يشهد مضيق هرمز توترًا متزايدًا في ظل التصعيد الجيوسياسي في منطقة الخليج، مما يثير مخاوف عالمية بشأن تداعيات إغلاقه على حركة نقل النفط وأسعار الطاقة عالميًا، وفي هذا السياق، ناقش خبراء في النقل البحري واقتصاديات البترول خطورة الموقف والسيناريوهات المتوقعة، وتأثيرات محتملة على الاقتصاد العالمي والمصري.

ممكن يعجبك: قرار مفاجئ في طهران بتغيير اسم شارع قاتل السادات إلى سيد حسن نصر الله
أهمية مضيق هرمز وتأثيره على أسعار النفط
قال عمرو السمدني، خبير النقل البحري واللوجيستيات، إن مضيق هرمز يعد من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يؤثر بشكل كبير على حركة ناقلات النفط، مشيرًا إلى أن أكثر من 90% من تأثيره ينعكس مباشرة على أسعار النفط عالميًا.
ارتفاع أسعار النفط يرفع تكلفة الشحن والاستيراد.
وأوضح السمدني، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، أن ارتفاع أسعار النفط يدفع شركات الشحن البحري إلى زيادة تكلفة النقل، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق المختلفة.
بدائل للملاحة حال غلق المضيق.
مقال مقترح: قادة العالم يعبرون عن حزنهم بعد تحطم الطائرة الهندية ومقتل جميع ركابها
وعن احتمالية غلق مضيق هرمز، أكد السمدني أنه لن تكون هناك أزمة زمنية كبيرة في رحلات النقل البحري، كما حدث مع غلق مضيق باب المندب، حيث يمكن للسفن أن تسلك طريق رأس الرجاء الصالح للرحلات القادمة من شرق آسيا أو المتجهة إليها، مع اختلاف زمني ليس بالكبير.
تأثير إغلاق باب المندب على قناة السويس.
وأشار السمدني إلى أن غلق مضيق باب المندب له تأثير واضح على قناة السويس، حيث يؤدي إلى انخفاض عدد السفن العابرة في البحر الأحمر، مما ينعكس سلبًا على زمن الرحلات والحركة الملاحية بشكل عام.
موقف شركات الشحن العالمية من تطورات المضيق
وأضاف أن شركة “ميرسك” العالمية هي الوحيدة حتى الآن التي أعلنت رسميًا استمرارها في استخدام طريق رأس الرجاء الصالح لنقل البضائع، مؤكدًا أنه لا توجد إفصاحات رسمية من شركات بحرية أخرى، نظرًا لعدم صدور قرار رسمي من السلطات الإيرانية بشأن غلق مضيق هرمز
.
تأثير الإغلاق على الاقتصاد الإيراني والاحتمالات الواقعية.
واختتم السمدني تصريحاته بالتأكيد على أن غلق مضيق هرمز، حال حدوثه، سيؤدي إلى خنق الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر، بسبب توقف منافذ تصدير النفط ومصادر الطاقة عبره، وهو ما ستكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي أيضًا، لكنه استبعد اتخاذ مثل هذا القرار، مرجحًا أن يكون مجرد تهديد أو تلويح سياسي في سياق التصعيد القائم، أكثر منه قرارًا فعليًا على أرض الواقع.
تداعيات كارثية على سوق الطاقة العالمية
قال الدكتور جمال القليوبي، الخبير في اقتصاديات البترول، إن إغلاق مضيق هرمز ستكون له تداعيات شديدة الخطورة على سوق الطاقة العالمي، وأوضح أن عملية الإغلاق ستؤدي إلى خلل كبير في آليات العرض والطلب، حيث سينخفض المعروض من النفط إلى أدنى مستوياته، ما سينتج عنه ارتفاع كبير في الأسعار على مستوى العالم
تداعيات عسكرية واقتصادية على الدول الكبرى.
وأشار القليوبي، في تصريحات خاصة لنيوز رووم، إلى أنه في حال حدوث إغلاق للمضيق، فستشهد المنطقة تواجدًا عسكريًا كثيفًا، وهو ما سينعكس سلبًا على اقتصادات العديد من الدول، وعلى رأسها اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند، وأكد أن هذه الدول، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، لن تسمح بفرض سيطرة إيرانية على المضيق أو إغلاقه تحت أي مظلة سياسية أو عسكرية
الآليات الدولية لمواجهة التهديد.
وأوضح أن هناك ثلاث آليات من المحتمل أن يتم تفعيلها لمواجهة هذا التهديد، أولها أن يقوم التكتل العسكري الدولي بإدانة أي محاولة لإغلاق المضيق والعمل على استدامة حركة الملاحة فيه، وفي حال استمر الجانب الإيراني في التعنت، سيكون هناك تدخل من مجلس الأمن الدولي لإدانة إغلاق المضيق أو أي محاولة للتحكم فيه، باعتبار أن هذه المضايق ممرات دولية تخدم مصالح اقتصادية لدول كثيرة
قوة دولية لتأمين الملاحة والتصدي للاشتباكات المحتملة.
وأكد القليوبي أن مجلس الأمن قد يلجأ إلى تشكيل قوة دولية لتأمين المضيق، على أن تكون قادرة على التعامل مع أي اشتباك محتمل مع الجانب الإيراني، وذلك لضمان استمرار الملاحة وتأمين الإمدادات النفطية
ارتفاع كلفة النقل والتأمين وتأثيرها على الأسعار.
وأضاف أن أسعار النفط سترتفع نتيجة قلة المعروض، كما أن حركة السفن ستكون أبطأ، وسترتفع معها كلفة التأمين على السفن والحاويات، وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة ستؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار النفط عالميًا
اللجوء إلى المخزون النفطي كحل مؤقت.
وتحدث القليوبي عن آلية ثانية للتعامل مع الأزمة، تتمثل في لجوء بعض الدول إلى استخدام مخزونها الفيدرالي من النفط مثل الولايات المتحدة والصين والهند، وذلك لضخ كميات محددة في السوق العالمية، لكنه أوضح أن هذه الحلول وقتية ولن تستمر لأكثر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وبعدها سيتم تقييم الوضع من جديد.
البحث عن بدائل للغاز من دول جديدة.
أما الآلية الثالثة، فتتمثل في توجه الدول المعتمدة على الغاز المسال القادم من المنطقة إلى البحث عن بدائل من دول أخرى مثل أنجولا، أستراليا، نيجيريا، موزمبيق، إندونيسيا وماليزيا، وأكد أن عقد صفقات جديدة من هذه الدول سيستغرق بعض الوقت، ولكنه قد يسهم في تخفيف حدة الأزمات، لا سيما في ملف انقطاع الكهرباء في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
تأثير غير مباشر محتمل على الاقتصاد المصري.
وفيما يتعلق بتأثير الوضع على مصر، أشار القليوبي إلى أن البلاد قد تتأثر بشكل غير مباشر بسبب تداعيات مضيق باب المندب، حيث من المتوقع أن تشهد هذه المنطقة أيضًا تكتلات عسكرية تؤدي إلى بطء حركة السفن، وهو ما سينعكس سلبًا على حركة الملاحة في قناة السويس، ويؤثر على الإيرادات المرتبطة بها.