كشفت صحيفة المونيتور عن وجود مفاوضات جارية بين إسرائيل وسوريا تهدف إلى إعادة ترتيب الوضع الأمني في الجولان، حيث تسعى الأطراف إلى إعادة صياغة اتفاق الهدنة لعام 1974، ومناقشة إمكانية وجود قوات أمريكية كبديل عن القوات الإسرائيلية في بعض المناطق الاستراتيجية.

مقال له علاقة: طائرات مسيّرة روسية تهاجم كييف وتسبب إصابة 7 أشخاص وأضرارًا للمباني السكنية
اتفاق سلام محدود بدلًا من تطبيع شامل
وبحسب التقرير، فإن المحادثات لا تستهدف توقيع معاهدة سلام شاملة أو تطبيع كامل للعلاقات، بل تتناول صيغة “اتفاق شبه تطبيع” يضمن الحد الأدنى من التفاهمات الأمنية بين الطرفين، ويأتي ذلك في ظل صعوبة التوصل إلى تسوية كاملة بشأن مرتفعات الجولان المحتلة.
انسحاب إسرائيلي مشروط وقوات أمريكية بديلة
وتتضمن المفاوضات، وفقًا لمصادر دبلوماسية إسرائيلية وأجنبية، انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من الأراضي السورية، مقابل نشر قوات أمريكية وسورية في بعض المناطق، وخصوصًا في المنطقة العازلة التي تفصل بين الطرفين.
مقال له علاقة: انفجار سياسي في تل أبيب يتهم أولمرت نتنياهو بتحويل الجيش لأداة شخصية
وتقترح إسرائيل، ضمن هذه الترتيبات، استبدال وجودها العسكري في جبل الشيخ بقوات أمريكية، مع عودة قوات الحكومة السورية إلى المنطقة العازلة بشرط أن تظل منزوعة السلاح لمنع تسلل الجماعات المسلحة المعادية.
واقع جديد بعد سقوط نظام الأسد
وتشير الصحيفة إلى أن إسرائيل دخلت الجزء المتبقي من الجولان في عام 2024 بعد انهيار نظام بشار الأسد، لتسيطر فعليًا على كامل الجولان، بما في ذلك جبل الشيخ والمنطقة العازلة، وسبق أن ضمّت إسرائيل ثلثي الجولان بعد حرب 1967، وكرّست ذلك بقرار من الكنيست عام 1981، ثم حظي الاعتراف الأمريكي به عام 2019.
فرصة تاريخية أم مقامرة؟
وتجري إسرائيل مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وتُعد هذه المرحلة فرصة تاريخية لإنهاء عقود من العداء، إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تزال متوجسة من نوايا النظام الجديد.
ورغم الدعم الأوروبي الواضح، يبقى التردد الإسرائيلي حاضرًا بقوة، في ظل المخاوف من مخاطر أمنية محتملة وغياب الثقة بالقيادة السورية الجديدة.
الوساطة الأمريكية
ويلعب المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، دورًا محوريًا في الوساطة بين الطرفين، وتؤكد مصادر دبلوماسية إسرائيلية أن الطرفين يُظهران استعدادًا مبدئيًا للمضي قدمًا في العملية التفاوضية.
وترى إسرائيل أن اتفاق فصل القوات الموقع عام 1974 لم يعد صالحًا بعد التغيرات الميدانية وسقوط النظام السابق، وتُطالب بصيغة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الجديد والوجود العسكري الإسرائيلي الحالي.
شروط إسرائيل وضمانات أمنية مشددة
وتحرص تل أبيب على وضع شروط صارمة لانسحابها التدريجي، خاصة من المناطق الاستراتيجية، وتُصر على أن الوجود السوري في الجولان يجب أن يكون محدودًا، ومكوَّنًا من قوات خفيفة التسليح.
كما تسعى إسرائيل إلى ضمان بقاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح، مع احتمال نشر قوات دولية أو أمريكية للإشراف على تنفيذ الاتفاق ومنع أي خرق أمني.
ترى الصحيفة أن نجاح المفاوضات مرتبط إلى حد بعيد بانخراط الإدارة الأمريكية، وخصوصًا الرئيس السابق دونالد ترامب وفريقه، في تقديم الدعم والضمانات اللازمة، لا سيما فيما يتعلق بجدول الانسحاب الإسرائيلي والضمانات الأمنية.
ولا تزال الخلافات قائمة بين الجانبين، خاصة بشأن الجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق، وتحديد آلية التحقق من قدرة الجيش السوري على منع تسلل الفصائل المسلحة المعادية لإسرائيل.