أثارت تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، حول تنازل سوريا عن مرتفعات الجولان من أجل التطبيع مع تل أبيب جدلًا واسعًا حول موافقة الرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته على هذا الشرط الأساسي، جاءت هذه التصريحات في وقت تشير فيه التقارير إلى احتمال توقيع اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل قبل نهاية عام 2025، تتضمن انسحاب تل أبيب التدريجي من الأراضي السورية التي احتلتها بعد توغلها في المنطقة العازلة، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، وذلك بحلول ديسمبر عام 2024.

مواضيع مشابهة: جامعة هارفرد تسعى لإلغاء قرار «ترامب» بشأن تجميد تمويل الأبحاث الحيوية في المحكمة
صعوبة تطبيع سوريا مع إسرائيل
أكد المحلل السياسي السوري، الدكتور علاء الأصفري، في تصريحات خاصة لموقع “نيوز رووم”، أنه يرى صعوبة كبيرة في إمكانية أن تقوم الحكومة السورية بأي نوع من التطبيع مع إسرائيل في ظل احتفاظها بالجولان، مضيفًا: “الجولان هي منطقة سورية بامتياز ويجب أن تعود إلى حدود 1967”.
وأشار الأصفري إلى أن الأمر الثاني الذي يعقد مسألة التطبيع هو أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ليست لديها أي استعداد لعقد اتفاقية سلام عادلة وشاملة في المنطقة، لافتًا إلى اعتداءاتها اليومية على الفلسطينيين ولبنان، بالإضافة إلى أجزاء من سوريا، وأكد استشهاد مدني بالأمس نتيجة توغل إسرائيلي، كما تم اختطاف سبعة أشخاص من منازلهم.
الحكومة الإسرائيلية غير مستعدة للسلام
وشدد الأصفري على أن إسرائيل غير مستعدة للسلام، مؤكدًا أن المشكلة ليست في الحكومة السورية أو الحكومات العربية، بل تكمن في الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل التي لا تسعى للسلام، مضيفًا: “لا يمكن أن تقبل سوريا بسلام يعتمد على الاستسلام، بأن يكون هناك مجرد تعهد بعدم قصف المناطق السورية مقابل التطبيع، هذا مرفوض بشكل قاطع”.
تضارب التصريحات الإسرائيلية
وفي السياق نفسه، قال الباحث السياسي السوري بسام السليمان، إن التصريحات الإسرائيلية تتسم بالتضارب بشأن مفاوضات التطبيع مع سوريا، مضيفًا: “الحكومة السورية تفتقر إلى الشرعية اللازمة لتوقيع اتفاقية تتنازل فيها عن الجولان، نحن أمام تصريحات من حكومة يمينية متطرفة”.
وشدد السليمان على أنه لا يوجد أحد يمتلك الشرعية للتنازل عن أرضه في أي دولة، حيث إن هذا قرار شعبي عام وليس قرارًا من سلطة، متابعًا: “التصريحات الإسرائيلية تخدم أجندة معينة، ومن الواضح أننا أمام حالة استعجال واندفاع إسرائيلي نحو عقد صفقات سلام مع سوريا في هذه المرحلة”.
مقال مقترح: السعودية تندد باقتحام مسؤولين ومستوطنين لباحات مسجد الأقصى
استغلال مرحلة ضعف سوريا
ولفت السليمان إلى أن سوريا تمر بمرحلة ضعف على الصعيدين الداخلي والسياسي والاقتصادي، معبرًا عن تخوفه من محاولات إسرائيل لاستغلال هذه المرحلة لفرض أجندة تخدم مصالحها على حساب الدولة السورية، لكنه أكد أن الحكومة منتبهة لهذا الأمر، لذا تركز في مقاربتها على الأمن أولًا، ثم السلام، أي وقف الاعتداءات واحترام سيادة سوريا، قبل الدخول في مفاوضات سياسية وسلام ضمن الإطار العربي وليس بشكل منفصل.
الطلبات السورية
أما عن الاتفاق المحتمل والطلبات التي ترغب سوريا في تحقيقها مقابل التطبيع مع إسرائيل بوساطة أمريكية، قال الباحث السياسي: “في البداية، وحدة وسيادة الأراضي السورية هو شرط أساسي لأي حكومة سورية، وكذلك الأمن ووقف الاعتداءات الجوية والبرية، بالإضافة إلى وقف استغلال بعض مكونات الشعب السوري ضد بعضها البعض”.
وأضاف: “احترام السيادة سيكون أول بادرة، ثم يمكن الانتقال إلى المسار السياسي، أي أن المفاوضات ستكون في مسار تدريجي يبدأ بالأمن وينتهي بالسياسة، وأؤكد أن سوريا لن تكون بمفردها، وستتحرك ضمن الإطار العربي”.
واختتم بسام السليمان تصريحاته بالتأكيد على أن حالة الاستعجال لدى الجانب الإسرائيلي في عقد اتفاقيات مع دمشق قد تكون محاولة لفصل مسار سوريا عن المسار العربي، لكن دمشق وتوجهاتها واضحة، خاصة فيما يتعلق بالخليج.