رسائل إيرانية من خلال استهداف قاعدة «العديد» الأمريكية في قطر

في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في منطقة الشرق الأوسط، أعلنت إيران رسميًا أن هجومها الصاروخي الذي استهدف قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر قد أصاب أهدافًا داخل القاعدة، بينما نفت كل من الدوحة وواشنطن وقوع أي أضرار أو إصابات، يأتي هذا الإعلان في ظل أنباء متداولة عن وجود تنسيق مسبق بين الأطراف الثلاثة لتجنب تصعيد عسكري مباشر، وسط تقارير تشير إلى حرص إيران على توجيه رسالة سياسية رمزية دون تصعيد المواجهة.

رسائل إيرانية من خلال استهداف قاعدة «العديد» الأمريكية في قطر
رسائل إيرانية من خلال استهداف قاعدة «العديد» الأمريكية في قطر

النفي القطري والأمريكي

من جانبه، فقد صرح الدكتور أحمد لاشين، أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم” بأن إيران أكدت إصابة ثلاثة صواريخ أطلقتها على قاعدة العديد الأمريكية، رغم النفي القطري والأمريكي لوقوع أضرار أو إصابات، أوضح لاشين أن طهران كانت قد أبلغت الجانب القطري بنيتها تنفيذ الهجوم مسبقًا، وهو ما أكدته صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، وناقشته عدة منصات إعلامية دولية.

وأشار لاشين إلى أن الإعلان الإيراني يحمل رسائل سياسية عدة، موجّهة لكل من الداخل الإيراني والخارج، خاصة في ظل محاولات النظام الإيراني ترميم صورته بعد الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية داخل البلاد، والتي أحدثت اضطرابات في الخطاب السياسي الرسمي.

تحولات في لهجة الخطاب الإيراني

كما أشار إلى وجود تحولات في لهجة الخطاب الإيراني بخصوص “الخطوط الحمراء”، إذ انتقل الخطاب من رفض أي اختراق للحدود الإيرانية إلى اعتبار المنشآت النووية خطًا أحمر، قبل أن يحصره مؤخرًا في مسألة اغتيال المرشد الأعلى فقط، ما يعكس الضغوط التي تواجه صانع القرار السياسي والعسكري في طهران.

من جانبه، أوضح الدكتور جمال عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ”نيوز رووم” أن استهداف إيران لقاعدة العديد لم يكن يهدف إلى إلحاق ضرر عسكري مباشر، وإنما يحمل بعدًا رمزيًا مهمًا يعزز موقع طهران في معادلة الردع الإقليمية.

أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط

وأشار إلى أن قاعدة العديد تُعد أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، وتمثل رمزًا قويًا للوجود والنفوذ الأمريكي في الخليج، خاصة بعد زيارات وخطابات بارزة من شخصيات أمريكية رفيعة مثل الرئيس دونالد ترامب، أكد عبد الجواد أن إيران وجهت من خلال الهجوم رسالة سياسية واضحة دون السعي إلى وقوع خسائر بشرية، ما يعكس وجود تنسيق مسبق بين طهران والدوحة وواشنطن.

وأضاف أن إبلاغ الأطراف الثلاثة مسبقًا بالهجوم سمح لهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي وقوع إصابات أو أضرار، وأن طهران كانت واعية أن سقوط ضحايا، خصوصًا من الجنود الأمريكيين، كان سيؤدي إلى رد فعل عنيف وتصعيد مباشر.

استهداف قاعدة “العديد” الأمريكية.

وفي بيان رسمي، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن القوات المسلحة نفذت فجر الإثنين هجومًا صاروخيًا على قاعدة العديد ردًا على الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، مشيرًا إلى أن عدد الصواريخ المستخدمة يعادل عدد القنابل الأمريكية في الهجمات السابقة، مؤكدًا أن العملية “لا تشكل تهديدًا لدولة قطر الشقيقة”.

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع القطرية أن دفاعاتها الجوية اعترضت الهجوم دون وقوع أضرار، فيما نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر مطلع وجود تنسيق مسبق بين إيران وقطر وأطراف أمريكية تضمن إغلاق المجال الجوي القطري مؤقتًا خلال تنفيذ الهجوم، وذلك بهدف الحد من الخسائر وتفادي تصعيد الأزمة.

يُذكر أن هذا التطور يأتي في سياق تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، مع تبادل الضربات والتهديدات، وسط مخاوف إقليمية ودولية من تصعيد غير محسوب قد يؤثر على استقرار منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل عام.