أباطرة صناعة الأدوية في مصر وتأثيرهم من السوق المحلي إلى المنافسة العالمية

في سوق يشهد نموًا متسارعًا وتحولات استراتيجية، تبرز مصر كقوة صاعدة في صناعة الدواء، مدفوعة بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبنية تحتية صناعية متطورة، وشراكات دولية متنامية.

أباطرة صناعة الأدوية في مصر وتأثيرهم من السوق المحلي إلى المنافسة العالمية
أباطرة صناعة الأدوية في مصر وتأثيرهم من السوق المحلي إلى المنافسة العالمية

ويقود هذا القطاع عدد من الكيانات الكبرى التي تُعرف بـ”أباطرة صناعة الدواء” في مصر، والذين لا يقتصر طموحهم على السيطرة على السوق المحلي، بل يمتد إلى التوسع الإقليمي والدولي.

قطاع صناعة الأدوية

تُعد مصر من الأسواق الناشئة الواعدة في قطاع صناعة الأدوية، حيث تحتل مكانة متقدمة بين دول إفريقيا، بفضل موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها بوابة لتوزيع الأدوية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتشير البيانات إلى أن سوق الدواء المصري شهد تطورًا ملحوظًا خلال عام 2024، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 43%، لتسجل 309 مليار جنيه مقارنة بـ216 مليار جنيه في 2023
بلغ حجم سوق الأدوية المصري في عام 2023 نحو 56.6 مليار دولار، بينما وصلت صادرات الأدوية والمستلزمات الطبية إلى نحو 432 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2024 فقط، وبلغ إجمالي صادرات الأدوية في عام 2023 حوالي 400 مليون دولار، ما يعكس مكانة مصر الاقتصادية المتنامية في هذا القطاع.

ويُتوقع أن يواصل السوق المصري نموه بمعدل سنوي مركب يبلغ 5.84% خلال الفترة من 2024 إلى 2029، ليصل حجمه إلى 2.045 مليار دولار بحلول 2029.

يستحوذ كبار المنتجين على أكثر من 70% من حجم المبيعات داخل السوق المحلي، بينما تتقاسم الشركات الصغيرة والمتوسطة النسبة المتبقية، ومن بين أبرز هذه الشركات: إيبيكو، فاركو، آمون، راميدا، المهن الطبية، النصر للأدوية، القابضة لتجارة الأدوية تابعان للقطاع الحكومي

91% اكتفاء ذاتي واستثمار في البحث والتطوير
 

يساهم كل من القطاعين العام والخاص في تغطية 91% من احتياجات السوق المحلي من الأدوية، فيما تُستورد النسبة المتبقية (9%) كمستحضرات تامة الصنع، وتستثمر الشركات نحو 20% من إيراداتها في البحث والتطوير، في سعي مستمر لاكتشاف أدوية جديدة تضمن استمرارية النمو والتنافسية.

الولايات المتحدة الأمريكية

تُعد الولايات المتحدة أكبر سوق وطني للأدوية في العالم، حيث تستحوذ على نحو نصف الإنفاق العالمي على الأدوية، في عام 2022، سجلت الإيرادات المحلية نحو 364 مليار دولار، وتضم خمسًا من أكبر عشر شركات أدوية عالميًا، مثل فايزر، موديرنا، وجونسون آند جونسون.

سويسرا

موطن لأهم شركتين عالميتين في صناعة الأدوية: روش ونوفارتس، بلغت صادرات سويسرا من الأدوية في عام 2022 نحو 93.8 مليار دولار، ما يجعلها ثاني أكبر مصدر دوائي عالميًا، وتتميز روش بريادتها في مجال أدوية السرطان الموجهة، فيما طورت نوفارتس أدوات تشخيصية متقدمة تدعم كفاءة العلاج

المملكة المتحدة

تُعد مركزًا رئيسيًا لصناعة الأدوية في أوروبا، وتحتضن شركات كبرى مثل أسترازينيكا وجلاكسو سميث كلاين، بلغت صادرات الأدوية البريطانية أكثر من 26 مليار جنيه إسترليني في 2023، بينما تجاوزت إيرادات السوق 65.5 مليار جنيه في 2022، كما استثمرت الشركات الإنجليزية 9 مليارات جنيه في البحث العلمي خلال نفس العام.

اليابان

ثالث أكبر سوق دوائي عالميًا بقيمة 106 مليارات دولار في 2021، وتُعرف شركات الأدوية اليابانية بريادتها في البحث والتطوير، حيث استثمرت 1.43 تريليون ين (نحو 10% من المبيعات) في البحث العلمي عام 2022.

اللقاحات في تحسين الصحة العامة

أكدت منظمة الصحة العالمية، أن التقدم في قطاع الأدوية ساهم في القضاء على أمراض مثل الجدري، ويجري العمل حاليًا على القضاء على 7 أمراض أخرى بفضل توفير اللقاحات
وقد تجلت أهمية الابتكار العلمي خلال جائحة “كوفيد-19″، حين قادت شركات الدواء العالمية تطوير اللقاحات خلال فترة زمنية قياسية، ما أنقذ ملايين الأرواح.

وتُعد برامج التطعيم، مثل لقاح شلل الأطفال، نموذجًا فاعلًا، إذ أسهمت في خفض الحالات بنسبة 99% منذ عام 1988، وتقلص عدد الدول الموطونة من 125 إلى دولتين فقط حتى عام 2023.

تتميز الدول الناشئة، مثل مصر، بتكلفة إنتاج منخفضة وتوفر الموارد البشرية المتخصصة، ما يجعلها بيئة خصبة للاستثمار في صناعة الأدوية، ومع الزيادة السكانية، وارتفاع الطلب المحلي، والتوجه نحو التصدير، تتعزز مكانة مصر كمركز إقليمي محتمل لصناعة الأدوية.