الهدنة بين إيران وإسرائيل تواجه اختبارًا وسط مخاوف من المخاطر الاقتصادية

بعد تنفيذ وقف إطلاق النار بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني برعاية أمريكية ووساطة قطرية، دعا الكثير من خبراء الاقتصاد إلى أهمية الالتزام بهذا التوقف، محذرين من أن خرق الهدنة أو العودة إلى الصراع مرة أخرى سيؤدي إلى تدهور الاقتصاد على المستويين الإقليمي والدولي، كما حذر خبراء اقتصاديون من تأثير الصراع بين أمريكا وإيران على الاقتصاد المصري، سواء على المدى القريب أو المتوسط، في ظل التوترات القائمة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تجسدت مؤخرًا في الضربات العسكرية المتبادلة رغم التهدئة الحالية.

الهدنة بين إيران وإسرائيل تواجه اختبارًا وسط مخاوف من المخاطر الاقتصادية
الهدنة بين إيران وإسرائيل تواجه اختبارًا وسط مخاوف من المخاطر الاقتصادية

وأوضح الخبراء أن هذه التطورات قد تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، مما يؤدي إلى ضغوط على الجنيه المصري، بالإضافة إلى تهديد مباشر لقطاعات حيوية مثل السياحة وإيرادات قناة السويس، وذلك في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي هشاشة غير مسبوقة.

ومن جانبه، قال الدكتور علي عبد الرؤوف الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن التوترات الأخيرة المتمثلة في الضربات الأمريكية على إيران ورد الأخيرة باستهداف القواعد الأمريكية تمثل تصعيدًا خطيرًا في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة ذات حساسية شديدة على الصعيدين الجيوسياسي والاقتصادي.

وأوضح “الإدريسي” في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، أن هذا الوضع يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الوضع الاقتصادي في الشرق الأوسط، خاصة في مصر، سواء من ناحية حركة الاستثمارات أو سلوك المستثمرين تجاه الأصول الآمنة.

البحث عن الملاذات الآمنة

وأشار الإدريسي إلى أن تصاعد التوترات يدفع المستثمرين حول العالم إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب والدولار، مما ينعكس على السوق المصري أيضًا، موضحًا أن هناك ثلاثة مؤشرات واضحة على ذلك:

ارتفاع الطلب على الذهب محليًا وعالميًا

قال الإدريسي إن الذهب يمثل خيارًا رئيسيًا كملاذ آمن في أوقات عدم الاستقرار، ومع كل موجة تصعيد بين واشنطن وطهران يزداد الطلب العالمي عليه، وتوقع أن يشهد الذهب مزيدًا من الارتفاع في الأسعار، وهو ما سينعكس على السوق المحلي في مصر، ويدفع المواطنين إلى الاكتناز الذهبي باعتباره مخزنًا للقيمة في ظل الغموض الاقتصادي.

صعود الدولار

أوضح الخبير الاقتصادي أن الدولار الأمريكي يشهد عادة إقبالًا متزايدًا في أوقات الأزمات السياسية والعسكرية، باعتباره أكثر العملات استقرارًا، كما أن هذا الإقبال قد يؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار عالميًا، مما يزيد الضغط على الجنيه المصري، الأمر الذي سيرفع من كلفة الاستيراد ويفاقم الضغوط على الاقتصاد المصري.

ارتفاع أسعار النفط

وحذر الإدريسي من أن أي توتر في منطقة الخليج ينعكس سريعًا على أسعار النفط العالمية، ما يمثل عبئًا إضافيًا على مصر باعتبارها دولة مستوردة للطاقة، وأشار إلى أن ارتفاع أسعار البترول قد يؤدي إلى زيادة فاتورة واردات مصر النفطية، مما يعمق عجز الميزان التجاري، وقد يظهر ذلك في صورة ارتفاع أسعار الوقود محليًا ما لم تتخذ الحكومة خطوات استباقية لامتصاص الصدمة.

تأثيرات قصيرة ومتوسطة الأجل على الاقتصاد المصري

يرى الإدريسي أن مصر على المدى القصير قد تشهد خروجًا للأموال الساخنة وتراجعًا في شهية المستثمرين للمخاطر، خصوصًا في بيئة غير مستقرة، أما على المدى المتوسط فإذا استطاعت مصر الترويج لحالة الاستقرار السياسي والأمني التي تتمتع بها مقارنة بدول الجوار، فقد تجذب استثمارات بديلة كانت موجهة لدول مثل إيران أو العراق أو لبنان.

ومن جانبه، حذر الدكتور محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، من التأثيرات السلبية الواسعة للحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، مؤكدًا أن انعكاساتها لن تقتصر على أطراف الصراع فقط، بل ستمتد إلى العالم بأسره، بما في ذلك مصر، قائلاً: “العالم أصبح قرية واحدة، فما بالك عندما تكون جزءًا من هذه المنطقة المشتعلة؟”.

السياحة وقناة السويس في مرمى الخطر

وأضاف “البهي” في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، أن القطاع السياحي سيكون أول المتأثرين في مصر نتيجة هذه الحرب، لما لها من تأثير مباشر على حركة السفر والاستقرار الإقليمي، كما أشار إلى أن إيرادات قناة السويس معرضة لانخفاض كبير بسبب تردد السفن في المرور من خلال الممرات المائية القريبة من مناطق التوتر، خاصة مضيق هرمز.

أزمة محتملة في مدخلات الإنتاج

تابع البهي: “مدخلات الإنتاج سوف تتأثر أيضًا، لأننا جزء أصيل في هذه المنطقة، ولسنا بمعزل عن تداعيات الحرب”، مشيرًا إلى أن تأخير الشحنات أو تغيير مساراتها قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج واضطراب سلاسل التوريد.