أكد المحلل السياسي العراقي لقاء مكي أن الحرب بين إيران وإسرائيل والاعتداءات التي تعرضت لها بعض دول الخليج من إيران قد تكون بداية لترتيبات أمنية وسياسية إقليمية تضع روادع أكبر لحماية دول الخليج، وكتب مكي: “مضى أكثر من أسبوع على القصف الإيراني لقاعدة العديد في قطر، وقد غطت وقائع وقف الحرب وتحليل تداعياتها هذا الحدث الذي يعد مفصليًا في تحديد علاقة دول مجلس التعاون مع إيران، وخاصة مع قطر، حيث كان ذلك القصف أول حدث من نوعه تقوم فيه إيران بتوجيه نيرانها مباشرة لدولة خليجية، إذ تعرضت السعودية والإمارات لضربات من وكلاء إيران، مثل الحوثيين والفصائل في العراق، لكن أن تقوم طهران بتوجيه صواريخها لدولة خليجية مباشرة فهذا أمر غير مسبوق وغير مبرر، إذ استهدف ما يفترض أنها دولة على علاقة جيدة مع إيران”.

من نفس التصنيف: فرق الطوارئ في ليبيا تواصل جهودها لاحتواء تسرب نفطي جنوب الزاوية
وأضاف مكي: “قاعدة العديد مخصصة للقوات الأميركية، لكنها كانت خالية تمامًا من أي قوات أو معدات، ولم تستخدم لا هي ولا أي قاعدة أخرى في الخليج في الحرب على إيران، ورغم ذلك، فإن الدول العربية، وخاصة دول الخليج، وقفت مع إيران ونددت بالحرب الإسرائيلية، وكان من المتوقع أن يقابل ذلك بعض العرفان الإيراني، لكن ما حدث كان العكس تمامًا”.
واختتم مكي بالقول: “هذا الحدث دق جرس إنذار في عموم الخليج، ويعكس تجاوزًا خطيرًا لتقاليد علاقات قديمة ومستمرة، وقد يكون بداية لترتيبات أمنية وسياسية إقليمية تضع روادع أكبر لحماية دول الخليج، وهذا سيمثل عنصرًا جديدًا ومهمًا في معادلات الترتيبات الإقليمية المتوقعة”.
مضى أكثر من أسبوع على القصف الإيراني لقاعدة العديد في قطر، حيث غطت وقائع وقف الحرب وتحليل تداعياتها هذا الحدث الذي يعد مفصليًا في تحديد علاقة دول مجلس التعاون مع إيران، وخاصة مع قطر، حيث كان ذلك القصف أول حدث من نوعه تقوم فيه إيران بتوجيه نيرانها مباشرة لدولة خليجية، وقبل ذلك….
شوف كمان: كيف ساهم مقترح المبعوث الأمريكي في تقليل الفجوات بين إسرائيل وحركة حماس؟
— لقاء مكي (@liqaa_maki).
زيارة نتنياهو لواشنطن
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة نيفين وهدان، أستاذة العلوم السياسية، أن زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأمريكية واشنطن ولقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأتي في لحظة مفصلية تعكس تحركًا استراتيجيًا يعيد رسم معادلة القوة في الشرق الأوسط، تحت قيادة أمريكية لا تتبنى مناطق رمادية بل تفصل بين الحلفاء والخصوم بمنطق الحسم لا المساومة.
وأضافت وهدان، في تصريح خاص لـ”نيوز روم” أن اللقاء ليس مجرد مجاملة بروتوكولية، بل يمثل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من إعادة تشكيل الإقليم، مشيرة إلى أن ترامب منذ اليوم الأول في ولايته الثانية، عبّر بوضوح عن رغبته في استعادة السيطرة الأمريكية المباشرة على مفاصل القرار في المنطقة.
وأوضحت وهدان أن الإعلان عن هدنة مؤقتة في غزة قد يصدر عقب هذا اللقاء، وليس من القاهرة أو الدوحة، بل من البيت الأبيض نفسه، وذلك في إطار تقديم الهدنة كإنجاز أميركي إسرائيلي مشترك، يسمح لنتنياهو بالخروج من مأزق غزة دون تكبّد خسائر سياسية داخلية، ويعيد تقديم ترامب كرئيس “صانع للسلام” يفرض الحلول لا يقترحها فقط.
التهدئة في غزة لا تمثل نهاية المسار، بل تمهد لطرح سيناريوهات متجددة لإدارة غزة، من خلال ترتيبات أمنية وسياسية مدعومة أمريكيًا، مقابل حزم اقتصادية وإنسانية تدار بأدوات إقليمية ودولية، بينما تبقى مصر الطرف العربي الوحيد القادر على الربط بين الإعلان السياسي والتنفيذ الميداني، بما يحفظ لها مكانة اللاعب الأساسي في المشهد الفلسطيني.
وأشارت إلى أن إيران عادت إلى صدارة الاستهداف الأمريكي، ليس فقط كملف نووي بل كتهديد استراتيجي إقليمي، حيث ترى إدارة ترامب أن سياسات إدارة بايدن منحت طهران مساحة خطيرة للتمدد، وأن الرد يجب أن يكون مباشرًا، من خلال ضربات محدودة ودقيقة تستهدف مواقع إيرانية في سوريا والعراق، مع الإبقاء على خيار التصعيد مفتوحًا حسب رد الفعل الإيراني.
وترى الدكتورة وهدان أن هذه المرحلة الأميركية الجديدة تضع الأنظمة العربية أمام لحظة تموضع فارقة، في ظل إدارة لا تعتمد مبدأ التوازن بل الشروط الصريحة مقابل الدعم، داعية إلى قراءة متأنية للواقع الجديد، الذي تحكمه تحالفات حاسمة لا حسابات دبلوماسية.
وختمت الدكتورة بالقول إن زيارة نتنياهو إلى واشنطن بهذا التوقيت تعد إعلانًا عن مرحلة جديدة تدار من البيت الأبيض، بأدوات أكثر جرأة، في ساحة إقليمية باتت أكثر هشاشة، مما يمنح القرارات الأميركية تأثيرًا فوريًا قد يتجاوز ما تحقق بين عامي 2017 و2020، مضيفة أن إعلان الهدنة في غزة سيكون بمثابة عنوان رمزي لمرحلة تدار بمصالح إسرائيلية، وتُمرّر عبر أدوات إقليمية مضبوطة، فيما يبقى مستقبل المنطقة رهينًا لسرعة التموضع داخل هذه المعادلة الجديدة قبل أن يُفرض عليه التموضع من الخارج.