتقال زيزو إلى “نيوم” السعودي رغم الاتفاق
اليوم، يعود الأهلي ليواجه تحديًا مشابهًا في بطولة كأس العالم للأندية 2025، حيث يحتاج الفريق إلى تحقيق فوز حتمي على بورتو البرتغالي، إلى جانب انتظار خسارة إنتر ميامي الأمريكي أمام بالميراس البرازيلي، مع ضرورة تحقيق فارق أهداف يمنحه بطاقة التأهل الثمينة إلى دور الـ16، إنه تكرار مألوف لسيناريوهات باتت جزءًا من تاريخ النادي، حيث تتجلى خبرة الأهلي في التعامل مع هذه المواقف العصيبة، ورغم ذلك، تبقى الجماهير تتفاعل مع هذه اللحظات بتوتر وواقعية.
اقرأ كمان: الأهلي يرفض إدخال كريم الدبيس في صفقات تبادلية
“نيوز رووم” يستعرض أبرز المحطات التي خاض فيها الأهلي معارك التأهل الشرسة وسط حسابات متشابكة، في رحلة تمتد من بطولات دوري أبطال إفريقيا إلى كأس العالم للأندية، في سرد زمني يكشف كيف أصبحت الدراما جزءًا لا يتجزأ من هوية “نادي القرن”.
نادي القرن ودراما اللحظات الأخيرة
النهاية في الدار البيضاء (2002)
في نسخة دوري أبطال إفريقيا 2002، دخل الأهلي الجولة الأخيرة من مجموعته وهو يحتل المركز الثالث، وكانت مهمته واضحة لكنها شاقة: تحقيق الفوز على الرجاء البيضاوي المغربي في معقله بالدار البيضاء، بالتزامن مع تعثر فريق جان دارك السنغالي، آمال الجماهير كانت معلقة باللحظات الأخيرة، لكن التعادل أوقف مسيرته، ليُقصى الفريق رسميًا من البطولة، في نهاية مؤلمة رغم المحاولات.
التأهل بحسابات الصفاقسي (2006).
في دور المجموعات من نسخة 2006 لدوري أبطال إفريقيا، واصل الأهلي عادة “حسبة برما”، فبعد فوزه في الجولة الأخيرة على إنييمبا النيجيري، ظل تأهله كمتصدر مرهونًا بنتيجة مباراة الصفاقسي التونسي وأشانتي كوتوكو الغاني، فاز الصفاقسي 2-0، لتصبح الحسابات معقدة، لكن الأهلي نجح في حسم بطاقة الصدارة بفضل تفوقه في عدد الأهداف المسجلة، ليؤكد قدرته على التعامل مع الحاسبة.
هدف فلافيو في الدقيقة القاتلة (دوري أبطال إفريقيا 2008).
تعد هذه واحدة من أكثر نهايات المجموعات تعقيدًا وإثارة، حيث كان الأهلي متأخرًا بنتيجة 3-0 حتى الدقيقة 90+2 أمام الهلال السوداني في أم درمان، وهي نتيجة كادت أن تطيح به من البطولة، لكن الساحر فلافيو أنقذ الموقف بهدفه في اللحظات الأخيرة، ليقلب الحسابات، ورغم خسارة الأهلي بنتيجة 3-1، إلا أن هذا الهدف الثمين منحه التأهل بفارق الأهداف، في مشهد لا يُنسى من ذاكرة الجماهير.
2008 و2011 و2012 – ثلاثية المعارك الحسابية
في عام 2008، تأهل الفريق من مجموعة بالغة الصعوبة بعد تعادله 2-2 مع الزمالك، وهي نتيجة ضمنت له الصدارة في مجموعة كانت تتوقف نتيجته النهائية على مباراة أخرى بشكل كبير، مما يؤكد تغلبه على الحسابات المعقدة، وفي عام 2011، احتاج الأهلي للفوز على الترجي التونسي في مباراة حاسمة، لكنه اكتفى بالتعادل 1-1، مما اضطر الفريق حينها لانتظار تعثر الوداد المغربي مع مولودية الجزائر، ليحجز مكانه في الأدوار الإقصائية بشق الأنفس، في سيناريو آخر مليء بالتوتر، أما في عام 2012، فرض الأهلي كلمته المعتادة في المواجهات الكبرى، وفاز على الزمالك بهدف وحيد، لكن تأهله لم يكن كاملاً إلا بعد انتظار فوز مازيمبي الكونغولي على تشيلسي الغاني، ليؤكد الأهلي حضوره الدائم في هذه الحسابات.
