في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، صوّت البرلمان الإيراني لصالح إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعتبر أحد أهم الممرات البحرية في العالم، وذلك بعد الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، ورغم أن القرار النهائي بيد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلا أن مجرد التلويح بإغلاق المضيق يثير قلقًا عالميًا واسعًا، بسبب تداعياته الاقتصادية والجيوسياسية العميقة.

ممكن يعجبك: الجوع يؤثر بشدة على اللاجئين السودانيين في معسكر “قاقا”
مضيق هرمز: شريان الطاقة العالمي
يربط مضيق هرمز بخليج عُمان وبحر العرب، ويُعد الممر البحري الرئيسي لتصدير النفط من دول الخليج، حيث يمر عبره يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات، أي ما يعادل 20% من الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية، كما يُستخدم أيضًا لنقل الغاز الطبيعي المسال، خاصة من قطر، التي تُعتبر من أكبر المصدرين عالميًا.
الضرر المباشر: دول الخليج أولًا
الدول الأكثر تضررًا من إغلاق المضيق تشمل السعودية، والإمارات، والكويت، والعراق، إذ تعتمد بشكل شبه كامل على هذا الممر لتصدير نفطها، ورغم وجود خطوط أنابيب بديلة مثل خط أنابيب شرق-غرب السعودي وخط أبوظبي-الفجيرة، إلا أن طاقتها الاستيعابية لا تتجاوز 2.6 مليون برميل يوميًا، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بإجمالي الصادرات الخليجية.
اقرأ كمان: نتنياهو يؤكد أن قرار ترامب بضرب المنشآت النووية الإيرانية صحيح وسيحدث تغييرًا تاريخيًا
الضرر غير المباشر: آسيا في قلب العاصفة
الدول الآسيوية الكبرى مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة من الخليج، والتي تمر عبر مضيق هرمز، وتشير التقديرات إلى أن 84% من واردات هذه الدول من النفط والغاز تمر عبر هذا الممر، مما يجعلها في صدارة المتضررين في حال تعطلت الملاحة.
أوروبا والولايات المتحدة: التأثر عبر الأسعار
على الرغم من أن أوروبا تستورد كميات أقل نسبيًا من النفط عبر المضيق، إلا أن أي اضطراب في الإمدادات سيرفع الأسعار عالميًا، مما ينعكس على تكلفة الطاقة والصناعة، أما الولايات المتحدة، التي تستورد نحو 700 ألف برميل يوميًا من المنطقة، فستتأثر بشكل مباشر من حيث الإمدادات، وبشكل أكبر من حيث ارتفاع الأسعار والتأمين البحري.
الانعكاسات الاقتصادية: صدمة نفطية محتملة
إغلاق المضيق قد يدفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، حيث تشير بعض التقديرات إلى إمكانية تجاوزها حاجز 150 دولارًا للبرميل، وربما أكثر في حال طال أمد الإغلاق، هذا الارتفاع سيؤدي إلى موجات تضخم عالمية، ويهدد بتباطؤ اقتصادي واسع، خاصة في الدول المستوردة للطاقة.
السيناريوهات المحتملة: تصعيد أم احتواء؟
رغم ذلك، يرى محللون أن إغلاق المضيق بالكامل قد يكون ورقة ضغط أكثر منه خيارًا استراتيجيًا فعليًا، نظرًا لاعتماد إيران نفسها على المضيق لتصدير نفطها، خاصة إلى الصين، كما أن أي تحرك عسكري لإغلاقه قد يواجه ردود فعل دولية حاسمة، لا سيما من الولايات المتحدة والأسطول الخامس المتمركز في البحرين، ومن المتوقع أن يحدث إغلاق المضيق اضطرابًا واسعًا في أسواق الطاقة العالمية، ويعيد رسم خريطة التحالفات الجيوسياسية.