يعد النظام الصحي في مصر من الركائز الأساسية في جهود الدولة لتقديم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين، حيث يتكامل فيه القطاعان الحكومي والخاص لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، في ظل التحديات الديموغرافية والاقتصادية والصحية المتزايدة.

مواضيع مشابهة: رئيس الوزراء يهنئ نظيره السوداني بتوليه منصبه الجديد عبر اتصال هاتفي
تحديث رغم التحديات
يواجه النظام الصحي في مصر مجموعة من التحديات الهيكلية، أبرزها الضغط السكاني المتزايد، ونقص الكوادر الطبية في بعض المناطق، بالإضافة إلى التحديات التمويلية، ورغم هذه العقبات، تبذل الدولة جهودًا كبيرة لتحديث البنية التحتية الصحية، وتعزيز برامج التأمين الصحي، وتوطين صناعة الأدوية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتسعى الدولة إلى تحسين جودة الخدمات الصحية، وتعزيز التحول الرقمي في الإدارة الطبية والسريرية، بجانب توسيع نطاق الرعاية الصحية الأولية، لتكون خط الدفاع الأول في مواجهة الأمراض المزمنة والمعدية.
القطاع الحكومي
يمثل القطاع الحكومي العمود الفقري للنظام الصحي في مصر، ويضم مستشفيات عامة، ومراكز صحية، ووحدات رعاية أولية تابعة لوزارة الصحة والسكان، وتُقدم هذه الخدمات إما عبر التأمين الصحي أو برنامج العلاج على نفقة الدولة، باستثناء المحافظات التي تم فيها تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، والتي تُدار من قبل الهيئة العامة للرعاية الصحية.
التغطية التأمينية في تصاعد
بحلول منتصف عام 2025، بلغ عدد المنتفعين بالتأمين الصحي في مصر نحو 70 مليون مواطن، ما يعادل تغطية صحية لـ78% من السكان، ويُعتبر إدراج نحو 8.5 مليون مستفيد من برنامج “تكافل وكرامة” والعمالة غير المنتظمة ضمن منظومة التأمين الصحي نقلة نوعية في العدالة الاجتماعية، بتكلفة سنوية تُقدَّر بـ10 مليارات جنيه.
فئات المنتفعين
يشمل التأمين الصحي الفئات التالية:
العاملون في القطاع الحكومي: موظفو الوزارات والهيئات الحكومية، العاملون في القطاع الخاص: من خلال اشتراكات تُخصم من الرواتب، أسر العاملين: الزوجات والأبناء دون 21 عامًا، المواطنون غير القادرين: تتحمل الدولة اشتراكاتهم بالكامل.
شوف كمان: الطائفة الإنجيلية في مصر تندد بالتفجير الإرهابي في دمشق وتنعي شهداء كنيسة مار إلياس
برنامج العلاج على نفقة الدولة
بجانب التأمين الصحي، توفّر الدولة مظلة دعم إضافية من خلال برنامج العلاج على نفقة الدولة، المخصص للفئات غير القادرة وغير المؤمن عليها، ويشمل هذا البرنامج توفير الأدوية والعلاج للحالات المستعصية، الأمراض المزمنة، وإجراء العمليات الجراحية الحرجة، مع تقديم الدواء مجانًا أو مدعومًا عبر المستشفيات الحكومية والجهات التابعة لوزارة الصحة، وتسعى الحكومة إلى تحقيق تغطية صحية شاملة من خلال تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل تدريجيًا على مستوى الجمهورية، ويظل تحسين كفاءة النظام الحالي، واستدامة تمويله، وتدريب الكوادر الصحية من أولويات المرحلة المقبلة لضمان خدمة صحية متكاملة وعادلة لكل مواطن.
تمضي منظومة التأمين الصحي الشامل بخطى ثابتة، لتصبح أحد أبرز مشاريع الإصلاح الصحي في مصر خلال السنوات الأخيرة، وقد شهدت هذه المنظومة توسعًا ملحوظًا من حيث عدد المحافظات والمستفيدين، مما يعكس التزام الدولة بتقديم رعاية صحية متكاملة بأسعار مدعومة، وتحقيق العدالة الاجتماعية في خدمات الرعاية الصحية.
التوسع الجغرافي التدريجي
بدأ تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في محافظة بورسعيد عام 2019، لتكون أولى المحافظات التي شهدت التشغيل الكامل للنظام الجديد، ومنذ ذلك الحين، توسعت المنظومة لتشمل ست محافظات أخرى ضمن المرحلة الأولى، وهي:
بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، أسوان، والسويس، ضمن خطة طموحة لتعميم النظام على جميع محافظات الجمهورية بحلول عام 2030.
التغطية وعدد المنتفعين
بلغ عدد المنتفعين من المنظومة الجديدة في محافظات المرحلة الأولى نحو 5.43 مليون مواطن حتى منتصف 2025، في حين تجاوز إجمالي ما تم تقديمه من خدمات طبية عبر النظام 49.7 مليون خدمة، منها 30.1 مليون خدمة في طب الأسرة، مما يعكس التركيز على خدمات الرعاية الأولية باعتبارها حجر الزاوية في المنظومة الجديدة.
الخدمات الطبية والأدوية
يهدف نظام التأمين الصحي الشامل إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتقليل العبء المالي على الأسر المصرية، من خلال توفير خدمات طبية متقدمة بأسعار رمزية أو مجانًا، حسب فئة المنتفع، وتشمل المنظومة توفير الأدوية الأساسية والمستحضرات الطبية للمسجلين فيها، عبر المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لـ”الهيئة العامة للرعاية الصحية”، ويتم صرف الأدوية للمستفيدين إما بأسعار مدعومة أو مجانًا، وفقًا لسياسات التغطية التأمينية.
شراكة القطاع الخاص
تحرص الهيئة العامة للرعاية الصحية على تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتوسيع قاعدة تقديم الخدمات الصحية، وقد بلغ عدد مقدمي الخدمة المتعاقدين مع الهيئة 406 منشأة صحية، منها أكثر من 26% من القطاع الخاص، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة الخدمة وضمان التغطية الواسعة وجودة الأداء، وفيما يخص الأدوية الجدول أو بعض الأصناف مرتفعة الأسعار، تقوم الدولة بتوفيرها في صيدليات الإسعاف التي بلغ عددها 30 صيدلية تابعة للشركة المصرية لتجارة الأدوية، وهي تعمل على توفير الأدوية اللازمة للمرضى خارج نطاق التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، بأسعار أقل من الصيدليات التجارية.
الصيدليات العامة والخاصة
وهناك الصيدليات التجارية التي تخدم المواطنين بشكل مباشر وتبيع الأدوية وفق الأسعار السوقية، سواء كانت مدعومة أو حرة، وهي تلعب دوراً أساسياً في تلبية الطلب على الأدوية، خاصة تلك غير المشمولة في برامج التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، وتوفر أدوية متنوعة تشمل الأدوية المصنعة محلياً والمستوردة، وتقدم خدمات استشارية للصيدلي للمستهلك، وهي تشكل الصيدليات الخاصة جزءاً كبيراً من سوق الأدوية، وتلعب دورًا في سد الفجوات في توفير الأدوية خاصة في التخصصات غير المشمولة بالتأمين الحكومي.