الخروج في الدقيقة الأخيرة من الاحتمالات (2016).
لم تكن “حسبة برما” تبتسم دائمًا للأهلي، ففي دور المجموعات ببطولة دوري أبطال إفريقيا 2016، دخل الأهلي الجولتين الأخيرتين بعد خسارتين متتاليتين، مما وضع عليه عبئًا ثقيلاً، كان يحتاج إلى الفوز على الوداد المغربي وزيسكو الزامبي، مع تعثر المنافسين، فاز الأهلي بالفعل في مباراتيه، لكن تعادل الوداد مع أسيك الإيفواري حرمه من بطاقة التأهل بفارق نقطة واحدة فقط، في خروج مؤلم من دائرة الاحتمالات المعقدة.
التأهل من الباب الضيق (2018).
في نسخة 2018 من بطولة دوري أبطال إفريقيا، عاد الأهلي ليواجه “حسبة برما” من جديد، حيث احتاج الفريق للفوز على كمبالا سيتي الأوغندي، مع تعادل الترجي التونسي أمام تاونشيب رولرز البوتسواني، وهو ما تحقق بالفعل، حيث فاز الأهلي 2-0، وتعادل الترجي، ليصعد الأهلي متصدرًا مجموعته وسط أنفاس محبوسة لمحبيه حتى اللحظة الأخيرة.
بطاقة من أم درمان وسط الفوضى (2019-2020)
في نسخة 2019-2020، واجه الأهلي الهلال السوداني في أم درمان في مباراة حاسمة، كان التعادل يكفيه لضمان التأهل، بشرط عدم فوز النجم الساحلي التونسي بفارق كبير في مباراته الأخرى، التعادل تحقق 1-1، وتأهل الأهلي وسط أجواء عاصفة واقتحام للملعب في اللحظات الأخيرة، في مشهد يعكس التوتر الشديد الذي صاحب هذه “الحسبة”.
هدف الشحات يُنهي الصراع (2021-2022)
في مجموعة ضمت المريخ والهلال السودانيين وصن داونز الجنوب أفريقي بنسخة 2021-2022 لدوري أبطال إفريقيا، تعرض الأهلي لخسارتين قاسيتين من الفريق الجنوب إفريقي، دخل الأهلي الجولة الأخيرة بحاجة ماسة للفوز على الهلال السوداني، هدف حسين الشحات الثمين منح الأهلي التأهل بصعوبة كوصيف للمجموعة، ليثبت الأهلي مرة أخرى قدرته على حسم الأمور في اللحظات الحرجة.
ركلة جزاء ضائعة تمنح الحياة (2023)
في واحدة من أكثر نسخ البطولة درامية في عام 2023، كاد الهلال السوداني أن يطيح بالأهلي من البطولة، بعدما حصل على ركلة جزاء أمام صن داونز كانت كفيلة بتأهيله، لكن أطهر الطاهر أهدرها، ليمنح الأهلي فرصة ذهبية للبقاء في المنافسة، استغل الأهلي هذه الفرصة في القاهرة بفوز صريح منحه التأهل بفارق الأهداف، في لحظة “حياة أو موت” كروية.
“حسبة برما”: خبرة وتحدي لا يتوقفان
الواقع يُظهر أن الأهلي كثيرًا ما يجد نفسه وسط حسابات معقدة في البطولات الكبرى، بعضها انتهى بتأهل درامي ومثير، وبعضها الآخر شهد خروجًا مؤلمًا رغم المحاولات المستميتة، لكن الثابت أن الفريق يمتلك خبرة واسعة في التعامل مع تلك السيناريوهات الصعبة، وأنه لا يستسلم بسهولة تحت أي ضغط، ومع دخول الجولة الحاسمة في كأس العالم للأندية 2025، تبدو مهمة الأهلي ممكنة ولكنها شاقة للغاية، إذ تعتمد على أدائه القوي أولًا في مواجهة بورتو، وعلى نتائج الآخرين ثانيًا، إنه موقف معقد بامتياز، لكنه ليس جديدًا على الفريق الذي اعتاد اللعب تحت أقصى درجات الضغط، والذي كتب تاريخه الطويل بدراما “حسبة برما”.