في الساعات الأولى من يوم 13 يونيو، انطلقت من غرفة عمليات سرّية تحت الأرض بمقر سلاح الجو الإسرائيلي واحدة من أكثر العمليات العسكرية جرأة وسرية في العقود الأخيرة، حيث اجتمع كبار القادة لمتابعة تنفيذ مهمة “الزفاف الأحمر”، التي اختير لها هذا الاسم تيمناً بمجزرة مشهورة في مسلسل صراع العروش، وانطلقت الطائرات المقاتلة نحو قلب العاصمة طهران في مهمة دقيقة ومصيرية.

اقرأ كمان: انفجار كبير يضرب مصنع مواد كيميائية في مقاطعة شاوندونغ الصينية
عملية “الزفاف الأحمر”.
مواضيع مشابهة: الرئيس العراقي يحذر من أن أزمة المياه تهدد الأمن الوطني وتؤثر سلباً على الزراعة
الهدف الأول: القضاء على قادة إيران العسكريين
وبعد ساعات قليلة من الإقلاع، أكدت الاستخبارات الإسرائيلية مقتل عدد من كبار قادة الجيش الإيراني الذين كانوا مجتمعين في اجتماع أمني بطهران، وفق تقرير موسّع نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كانت هذه الضربة الأولى من عملية ثلاثية الأجزاء تهدف إلى إضعاف القيادة الإيرانية العليا.
الهدف الثاني: اغتيال علماء نوويين في عملية “نارنيا”
بالتزامن تقريباً، نفذت العملية الموازية المسماة “نارنيا”، التي استهدفت تسعة من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين داخل منازلهم بطهران، وقد وُصفت هذه الخطوة داخل الجيش الإسرائيلي بأنها غير واقعية من حيث التعقيد والتوقيت، ما يحسب لتخطيط دقيق للغاية.
عقدان من التخطيط
تعود جذور هذه العمليات إلى منتصف التسعينات عندما بدأت المخابرات الإسرائيلية بمراقبة التحركات النووية الإيرانية، ومع مرور السنوات، نشأت شبكة من التجسس، التخريب، والاغتيالات داخل إيران، بحسب اللواء عوديد باسيوق، مدير شعبة العمليات، فقد أدركت إسرائيل أنها بحاجة إلى ضربة استباقية منسقة، مشدداً: “كنّا نخطط منذ سنوات لتنفيذ ضربة تُسقط البنية التحتية النووية والعقول التي تديرها”
التحديات اللوجستية: الطيران والتزود بالوقود تحت الرادار
كان التهديد الأكبر للمخطط هو المسافة الطويلة أكثر من 1000 كيلومتر، توفر المناورات مثل “الإسبرطي المجيد” عام 2008، التي شاركت فيها مقاتلات F-15 وF-16، نموذجاً لتدريب الطيارين على التزود بالوقود جواً والطيران لتشكيلات دقيقة، ومع تصاعد قوة الدفاع الجوي الإيراني المدعوم بأنظمة S-300، كانت الخطة تمرّ بتحديثات متواصلة لضمان توازن عنصر المفاجأة والوضوح العملية.
تحضير “نارنيا”
بحلول عام 2023، تمكنت إسرائيل من توسيع شبكتها الاستخباراتية داخل إيران، تم تهريب مئات الطائرات الصغيرة المسيّرة وتخزينها بالقرب من مواقع استراتيجية، منها بطاريات الدفاع الجوي والمقرات العسكرية، وفي نوفمبر 2024، اجتمع أكثر من 120 مسؤولاً من الجيش والاستخبارات لوضع قائمة أهداف تضم ما يزيد عن 250 هدفاً تشمل العلماء، المنشآت، ومنصات الصواريخ.
خدعة “زفاف ابن نتنياهو”
ضمن عملية خداع ذكية، أعلن مكتب رئيس الوزراء بأنه لن يحضر زفاف ابنه أفنير، دون أن يعلم أنه تأجيل متعمد، في الوقت نفسه، سربت تل أبيب معلومات توحي بوجود خلاف بين نتنياهو وترامب بشأن الخيار العسكري وضرورة الضوء الأخضر الأمريكي، لتغطية الانطلاق، نشر ترامب على “تروث سوشيال” رسالة مفادها: “ما زلنا نؤمن بالحل الدبلوماسي للملف النووي الإيراني”، ما أعطى انطباعاً طمأن إيران حول احتمالية تأجيل الهجوم
مع اقتراب المقاتلات من طهران، تحرك قادة سلاح الجو الإيراني فجأة، مما أوحى باكتشاف الخطة، لكن بدلًا من الانكفاء، اجتمعت القيادة في مكان واحد، وبالتالي أصبحت مصيدة موثوقة، وسقطت الصواريخ بسرعة، موجهة أصابعها نحو قادة كبار وآخرين، بالتزامن تم استهداف العلماء في بيوتهم، باستخدام الطائرات المسيّرة أو فرق خاصة، ليُستكمل الهجوم بنجاح مذهل.
واستمرّت الحملة الجوية نحو 12 يوماً، شملت نطاقاً واسعاً من المنشآت النووية، منصات الصواريخ، ومواقع التصنيع العسكري، كما دعمت الولايات المتحدة الهجوم، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار بعد تحقيق أهدافها.