ذكرت مجلة ذا أتلانتك الأمريكية أن الضربات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة في الساعات الأولى من يوم الأحد على ثلاث منشآت إيرانية حساسة، أدت إلى تعميق النقاش الداخلي في طهران حول مستقبل القيادة الإيرانية، خاصة فيما يتعلق ببقاء المرشد الأعلى علي خامنئي في الحكم.

مواضيع مشابهة: فيضان مدمر في أستراليا يتطلب تدخل طائرات الهليكوبتر لإنقاذ العالقين ومساعدة المزارعين
اجتماعات سرية.. وسيناريوهات ما بعد خامنئي
ونقلت المجلة عن مصدرين مطلعين أن اجتماعات سرية سبقت الهجوم الأمريكي، جمعت نخبة من رجال الأعمال الإيرانيين، وشخصيات سياسية وعسكرية، بالإضافة إلى مقربين من رجال دين نافذين، حيث ناقشوا خلالها سيناريوهات ما بعد خامنئي، سواء في حال وفاته وهو في الـ86 من عمره أو في حال إزاحته من السلطة.
ورغم أن الدستور الإيراني ينص على أن مجلس الخبراء، المكون من 88 رجل دين، هو الجهة الوحيدة المخولة بعزل المرشد، إلا أن عقد تصويت من هذا النوع في الظروف الحالية يبدو غير واقعي.
وفقًا للمصادر، هناك مساعٍ غير رسمية لتهميش خامنئي تدريجيًا، عبر ممارسة ضغوط داخلية لإجباره على تفويض سلطاته إلى قيادة بديلة مؤقتة.
تشكيل لجنة قيادية لوقف التصعيد العسكري
وبحسب التقرير، تم التوافق على تشكيل لجنة قيادية تضم عددًا محدودًا من كبار المسؤولين، لتتولى إدارة البلاد والانخراط في مفاوضات مع الولايات المتحدة لوقف التصعيد العسكري، خاصة الضربات الإسرائيلية المتكررة.
تشير المعلومات إلى أن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، رغم عدم مشاركته في الاجتماعات، يُطرح اسمه كخيار مرجح لقيادة هذه اللجنة، كما أن عددًا من العسكريين المتورطين في النقاشات كانوا على تواصل مستمر مع مسؤولين في دول كبرى، في محاولة لكسب دعم دولي لتغيير المسار السياسي والقيادي في طهران.
مواضيع مشابهة: سفير أمريكا لدى إسرائيل ينتقد باريس ويدعوها لإنشاء دولة فلسطينية على أراضيها
أيام خامنئي أصبحت معدودة
نقل أحد المشاركين في هذه اللقاءات عن ما يحدث قوله: “هناك قناعة تتزايد بأن أيام خامنئي أصبحت معدودة، حتى إن بقي في موقعه، فلن يتمتع بسلطة فعلية، إذ تعج العاصمة بالخطط والسيناريوهات، والاتصالات مع الأوروبيين مستمرة حول مستقبل البلاد”
بعد سلسلة الانفجارات التي ضربت نطنز وفوردو وأصفهان، أضاف المصدر ذاته: “الضربات الأمريكية قد تكون منحتنا فرصة أكبر لتهميش خامنئي، لكن الترقب والقلق يسودان المشهد، ولا شيء مضمون”
حرب الروايات بين طهران وواشنطن
بينما تحتدم حرب الروايات بين طهران وواشنطن حول مدى فاعلية الضربات، أكدت الإدارة الأمريكية أن العملية مثلت “نجاحًا استراتيجيًا”، وادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهجوم “دمّر البرنامج النووي الإيراني”.
في المقابل، قللت طهران من شأن الأضرار، مشيرة إلى أن المواد النووية كانت قد نُقلت مسبقًا، وأن المنشآت المحصنة صمدت أمام الضربات.
انقسام داخل أروقة السلطة الإيرانية
وكشف التقرير أيضًا عن وجود انقسام داخل أروقة السلطة الإيرانية بشأن كيفية الرد، إذ يطالب فريق بالتفاوض مع الولايات المتحدة حتى لو تطلب الأمر تجاوز خامنئي، في حين يرى آخرون أن عدم الرد سيفسر كضعف، ما قد يشجع على مزيد من الهجمات.
في هذا السياق، صرّح مصطفى نجفي، الباحث المقيم في طهران والمقرب من المؤسسة الأمنية، قائلاً: “إيران سترد، والحرب ستتوسع، حتى وإن كان ذلك لفترة قصيرة”
وأوضح أن طهران تجنبت حتى الآن جرّ الولايات المتحدة إلى صراع مباشر، وامتنعت عن استخدام وكلائها الإقليميين ضد المصالح الأمريكية، لكن الضربة المباشرة قد تغير هذه الاستراتيجية.
ورغم ذلك، تبقى خيارات إيران محدودة، فـ”حزب الله” اللبناني لم يُبدِ حماسة للانخراط في مواجهة مباشرة، والعراق منشغل في خضم انتخابات وطنية، ما يقلل من فرص تدخل الميليشيات الموالية لطهران هناك.
معاهدة حظر الانتشار النووي
يحذر بعض المسؤولين من أن إيران قد ترد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وتتبنى علناً خيار التسلح النووي، في خطوة تمثل تصعيدًا كبيرًا حتى من قبل بعض الأوساط المعتدلة.
ورجح التقرير أن تختار طهران ردًا رمزيًا، على الأرجح ضد قواعد أمريكية في العراق، وفقًا لما كشفه الخبير الإيراني مجتبى دهقاني، المقيم في أوروبا والمطلع على تفاصيل داخلية في القيادة الإيرانية.
لكنه أشار إلى أن مثل هذا الرد قد يفتح الباب أمام انهيار قيادة خامنئي، ويمنح فرصة لفصيل منافس للسيطرة على دفة الحكم والدخول في تسوية مع واشنطن.