في مثل هذا اليوم من عام 2013، شهدت مصر واحدة من أبرز المحطات الفارقة في تاريخها الحديث، حيث خرج ملايين المصريين في مظاهرات شعبية حاشدة تطالب برحيل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، بعد عام من الأزمات والانقسامات ومحاولات “أخونة الدولة”.

من نفس التصنيف: وزير التموين يطمئن المواطنين بتوفر السلع وارتفاع المخزون الاستراتيجي تاريخياً
كيف بدأت ثورة 30 يونيو؟
انطلقت عام 2013 في مصر مظاهرات شعبية واسعة ضد الرئيس محمد مرسي، حيث طالب المتظاهرون برحيله وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تأسست حركة “تمرد” لجمع التوقيعات لسحب الثقة من مرسي، وأعلنت عن جمع 22 مليون توقيع، وتزامنًا مع الذكرى السنوية الأولى لانتخاب مرسي، خرجت المظاهرات في 30 يونيو، وتحولت إلى احتجاجات عارمة في جميع أنحاء البلاد.
أنقذت ثورة 30 يونيو الوطن من التفتت والحرب الأهلية والفتنة، ومن مخطط إخواني مشؤوم كان يُحاك لها، وذلك من خلال الدور الوطني الرائد الذي قامت به القوات المسلحة المصرية في مساندة ودعم ثورة 30 يونيو، وكما اعتادت على دعم طموحات المصريين وتطلعاتهم على مر التاريخ.
كانت ثورة 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار ثورة 25 يناير 2011، التي اختطفها الإخوان بعد انتخابات الرئاسة التي أُجريت عام 2012، وفي الوقت نفسه كانت مكملة لمبادئها التي نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لكن هذه المطالب التي كانت حلمًا للمصريين تحطمت أمام محاولات انتهت باختطاف الثورة والدولة وإرادة المصريين على أيدي الإخوان ونظام المرشد، الذين سعوا إلى “أخونة” مؤسسات الدولة والتحكم فيها.
كما كانت ثورة 30 يونيو المجيدة تعبيرًا عن تدشين مرحلة مفصلية في تاريخ الأمة المصرية، نقلتها من مرحلة الضياع والانهيار والتفكك وتكالب الأطماع عليها، إلى مرحلة من البناء والتنمية الحديثة المستدامة، وأكدت أن مصر تشهد تغيرات واسعة النطاق لبناء دولة حديثة وعصرية، وفقًا لأفضل المعايير العالمية، لتتمكن من اللحاق بركب التطورات العالمية التي يشهدها المجتمع الدولي، إيمانًا من القيادة السياسية بأنه لا يمكن الانفصال عن المتغيرات العالمية.
تسلسل الوصول ليوم 30 يونيو
سبق مظاهرات 30 يونيو العديد من الخطوات التي أدت بالنهاية لنجاح الثورة ومطالبها، حيث بدأت بالتالي.
• حركة تمرد: والتي تأسست في 26 أبريل 2013، بهدف جمع توقيعات لسحب الثقة من محمد مرسي
• مظاهرات 30 يونيو:تزامنت مع الذكرى السنوية الأولى لانتخاب مرسي، وشارك فيها ملايين المتظاهرين
• مطالب المتظاهرين:تمثلت في رحيل محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بالإضافة إلى مطالب أخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي
• تحول المظاهرات:بعد أن كانت سلمية، تحولت المظاهرات إلى اشتباكات وعنف في بعض المناطق
• ردود الفعل:خرجت مظاهرات مضادة من قبل مؤيدي مرسي وجماعة الإخوان المسلمين
• نهاية الثورة:أدت المظاهرات إلى عزل محمد مرسي وعزل السلطة التنفيذية والتشريعية وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئاسة مؤقتاً
جرائم الجماعة الإرهابية في عهد المعزول مرسي.
حصار المحكمة الدستورية
تعد من أبرز الجرائم التي ارتكبتها الإخوان خلال حكم “المعزول” الدخول في معركة شرسة مع القضاء المصري، ومحاولات تعيين نائب عام بدلاً من النائب العام عبد المجيد محمود، وسمى وقتها “النائب الخاص”، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حاصرت الإخوان المحكمة الدستورية العليا، ولم يتمكن مستشارو المحكمة من الحضور إلى مقر المحكمة بسبب الحصار الذي فرضه آلاف من المنتمين إلى جماعة “الإخوان”، مما دفع المحكمة إلى إرجاء النظر في الدعاوى التي تطالب ببطلان مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية للدستور آنذاك.
الإعلان الدستوري
أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012 إعلانا دستوريا يعزز صلاحياته ويوسع من سلطاته، ويحصن قراراته في مواجهة القضاء، مما أثار سخط وتنديد الكثير من الليبراليين والمسيحيين والحقوقيين، وقد أشعل هذا الإعلان الدستوري نيران الاحتجاجات مجددًا في الشارع المصري، وأعاد المتظاهرين إلى ميدان التحرير بعد نحو عامين من إطاحة حكم مبارك.
ما هي الصلاحيات التي يخولها ذلك الإعلان؟
يعين الرئيس النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، وألا يقل سنه عن 40 سنة، ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري.
