الدنمارك تُجند النساء إجبارياً للمرة الأولى في التاريخ

بينما تمتد الغابات الكثيفة خارج العاصمة الدنماركية، تراقب كاترينا، الشابة البالغة من العمر 20 عامًا، الأفق بعناية بحثًا عن أي تهديدات محتملة، وفقًا لما ذكرته شبكة إن بي سي الأمريكية، وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من التدريب العسكري، أنهت كاترينا ووحدتها تدريباتهم النهائية في أوائل يونيو بالقرب من ثكنات الجيش الدنماركي في هوفيلتي، التي تبعد 25 كيلومترًا شمال كوبنهاغن.

الدنمارك تُجند النساء إجبارياً للمرة الأولى في التاريخ
الدنمارك تُجند النساء إجبارياً للمرة الأولى في التاريخ

وقد تطوعت كاترينا وجنديات أخريات للخدمة العسكرية في وقت سابق من هذا العام، حيث كان ذلك هو السبيل الوحيد لانضمام النساء إلى القوات المسلحة حتى الآن، وصرحت كاترينا لوكالة أسوشيتد برس في 11 يونيو بشرط استخدام أسمائهن الأولى فقط نظرًا لمتطلبات الأمن العملياتي.

زيادة عدد الشباب في الجيش

تسعى الدنمارك الآن لزيادة عدد الشباب في الجيش من خلال توسيع نطاق التجنيد الإجباري ليشمل النساء لأول مرة، ولا يزال بإمكان الرجال والنساء التطوع، وسيتم ملء الأماكن المتبقية عبر نظام قرعة عشوائية محايدة بين الجنسين، وأكدت كاترينا قائلة: “بالنظر إلى الوضع العالمي الآن، فهذا أمر ضروري، أعتقد أنه من العدل أن تشارك النساء على قدم المساواة مع الرجال”.

وبموجب القواعد الجديدة التي أقرها البرلمان الدنماركي في يونيو، سيتم إدخال النساء الدنماركيات اللواتي يبلغن 18 عامًا بعد يوم الثلاثاء إلى نظام القرعة، على قدم المساواة مع نظرائهن من الرجال، ويأتي هذا التغيير في ظل تصاعد العدوان الروسي وزيادة الاستثمارات العسكرية في دول حلف الناتو.

التهديد الروسي يلوح في الأفق

حتى في ظل الأمان النسبي للدنمارك، يظل غزو روسيا الشامل لأوكرانيا حاضرًا، فقد تسربت الدروس المستفادة من ساحات المعارك الأوكرانية إلى التدريبات العسكرية، وأوضحت كاترينا: “هذا يجعل الأمر واقعيًا جدًا”.

تم الإعلان عن الإصلاحات الخاصة بالمساواة بين الجنسين في الدنمارك لأول مرة في عام 2024 ضمن اتفاق دفاعي رئيسي، وكان من المتوقع تطبيق البرنامج بحلول أوائل 2027، لكن تم تسريعه ليبدأ في صيف 2025، وأكد العقيد كينيث ستروم، رئيس برنامج التجنيد الإجباري، لوكالة أسوشيتد برس أن هذا القرار يعتمد على “الوضع الأمني الحالي”.

وأضاف: “يمكنهم أن يشاركوا في جهود الردع الجماعي ضمن الناتو، وزيادة عدد المجندين من شأنه أن يعزز القوة القتالية”.

تضم الدنمارك، التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، نحو 9,000 جندي محترف، ومن المتوقع أن يؤدي النظام الجديد إلى ارتفاع عدد المجندين سنويًا إلى 6,500 بحلول عام 2033، مقارنة بـ4,700 في العام الماضي، وبموجب القانون الدنماركي، يتم استدعاء جميع الرجال الذين تجاوزوا سن 18 عامًا للخدمة العسكرية إذا كانوا يتمتعون بلياقة بدنية مناسبة، لكن نظرًا لوجود عدد كافٍ من المتطوعين عادةً، يتم استخدام نظام قرعة، لذا لا يخدم جميع الشباب، بينما كان بإمكان النساء فقط التطوع سابقًا، وشكلن نحو ربع دفعة عام 2024.

قالت آن صوفي، إحدى المتطوعات مع كاترينا: “من المحتمل أن يصاب بعض المجندين الجدد بالإحباط بسبب اختيارهم للخدمة في الجيش، وقد يفاجَأ البعض الآخر ويحب الأمر أكثر مما توقعوا”.

سيتم أيضًا تمديد مدة الخدمة من أربعة أشهر إلى 11 شهرًا، حيث سيخضع المجندون أولًا لتدريب أساسي مدته خمسة أشهر، يليه ستة أشهر من الخدمة العملياتية، بالإضافة إلى دروس إضافية.

تعزيز القدرات العسكرية

يأتي هذا القرار كجزء من خطة شاملة لتعزيز القدرات العسكرية في البلاد، ففي فبراير، أعلنت الحكومة الدنماركية عن خطة لتعزيز قواتها المسلحة من خلال إنشاء صندوق بقيمة 7 مليارات دولار، يهدف إلى رفع الإنفاق الدفاعي للبلاد إلى أكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ويتم تمويل أجزاء من برنامج التجنيد عبر ما يُعرف بـ “صندوق التسريع”.

أشارت الباحثة ريكا هاوجغورد من الكلية الملكية للدفاع الدنماركي إلى أن الوضع الأمني في أوروبا يتدهور، لدينا الصراع المستمر في أوكرانيا، وهناك تركيز على دول البلطيق، حيث تساهم الدنمارك بعدد كبير من الجنود، لذا أعتقد أنه جهد عام لتعزيز الدفاع الدنماركي، لكن هاوجغورد أشارت إلى وجود العديد من التحديات، مثل المعدات غير الملائمة ونقص في الثكنات الإضافية، بالإضافة إلى احتمال وجود حالات تحرش جنسي.

أضافت: “خلال العام أو العامين القادمين، سنقوم ببناء العديد من المنشآت الجديدة لاستيعاب كل هؤلاء الأشخاص، لذا ستكون عملية تدريجية”، وفي عام 2017، أعادت السويد المجاورة فرض التجنيد الإجباري للرجال والنساء بعد أن تحدثت حكومتها عن تدهور الوضع الأمني في أوروبا، بينما سبقتها النرويج في 2013 عندما أقرت قانونًا يجعل الخدمة العسكرية إلزامية لكلا الجنسين.