في 16 يونيو الجاري، أصدرت إسرائيل تحذيراً عاجلاً بإخلاء “المنطقة 3” شمال شرق طهران خلال ساعات، حيث يعيش في هذه المنطقة حوالي 300 ألف نسمة، وتحتوي على سجن إيفين المعروف بسمعته السيئة، الذي يحتجز نحو 15 ألف سجين، بينهم عدد كبير من المعتقلين السياسيين مثل الناشطة نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل للسلام.

مقال مقترح: سويسرا تفكر في بدء تحقيق حول صندوق المساعدات الأمريكية لغزة
بعد يومين من هذا التحذير، قام عدد من السجناء السياسيين في إيفين بإرسال رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة القضائية الإيرانية، حيث أكدوا غياب أبسط مقومات الأمان داخل السجن، مثل الملاجئ وأجهزة الإنذار وطفايات الحريق، وطالبوا بالإفراج عن المحكومين في قضايا غير عنيفة في ظل ظروف الحرب، متسائلين عن سبب غياب أي عفو رغم الظروف الاستثنائية.
وأوضح المحتجزون أن ظروف الحرب تستوجب تطبيق القوانين التي تنص على الإفراج الطارئ عن المعتقلين، محذرين من أن السجن غير مجهز لأي مواجهة حال وقوع غارات أو هجمات، فيما دعا مركز حقوق الإنسان الإيراني السلطات إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية حياة المعتقلين، كما وجهت السجينة السياسية مهوَش سيدال نداءً عاجلاً تحذر فيه من تبعات قانونية وسياسية إذا استمر تأخير التدخل.
مقال له علاقة: غارات إسرائيلية قوية تضرب الضاحية الجنوبية لبيروت في ظل تصعيد خطير
في سياق متصل، اعتبر المعارض علي رضا جعفر زاده السجناء السياسيين “رمزاً للمقاومة المنظمة”، مما يعرضهم لمزيد من التضييق من قبل النظام.
مخاوف من موجة إعدامات واسعة
يحذر مركز حقوق الإنسان الإيراني من استغلال النظام لأجواء الحرب لتنفيذ أحكام الإعدام المعلقة، حيث يوجد 54 شخصاً، بينهم ثلاث نساء، ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام منذ ما قبل اندلاع النزاع، وحذّر مدير المركز هادي قائمي من أن الحرب لا ينبغي أن تكون ذريعة لتصفية المعارضين.
ويشير المعارض جعفر زاده إلى تكرار سيناريو صيف 1988 الذي شهد إعدامات جماعية للسجناء السياسيين عقب الحرب الإيرانية-العراقية، عبر محاكمات سريعة لم تتجاوز دقائق.
ومنذ اندلاع النزاع، توثقت زيادة الاعتقالات، حيث سجلت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية توقيف 223 شخصاً على الأقل منذ 14 يونيو، بتهم تتعلق بالتجسس ودعم إسرائيل إعلامياً وتصوير مواقع حساسة.
ودعا رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي إلى محاكمات عاجلة وصارمة للموقوفين، بينما أقر البرلمان تشريعات لتشديد العقوبات على المتهمين بالتعاون مع إسرائيل.
تنفيذ الإعدامات مستمر رغم الحرب
في 16 يونيو، أُعدم إسماعيل فكري بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، بعد محاكمة استغرقت عشر دقائق فقط، وهو الرابع من نوعه خلال 2025، ما يعكس استمرار “آلة الإعدام” في العمل حتى في ظل ظروف الحرب، بحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية.
كما أكدت حملة “لا للإعدامات يوم الثلاثاء” تنفيذ 126 حكم إعدام منذ 22 مايو، في تصاعد مقلق يجمع بين القمع القضائي وتوترات الحرب، مع استمرار الإضرابات عن الطعام في 47 سجناً.
معتقلون يُنقلون إلى أماكن مجهولة
سجّلت التقارير الحقوقية حالات نقل وتعذيب داخل السجون، أبرزها الطالب علي يونسـي (25 عاماً) الذي نُقل من إيفين إلى مكان مجهول بعد تعرضه للضرب، ولا تزال عائلته تجهل مصيره، في دلالة على تزايد القمع في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
في ظل هذه التطورات، يستغل النظام الإيراني أجواء الحرب لتشديد قبضته الأمنية، في حين تتزايد الأصوات المطالبة بإنقاذ حياة السجناء السياسيين قبل أن تتحول السجون إلى “مقابر صامتة”.