يحق للرئيس اتخاذ أية تدابير أو قرارات “لحماية الثورة” كما ينص عليه القانون، كما يحصن هذا الإعلان الدستوري الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة من الرئيس حتى نفاذ الدستور، مما يجعلها نهائية ونافذة ولا يجوز الطعن عليها.
ويشمل الإعلان الدستوري النص على أنه “لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور”.
-مدد الإعلان الدستوري عمل الجمعية التأسيسية شهرين إضافيين لتنتهي بعد 8 أشهر من تاريخ تشكيلها، وليس 6 أشهر.
يحق للرئيس اتخاذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة أي خطر يهدد حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة، على النحو الذي ينظمه القانون، مما يمنح مرسي صلاحيات مطلقة لإصدار قرارات صارمة لمواجهة تلك الأخطار التي لم يُحددها الإعلان بشكل دقيق.
أحداث الاتحادية وسقوط دماء في عهد الإخوان
عقب إعلان مرسي “الإعلان الدستوري”، غضب المصريون، مما دفع المعارضين للإعلان الدستوري للخروج في مظاهرات أمام قصر الاتحادية، لتؤمر الجماعة شبابها بالهجوم على هؤلاء المعارضين، مما أدى إلى سقوط ضحايا ومصابين كثر، وكان دليلًا على دموية الجماعة، بعدما أقدمت على استخدام السلاح لضرب المعارضين، مما أدى إلى حدوث قتل وترويع أمام قصر الاتحادية دون تدخل من مرسي الذي سمح لشباب الجماعة بقتل المعارضين، وهي الواقعة التي حكم فيها بالسجن 20 عامًا على مرسي وقيادات إخوانية في قضية “أحداث الاتحادية”.
من نفس التصنيف: 449 مشروعًا تنمويًا ضمن خطة أسوان 2030 و575 مشروعًا في الأقصر 2040
أخونة الدولة ومؤسساتها
ظهر مصطلح “أخونة الدولة” وبدأ في التصاعد بعد محاولات جماعة الإخوان المستميتة بزرع قياداتها وعناصرها في مراكز القوى داخل الدولة المصرية، ومن أبرز الشخصيات التي هددت بفضح جماعة الإخوان بشأن “أخونة الدولة” هو الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي، الذي قال نصًا: “سنقف لعملية أخونة الدولة بالمرصاد، وعلى جماعة الإخوان المسلمين الكف عن إخفاء الحقائق التي يلمسها ويشاهدها عموم الشعب المصري، وإلا سننشر ملف أخونة الدولة”، بينما تحدث صلاح عبد المقصود، وزير الإعلام في تلك الفترة، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، في 20 ديسمبر 2012 بمجلس الشورى، بناءً على دعوة رئيس لجنة الثقافة والإعلام، نافيًا أخونة الدولة، قائلًا: «والله لو عندي إخوان لفضلتهم وأعطيتهم أولوية في التعيين، لأن عندي حكم قضائي يقول إن الإخوان المسلمين هم أقدر الناس في الوظائف العامة، وربنا يقول إن خير من استأجرت القوي الأمين.. أنا لو عندي إخوان في ماسبيرو كنت أعطيتهم الأولوية في التعيين للكفاءة، ولكن للأسف ما عنديش»
لكن بعد حوالي 8 شهور فقط على وصول رجل الجماعة إلى سدة الحكم، عيّن خلالها بالأمر المباشر 8 وزراء و5 محافظين و8 في مؤسسة الرئاسة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل نجح رجال جماعته في اختراق مفاصل 20 وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء، إضافة إلى تعيين 5 نواب محافظين، و12 رئيس حي ومركز، و13 مستشارًا للمحافظين.
استهدفت خطة الأخونة جميع المناصب من قمة السلطة متمثلة في رئاسة الجمهورية، حيث عمل داخلها 8 إخوان في مناصب مختلفة بدءًا من محمد مرسي نفسه، عضو مكتب الإرشاد، ورئيس حزب الحرية والعدالة، مرورًا بالمتحدث الرسمي، ومساعد الرئيس، ومكتب الرئيس، وانتهاءً بمستشاريه.
مشروعات قومية وإنجازات عهد السيسي
نجح الرئيس السيسي بدعم الشعب المصري بعد انتخابه في 2014، في تحقيق إنجازات ومشروعات عملاقة، وتم إعادة الاقتصاد المصري إلى مكانته، وحقق معدلات مرتفعة من النمو، واستعادت مصر علاقتها مع الدول الخارجية التي تدهورت إبان حكم الإخوان، وبدأت مسيرة التنمية الشاملة.
واصلت ثورة يونيو مسيرتها في البناء والإنجاز، بداية من قناة السويس الجديدة، وبناء ملايين الوحدات السكنية والمستشفيات والمطارات، والأنفاق العملاقة تحت قناة السويس، والموانئ والمصانع الكبرى، ونهضة عمرانية، وأكبر شبكة طرق وكباري في جميع أنحاء البلاد، وتحديث السكك الحديدية والنقل، والتوسع في التعليم، وإقامة العديد من الجامعات الجديدة، بالإضافة إلى المدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين والمنصورة وغيرها، إضافة لإقامة تجمعات سكنية حديثة بديلة للعشوائيات، وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وانخفاض عجز الموازنة وتراجع معدلات البطالة.