تسعى محافظة أسيوط بكل جديّة لإعادة إحياء كنوزها التاريخية، وذلك بهدف تعزيز مكانتها على خارطة السياحة المصرية والعالمية، فعلى الرغم من شهرتها بموقعها الزراعي الفريد في صعيد مصر، إلا أن الآثار النادرة والمواقع الدينية التي تضمها تجعل منها وجهة سياحية واعدة، إذا ما تم استثمار إمكانياتها بشكل فعّال.

من نفس التصنيف: “علام” يقوم بمراجعة ميدانية لاستعدادات بني سويف لصلاة عيد الأضحى
جبل أسيوط الغربي: الكنوز المصرية القديمة
تعود مقبرة “جفاي – حابي الأول” بجبل أسيوط الغربي إلى عصر الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة، وهي ليست مجرد موقع أثري، بل تمثل نموذجًا فريدًا للفن الجنائزي المصري القديم، حيث تتميز بتفاصيلها المعمارية الرائعة ونقوشها الملونة التي تحكي قصص الحياة والموت والسلطة في تلك الحقبة العظيمة، يبلغ ارتفاع المقبرة نحو 11 مترًا وطولها أكثر من 55 مترًا، وقد نُحتت بالكامل في قلب الجبل، وتحتوي على حجرات داخلية مزينة بزخارف مبهرة، وتتميز أيضًا بقربها من دير السيدة العذراء بدرنكة، الذي يُعد أحد أهم محطات مسار العائلة المقدسة، مما يفتح آفاقًا واسعة لدمج السياحة الأثرية والدينية في تجربة واحدة متكاملة.
مواضيع مشابهة: رئيس البرلمان العربي: المجازر المروعة بحق الشعب الفلسطيني تجاوزت الحدود
خطة تطوير شاملة
شدد المحافظ على أهمية وضع خطة تطوير شاملة للموقع، تتضمن تحسين البنية التحتية وتوفير وسائل الراحة للزوار مثل اللوحات الإرشادية والإضاءة المناسبة، بالإضافة إلى أعمال النظافة والتجميل العامة، وأكد المحافظ على ضرورة إدراج الموقع ضمن المزارات السياحية بالمحافظة، موضحًا أن “الكنوز الأثرية المدفونة في جبال أسيوط يجب أن تُرى وتُروى قصصها للعالم”، وقد ضمت الجولة قيادات تنفيذية وأثرية رفيعة، مما يعكس جدية التوجه الرسمي نحو دعم السياحة الأثرية في أسيوط.
مسار العائلة المقدسة
بالتزامن مع الاهتمام بالمقابر القديمة، تعمل أسيوط بنشاط على تطوير مسار العائلة المقدسة، والذي يُعتبر أحد أبرز المشروعات القومية، حيث يمثل دير السيدة العذراء بدرنكة نقطة محورية في هذا المسار، ولا يقتصر مشروع التطوير على الترميم والتجميل، بل يشمل أيضًا إعداد خدمات متكاملة من طرق ممهدة، أماكن إقامة، وإرشادات دينية وتاريخية، مما يعزز من فرص جذب السياح من داخل مصر وخارجها، خاصة من دول أوروبا الشرقية المهتمة بالسياحة الدينية.
تحديات وفرص: نحو مستقبل سياحي واعد
تحتاج المواقع الأثرية في أسيوط إلى دعاية وترويج مكثفين، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي بقيمة هذه الكنوز، حيث تُعتبر المقابر الفرعونية، الأديرة القديمة، الآثار الإسلامية، والمباني التراثية من العصرين العثماني والحديث، كلها عناصر جذب تتطلب منظومة متكاملة من التخطيط والبنية التحتية والدعاية الفعالة والتدريب المهني للعاملين في القطاع السياحي، وتعتزم محافظة أسيوط إطلاق حملة ترويجية متكاملة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، وتشجيع المستثمرين على إقامة فنادق ونُزل بيئية، كما تتطلب هذه النهضة كوادر بشرية مؤهلة في الإرشاد السياحي والخدمات المصاحبة، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال برامج تدريبية متخصصة.
تُعتبر الخطوات التي بدأت بها أسيوط مبشرة وضرورية، حيث يمكن أن تكشف المحافظة، التي لطالما عُرفت بطابعها الزراعي الهادئ، عن وجه سياحي جديد يطل على العالم من شرفة التاريخ العريق، ومن المتوقع أن يكون افتتاح مقبرة “جفاي – حابي الأول” وتطوير مسار العائلة المقدسة خطوتين بارزتين في هذه المسيرة الجديدة الواعدة.