منذ آلاف السنين، يُعتبر مضيق هرمز قلبًا نابضًا للتجارة الدولية، ومع اكتشاف النفط في القرن العشرين، أصبح واحدًا من أهم الممرات الحيوية على وجه الأرض، واليوم، ومع التصعيد المتزايد في الشرق الأوسط، يعود المضيق إلى الواجهة كأحد أكثر النقاط حساسية في العالم.

اقرأ كمان: محطة بوشهر النووية… مركز البرنامج النووي الإيراني على السطح
موقع استراتيجي يربط الخليج بالعالم
يقع مضيق هرمز في أقصى الشرق من الخليج العربي، حيث يفصل بين إيران شمالًا وسلطنة عمان جنوبًا، ويمتد بطول حوالي 280 كم، بينما لا يتجاوز عرضه في بعض المناطق 34 كم، ويربط المضيق الخليج العربي بخليج عمان والمحيط الهندي، مما يجعله البوابة البحرية الوحيدة للدول الخليجية المطلة على الخليج العربي.
أهمية لا تُقدّر بثمن في تجارة النفط
يعبر المضيق يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يقرب من ثلث صادرات النفط العالمية المنقولة بحرًا، ويُقدّر أن حوالي 80% من هذه الكميات تتجه إلى الأسواق الآسيوية، إضافة إلى ذلك تمر عبره كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال، خصوصًا من قطر، وفي حال تم إغلاق المضيق، فإن تداعيات ذلك ستكون فورية على أسواق الطاقة، حيث سترتفع أسعار النفط بشكل حاد، وستتأثر الدول المستوردة في آسيا وأوروبا بشكل مباشر.
النزاع الدولي حول المرور والرقابة
رغم أن القانون الدولي، وتحديدًا اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (1982)، يضمن حرية الملاحة عبر مضيق هرمز، إلا أن إيران تعتبر أن لها حق السيادة على جزء كبير من مياه المضيق، وقد طالبت مرارًا بحق مراقبة المرور فيه، وهو ما رُفض دوليًا، كما ترى إيران في المضيق ورقة ضغط دبلوماسية يمكن استخدامها في حال شعرت بأي تهديد مباشر.
التهديدات المتكررة بإغلاق المضيق
منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات وحتى التوترات الحالية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، هددت طهران أكثر من مرة بإغلاق مضيق هرمز، في حال منعت من تصدير نفطها أو تعرضت لهجوم عسكري، وفي كل مرة كانت هذه التهديدات تؤدي إلى ارتفاع حاد بأسعار النفط، كما أن إغلاق المضيق سيؤدي إلى توقف فوري لصادرات النفط والغاز من عدد من دول الخليج العربي، على رأسها السعودية، العراق، الكويت، قطر والبحرين، مما سيُحدث اضطرابًا واسعًا في سلاسل التوريد العالمية للطاقة ويؤدي إلى رفع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.
مقال له علاقة: ترامب يسخر من إدارة بايدن بسبب إنفاق ملايين الدولارات لتغيير جنس الفئران
محاولات لتقليل الاعتماد على المضيق
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات بإنشاء خطوط أنابيب بديلة تقلل من الاعتماد الكامل على مضيق هرمز، مثل خط أنابيب “شرق-غرب” في السعودية وخط “حبشان-الفجيرة” في الإمارات، إلا أن هذه البدائل لا تستطيع تغطية كامل الطاقة التصديرية للمنطقة، مما يجعل المضيق لا غنى عنه حتى الآن.
السيناريو الأسوأ: ماذا لو أغلقته إيران؟
إغلاق مضيق هرمز سيعتبر خطوة تصعيدية غير مسبوقة من إيران، وقد يُفهم كإعلان حرب، كما أن السيناريو الأكثر ترجيحًا سيكون ردة فعل عسكرية فورية من الولايات المتحدة وشركائها، بالإضافة إلى ضغوط دولية هائلة على طهران، مما سيؤدي إلى توقف صادراتها هي الأخرى، ما يعني خنقًا اقتصاديًا قد لا تحتمله على المدى الطويل، وبالتالي يبقى مضيق هرمز واحدًا من أكثر النقاط سخونة في الجغرافيا السياسية والاقتصادية العالمية، وبينما يسعى العالم لتفادي أي مواجهة عسكرية كبرى، يبقى المضيق ورقة ضغط إيرانية وهدفًا استراتيجيًا لأي صراع محتمل ومفتاحًا حاسمًا في معادلة الطاقة العالمية.