من فشل 7 أكتوبر إلى نصر إيران.. ما هي قصة نتنياهو في فصله الأخير؟

لم يكن أكثر المتفائلين في معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوقع أن تتحول المواجهة مع إيران إلى وسيلة لإنقاذه سياسيًا، خاصة بعد أن كان هجوم حماس في 7 أكتوبر يهدد بإنهاء إرثه بالكامل.

من فشل 7 أكتوبر إلى نصر إيران.. ما هي قصة نتنياهو في فصله الأخير؟
من فشل 7 أكتوبر إلى نصر إيران.. ما هي قصة نتنياهو في فصله الأخير؟

حرب الأيام الاثني عشر

لكن “حرب الأيام الاثني عشر” مع إيران أصبحت فرصة ذهبية لإعادة تقديم نتنياهو كزعيم حازم، قائد يوجه ضربات جوية في عمق إيران، ويقنع الولايات المتحدة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما لم يتحقق من قبل.

يعتقد المحللون أن هذه العملية ستعيد صياغة إرثه السياسي بعد شهور من الاضطرابات والانقسام وتراجع الشعبية، ففي الهجوم الذي أمر به واستمر 12 يومًا، استهدفت إسرائيل منشآت نووية ومراكز لتصنيع الصواريخ، وقضت على قيادات عسكرية وعلماء داخل إيران.

ورغم الاتفاق بين طهران وتل أبيب على وقف إطلاق النار، وتبادل الاتهامات لاحقًا بشأن خرقه، سارع نتنياهو لإعلان “نصر تاريخي”، مؤكدًا أن إسرائيل باتت في مصاف القوى العالمية الكبرى.

هجوم حماس المفاجئ في أكتوبر

هذا التحول الخطابي يبتعد تمامًا عن المشهد الذي أعقب هجوم حماس المفاجئ في أكتوبر، والذي عُدّ أسوأ فشل أمني في تاريخ إسرائيل، وتسبب في انهيار شعبية نتنياهو التي بُنيت على صورة “حارس أمن الدولة”.

وقالت أستاذة العلوم السياسية بالجامعة العبرية، جايل تالشير، إن نتنياهو يحاول الآن محو ذكرى 7 أكتوبر بالكامل، مركزًا فقط على الإنجاز الإيراني.

لكن الحرب في غزة لا تزال قائمة، تذكّر الإسرائيليين بأخطاء الماضي، وتزيد الضغط على نتنياهو للتوصل إلى تسوية تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين، حيث كتبت إحدى الأمهات، عيناف زانجاوكر، على منصة “إكس” أن فصل السابع من أكتوبر لم يُكتب بعد، وأن إنهاء هذا الملف مسؤولية نتنياهو.

رغم ذلك، بدأ نتنياهو يحصد مكاسب سياسية داخلية من ضرب إيران، فقد أظهر استطلاع أن 83% من الإسرائيليين اليهود يؤيدون الهجوم، وتوقعت مؤسسات استطلاع أن تزداد فرص حزب الليكود في الانتخابات بعد أن كان مرشحًا لخسارة السلطة.

ووصف خبير الاستطلاعات ميتشل باراك، الذي عمل مع نتنياهو في التسعينيات، الهجوم بأنه “نقلة نوعية أعادت له قوة مفقودة”.

وفي غضون عشرين شهرًا فقط، نفذت إسرائيل عمليات شلّت حزب الله في لبنان، وألحقت خسائر كبرى بحماس، ودمرت أنظمة دفاعية في سوريا، والآن شنت هجومًا مباشرًا على إيران كان يعتبر في السابق مقامرة غير محسوبة.

مكاسب نتنياهو

ومن أبرز مكاسب نتنياهو إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمشاركة في الضربات ضد إيران، باستخدام قنابل لا يملكها سوى الجيش الأمريكي، وهو ما عجز عن تحقيقه لعقود.

وأضفى ترامب بعدًا تاريخيًا على المواجهة، مطلقًا عليها اسم “حرب الأيام الاثني عشر”، في تشبيه مباشر بـ”حرب الأيام الستة” عام 1967.

وبدأ حلفاء نتنياهو بالفعل في الترويج لرواية جديدة تصوّر هجوم حماس لا ككارثة، بل كـ”ناقوس إنذار” أيقظ إسرائيل وحرّكها لمواجهة خصومها إقليميًا، حسب ما صرح به أرييه درعي لقناة 14.

ومع ذلك، فإن الضغوط تتزايد الآن على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، والتي خلّفت – بحسب وزارة الصحة الفلسطينية – أكثر من 56 ألف قتيل، غالبيتهم من المدنيين.

ويتهمه خصومه بالمماطلة بهدف تجنّب المحاسبة السياسية عن تقصيره قبل الهجوم، حيث قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن على إسرائيل إنهاء الحرب وإعادة الرهائن وبدء مرحلة إعادة البناء.

كما أصبحت إسرائيل أكثر عزلة دوليًا نتيجة سياساتها في غزة، من منع دخول المساعدات الإنسانية إلى تدمير القطاع.

وكان ترامب قد دعا مرارًا في الأسابيع الأخيرة إلى وقف القتال، رغم تأييده السابق لحرب واسعة، لكنه اليوم يعد بفرض السلام في المنطقة ضمن حملته الانتخابية.

لكن حكومة نتنياهو لا تبدي أي نية للتراجع، وكتب وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش على “إكس”: “بكل قوتنا، نتوجه إلى غزة، لتدمير حماس واستعادة الرهائن”، وترى تالشير أن مستقبل غزة سيشهد صراع نفوذ بين ترامب وسموتريتش على التأثير في قرار نتنياهو

ويرجح محللون أن نتنياهو قد يستغل زخم العملية الإيرانية للدعوة إلى انتخابات مبكرة، لكن ميتشل باراك يرى أن توسيع أغلبيته الحالية في الكنيست سيكون خيارًا أكثر حكمة من “مقامرة الانتخابات”.