في عالم كرة القدم، يُعتبر المجد القاري تتويجًا طبيعيًا لتفوق محلي طويل، لكن اللعبة تتجاوز أحيانًا المنطق، وقد يكفي موسم ملحمي واحد، أو لحظة تألق فني، لتفتح أبواب المجد أمام من لم يعرفوه محليًا من قبل.

شوف كمان: طارق يحيى وتأثيره في تاريخ وشخصية الزمالك في تحقيق البطولات
بيراميدز على نهج نوتنجهام فورست وأستون فيلا.. يكتب التاريخ
هكذا كُتب فصل جديد من هذه الحكاية، بعد تتويج نادي بيراميدز بلقب دوري أبطال إفريقيا لعام 2025، دون أن يسبق له التتويج بلقب الدوري المحلي، وهي مفارقة تضعه بجوار نوتنجهام فورست وأستون فيلا، اللذين سجلا فصولًا مشابهة قبل عقود، لكن في قارة أخرى.
بيراميدز.. مفاجأة القارة السمراء
في الأول من يونيو عام 2025، فاجأ نادي بيراميدز القارة الإفريقية بأسرها حين أطاح بعمالقة اللعبة وتُوّج ببطولة دوري أبطال إفريقيا، بعد ملحمة كروية في النهائي أمام ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي.
السماوي، الذي وُلد بشكله الحالي قبل أقل من عقد، دخل المنافسات القارية بثوب “النادي الثري الطموح”، لكنه كان دومًا يُنظر إليه كظاهرة صوتية محلية، ومع ذلك، وعلى عكس التوقعات، حصد اللقب الأغلى في القارة دون أن يسبق له وضع اسمه على درع الدوري المصري، الذي ظل حكرًا على الأهلي والزمالك لعقود طويلة.
أول نادي مصري يحقق لقب قاري دون تحقيق لقب الدوري المحلي
بيراميدز أصبح بذلك أول نادٍ مصري يحقق اللقب القاري قبل أن يُتوج بالدوري المحلي، وأول من يفعلها في الماما أفريكا منذ أكثر من 30 سنة، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هي لحظة انفجار مؤقتة أم بداية لزعزعة الهرم الكروي في مصر؟
ممكن يعجبك: أحمد جعفر يؤكد أهمية الفوز بكأس مصر قبل انطلاق الموسم
نوتنجهام فورست.. صانعو المعجزة الأوروبية
حينما نعود بالزمن إلى نهاية سبعينات القرن الماضي و بالتحديد في إنجلترا، كان فريق نوتنجهام فورست قد صعد للتو إلى الدوري الإنجليزي الممتاز “بشكله القديم”، لكن تحت قيادة الساحر براين كلوف، كتب الفريق قصة أسطورية لن تتكرر.
ففي عامي 1979 و 1980، فاز الفريق الإنجليزي بدوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين، متفوقًا على عمالقة مثل ليفربول وهامبورج، دون أن يُتوج في تاريخه كله بلقب الدوري الإنجليزي، الفريق الذي لم يعرف أبدًا طعم “الزعامة المحلية” بشكل رسمي، أصبح ملك القارة العجوز لوهلة، في مفارقة ظلت واحدة من أغرب ما حدث في تاريخ اللعبة.
المدهش أكثر، أن الفورست في بعض الأوقات خلال العقود الأخيرة يصارع من أجل البقاء في البريميرليج، وقد يغيب عن الصورة لسنوات، لكن مجده الأوروبي لا يُنتزع.
أستون فيلا.. اللقب القاري الوحيد وسط صمت محلي
من جهته، فاز أستون فيلا، النادي العريق من مدينة برمنجهام بلقب دوري أبطال أوروبا عام 1982، بعدما تفوق على العملاق الألماني بايرن ميونيخ في المباراة النهائية، في واحدة من أعظم الليالي في تاريخ الفيلانز، وللمفارقة أن هذا التتويج جاء رغم أن الفريق لم يكن قوة ضاربة في الدوري المحلي.
اللقب المحلي الوحيد للفيلانز
ونجح الفيلانز في التتويج بالدوري الإنجليزي مرة واحدة فقط عام 1981، لكنها كانت نسخة “ما قبل البريميرليج”، ما يجعل النادي حتى اليوم بلا أي لقب في النظام الحديث للدوري الإنجليزي، والنتيجة، نادي يملك لقبًا قاريًا من ذهب، لكنه غائب عن منصات التتويج محليًا منذ أكثر من 40 عامًا.
المجد لا يسأل عن التوقيت
بيراميدز، ومن قبله الثنائي الإنجليزي “نوتنجهام فورست وأستون فيلا”، ثلاثة نماذج تلغي مقولة “الزعامة تبدأ من الداخل”، فالمجد القاري لا ينتظر ختم التفوق المحلي، بل يطرق أبواب من يملك الجرأة والمغامرة والمفاجأة.
قد ترى هذه الأندية “غرباء عن عرش بلادهم”، لكنهم نجحوا في اقتحام القمة من باب آخر، باب سيظل مفتوحًا لكل من يؤمن بأن البطولات لا تُعطى للأكبر، بل تُنتزع من الأقدار.