في إطار بناء الجمهورية الجديدة، تسير الدولة المصرية بخطى ثابتة نحو ترسيخ قيم المواطنة والمساواة بين جميع أبنائها، معززة تاريخها الغني وتنوعها الثقافي الذي جعل منها نموذجاً للوحدة والتعايش السلمي، وتعكس هذه الرؤية الشاملة للتنمية جهوداً غير مسبوقة لدعم الكنيسة المصرية، ليس من باب الشعارات فقط، بل عبر خطوات فعلية وأرقام رسمية تدل على مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية والبناء، وإنهاء تحديات استمرت لعقود طويلة.

مقال له علاقة: الأعلى للجامعات يناقش معادلة الدرجات العلمية ويقدم التفاصيل الكاملة
تحول تشريعي وعمراني
على مدار سنوات طويلة، واجهت الكنيسة المصرية تحديات كبيرة بسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة في بناء وترميم الكنائس، مما أدى إلى وجود آلاف الكنائس والمباني الخدمية غير مرخصة، الأمر الذي عرقل ممارسة الشعائر الدينية بسلاسة وأمن، لكن منذ عام 2014، بدأت الدولة المصرية في معالجة هذه الأزمة بشكل جذري، وكان المحور الأساسي هو إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس رقم 80 لسنة 2016، الذي وضع إطاراً قانونياً واضحاً ومنظماً لإنهاء حالة الغموض التي استمرت لعقود.
تبع هذا القانون تشكيل اللجنة الوزارية لتقنين أوضاع الكنائس برئاسة رئيس مجلس الوزراء، والتي شرعت في عملها منذ يناير 2017، لتحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
أرقام قياسية لإنجازات التقنين
على مدار السنوات، أعلنت اللجنة عن تقنين أوضاع آلاف الكنائس والمباني الخدمية، بما يعكس جدية الدولة في معالجة هذا الملف:
يناير 2017: تقنين أوضاع 53 كنيسة ومبنى خدمي
مايو 2018: تقنين أوضاع 550 كنيسة ومبنى
يناير 2019: تجاوز العدد 1214، تزامناً مع افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح
فبراير 2020: وصل العدد إلى 1578 كنيسة ومبنى
مايو 2021: ارتفع العدد إلى 1958
يناير 2022: تجاوز 2162 كنيسة ومبنى
مقال له علاقة: رئيس مدينة نجع حمادي يوجه بالتحقيق مع المختصين في الوحدة الصحية بالقناوية
أكتوبر 2023: وصل الإجمالي إلى 2619
مايو 2025: ارتفع العدد إلى 2748 كنيسة ومبنى خدمي على مستوى الجمهورية
هذه القفزة النوعية تمثل تحولاً تاريخياً في حقوق الطوائف المسيحية وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
بناء جديد في المدن الذكية ومراكز الخدمة
لم تقتصر الجهود على تقنين الكنائس القائمة فقط، بل شملت بناء كنائس جديدة تلبي احتياجات التوسعات العمرانية، في مدن الجيل الرابع مثل العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، وأسوان الجديدة، وأبرز هذه الإنجازات افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة في يناير 2019، والتي تعد الأكبر في الشرق الأوسط ورمزاً للعصر الجديد في مصر.
بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير دور المناسبات والمباني الخدمية الملحقة بالكنائس، لتوفير مساحات آمنة وكريمة للأنشطة الاجتماعية والاحتفالات المسيحية، مما يعزز دور الكنيسة في المجتمع.
تصريحات وتأكيدات على التقدم
الأب دوماديوس، كاهن كنيسة مارمرقس بأسوان، أكد في تصريحات خاصة أن ما تحقق خلال العقد الأخير يعكس إرادة وطنية قوية وعزيمة لا تلين، حيث تمكنت مصر من إرساء دعائم دولة المواطنة والتعايش السلمي، مؤكدًا أن القوة الحقيقية لمصر تكمن في هذه النماذج التي تجمع الجميع لبناء وطن مزدهر يقوم على العدل والمساواة.
شروط ومواعيد التقنين
تبدأ إجراءات التقنين بتقديم طلب رسمي من الجهة الكنسية مصحوبًا بالمستندات القانونية التي تثبت ملكية الأرض أو المبنى، مع الالتزام بالمعايير الهندسية والفنية المطلوبة، يشترط القانون أن يكون المبنى قائماً قبل صدور قانون 2016 أو ضمن فترة السماح، مع مراعاة عدم وجود مخالفات جسيمة وموافقة الجهات المختصة.
فوائد التقنين
يساعد التقنين على توفير الحماية القانونية للكنائس، تسهيل إجراءات الترخيص، تعزيز التعاون بين الدولة والكنائس، وحفظ حقوق الطوائف المسيحية في ممارسة شعائرها بحرية وأمان، إضافة إلى تنظيم العمل الكنسي وتقليل النزاعات القانونية.