بنكهة تاريخية عميقة وطموح متجدد يلتقي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم مع نظيره المكسيكي في مواجهة مرتقبة ضمن منافسات الدور ربع النهائي لبطولة الكأس الذهبية 2025، على أرض ملعب “ستيت فارم” في ولاية أريزونا الأمريكية، حيث تُفتح صفحات ملف كروي يمتد لأكثر من ثلاثة عقود، لم يذق خلالها “الأخضر” طعم الانتصار على هذا المنتخب اللاتيني العنيد، الذي لطالما كان خصماً صعباً.

مواضيع مشابهة: جوميز يؤكد استمراره مع الفتح السعودي وفقًا لخبر صح
عقدة تاريخية.. ثلاثون عاماً من اللا فوز
منذ اللقاء الأول الذي جمع المنتخبين عام 1995 في العاصمة السعودية الرياض ضمن بطولة كأس القارات، والذي انتهى بفوز مكسيكي بهدفين دون رد، لم يتمكن السعوديون من فك شفرة “التريكولور” المكسيكي، الذي بات يملك اليد العليا تاريخيًا، الأرقام تتحدث بوضوح عن هذه العقدة المستمرة، ففي 6 مواجهات سابقة تنوّعت بين رسمية وودية، فشل المنتخب السعودي في تحقيق أي فوز، مكتفياً بتعادل وحيد كان بمثابة بارقة أمل سرعان ما تلاشت، مقابل خمس هزائم قاسية، خلال هذه اللقاءات لم يسجل “الأخضر” سوى 3 أهداف فقط، بينما استقبلت شباكه 16 هدفًا، ما يعكس بوضوح الفجوة الرقمية والفنية التي كانت تفصل المنتخبين في أغلب الفترات.
المواجهة الثانية جاءت لاحقًا في العام ذاته، خلال مباراة ودية أقيمت بلوس أنجلوس، وكررت المكسيك تفوقها بهدفين لهدف، مؤكدة على تميزها المبكر، لكن الأقسى جاء في كأس القارات 1997 بالرياض، حين ألحقت المكسيك بالأخضر هزيمة موجعة بخماسية نظيفة، هذا اللقاء لا يزال حاضرًا في الذاكرة الجماعية للكرة السعودية كأحد أصعب لحظاتها الكروية وأكثرها إيلاماً.
اقرأ كمان: الحضري يثني على أداء الشناوي في كأس العالم للأندية
بصيص أمل تلاشى.. وانتكاسات متعاقبة
رغم هذه النتائج القاسية، نجح المنتخب السعودي في تسجيل نتيجة إيجابية نسبية عام 1998، حين تعادل سلبيًا مع المكسيك في لقاء ودي أُقيم بمدينة كريتيل الفرنسية، هذا التعادل الوحيد قدم بارقة أمل خجولة بأن “الأخضر” يمكنه الصمود أمام هذا الخصم، لكنه لم يكن كافيًا لتغيير المسار العام للعلاقة الكروية بين المنتخبين، وبعدها بعام واحد فقط، كانت النتيجة الأسوأ في تاريخ المواجهات، حين سقط المنتخب السعودي مجددًا أمام المكسيك بنتيجة 5-1 في كأس القارات 1999 بالعاصمة مكسيكو سيتي، تلك الخسارة الفادحة أكدت من جديد اتساع الفجوة على مستوى الإعداد والخبرة والاحتكاك الدولي، ووطدت فكرة تفوق المكسيك المطلق.
قطر 2022.. لم تكن محطة الفرج الأخيرة
حتى في السياق الأكثر تنافسية وحساسية، في مونديال قطر 2022، عاد المنتخبان للتقابل وجهًا لوجه في الجولة الثالثة من دور المجموعات، السعودية دخلت تلك المواجهة بطموح هائل بعد بداية مذهلة بتحقيق انتصار تاريخي على الأرجنتين، كانت آمال التأهل للدور التالي تحلق عالياً، لكن المكسيك كانت أقوى ذهنياً وتكتيكياً في اللحظة الحاسمة، فبعد أداء قوي ومسيطر، حسمت المكسيك المواجهة بثنائية نظيفة، قبل أن يسجل سالم الدوسري هدف السعودية الشرفي المتأخر، لتُقصي المكسيك “الأخضر” من البطولة، وتجدد مرارة الهزيمة وتأكيد التفوق المكسيكي حتى في أهم المحافل الكروية.
“صقور رينارد”.. جيل مختلف هل يكتب التاريخ؟
واليوم، يستعد المنتخب السعودي لخوض واحدة من أصعب مواجهاته القارية أمام منتخب لا يعرف الفوز عليه، لكن الفارق هذه المرة يكمن في أن نسخة “الأخضر” الحالية تبدو أكثر نضجاً وتنظيماً واستقراراً، فالجيل الجديد تحت قيادة الفرنسي هيرفي رينارد قد قدم أداءً واعدًا في دور المجموعات من الكأس الذهبية، ونجح في تجاوز التحديات الفنية والبدنية ليبلغ ربع النهائي، مظهراً روحاً قتالية وقدرة على التطور، هذا الجيل، الذي يمزج بين الحماس الشبابي والخبرة المتزايدة التي يكتسبها لاعبوه، يتطلع إلى كتابة صفحة جديدة من تاريخ الكرة السعودية، الظروف قد تبدو مواتية أكثر من أي وقت مضى، في ظل تبدل ملامح المنتخبين وتطور “الأخضر” المستمر، فهل يكون ربع نهائي الكأس الذهبية 2025 هو مسرح كسر العقدة التاريخية وتحقيق أول انتصار سعودي على المكسيك بعد ثلاثة عقود من المحاولات؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة في أريزونا.