تصريحات ترامب المفاجئة ودعوة آبي أحمد: القصة الشاملة لصراع سد النهضة

قبل أسبوعين، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعًا بتصريح له على منصة تروث سوشيال، حيث أشار إلى أن الولايات المتحدة قامت بتمويل سد النهضة الذي أنشأته إثيوبيا على النيل الأزرق، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية مع مصر.

تصريحات ترامب المفاجئة ودعوة آبي أحمد: القصة الشاملة لصراع سد النهضة
تصريحات ترامب المفاجئة ودعوة آبي أحمد: القصة الشاملة لصراع سد النهضة

وفي تغريدة له، عبر ترامب عن سعادته بإبلاغ الجمهور بأنه تعاون مع وزير الخارجية ماركو روبيو لترتيب معاهدة تاريخية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، في سياق صراع دموي استمر لعقود.

كما أضاف أن ممثلين من رواندا والكونغو سيتوجهون إلى واشنطن يوم الإثنين لتوقيع الوثائق، واصفًا هذا اليوم بأنه عظيم لأفريقيا والعالم.

دعوة مفاجئة لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة

لم يعلق الجانب الإثيوبي على تصريحات ترامب في ذلك الوقت، لكن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خرج اليوم بدعوة مفاجئة لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل.

انتهاء بناء سد النهضة

في تصريحات له أمام البرلمان الإثيوبي، أكد آبي أحمد انتهاء بناء السد، مشيرًا إلى أن الافتتاح الرسمي سيكون مع نهاية فصل الصيف، وأوضح أن هناك محاولات لتعطيل المشروع، لكنه شدد على أن هذه المحاولات ستفشل، وأن السد سيكون نعمة لمصر والسودان، داعيًا دول المصب للتعاون والاحتفال بهذه الخطوة التاريخية.

وأضاف أن التنمية والطاقة الناتجة عن السد ستعود بالنفع على جميع الدول المعنية، مؤكدًا أن سد أسوان المصري لم يستهلك قط لترًا واحدًا من مياه نهر النيل.

وأشار إلى أن إثيوبيا تسعى إلى النمو والازدهار دون الإضرار بمصر والسودان، مع الاستعداد المستمر للحوار والتفاوض والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل.

تعليق الجانب الإثيوبي على تصريحات ترامب

في السياق نفسه، أعلن مدير مكتب تنسيق مشروع سد النهضة، أريغاوي برهي، أن نسبة إنجاز المشروع تجاوزت 98.9%، مؤكدًا أن السد يمثل رمزًا للسيادة الوطنية والوحدة الشعبية الإثيوبية بعد 14 عامًا من العمل الجاد.

كما أضاف أن المشروع تم تنفيذه بالكامل دون الاعتماد على قروض أو مساعدات خارجية، ردًا على الانتقادات الأمريكية.

وكان ترامب قد انتقد علنًا التمويل الذي قدمته إدارات أمريكية سابقة للمشروع، واصفًا إياه بأنه “تمويل غبي”، زاعمًا أن السد يقلل بشكل كبير من المياه المتدفقة إلى مصر عبر نهر النيل.

أثارت تصريحات ترامب ردود فعل غاضبة من المسؤولين الإثيوبيين، الذين نفوا أي تمويل أمريكي للمشروع، مؤكدين أن السد بُني بجهود الشعب الإثيوبي.

تكذيبات لتصريح ترامب حول تمويل أمريكا لسد النهضة

كتب Habtamu Gurmu، مؤيد لحزب الرخاء، أن ترامب نشر ادعاءً على وسائل التواصل الاجتماعي، مدعيًا أن الولايات المتحدة قدمت تمويلًا لسد النهضة، وهذا البيان خاطئ تمامًا، حيث لا يوجد دليل موثوق يشير إلى أن الحكومة الأمريكية مولت المشروع بشكل مباشر.

فقد تم تمويل سد النهضة، وهو سد كهرومائي ضخم على نهر النيل الأزرق، في المقام الأول من قبل الحكومة الإثيوبية عبر السندات المحلية والمساهمات العامة، دون أي دعم مالي موثق من الولايات المتحدة.

يبدو أن هذا الادعاء جزء من نمط أوسع من المعلومات المضللة، والذي قد يهدف إلى تشكيل التصور العام أو تعزيز سرد سياسي، حيث كانت قضية سد النهضة موضوعًا خلافياً في حوض النيل، خاصة بسبب النزاعات بين إثيوبيا ومصر والسودان حول حقوق المياه وتأثير السد على تدفق المياه في مجرى النهر.

بينما انخرطت الولايات المتحدة في جهود دبلوماسية للتوسط في هذه التوترات، بما في ذلك استضافة المحادثات في عامي 2019 و2020 في ظل إدارة ترامب، إلا أنه لم يتم تخصيص أي مساعدات مالية لبناء السد، بل اقتصرت المشاركة الأمريكية على تسهيل المفاوضات دون أي التزامات مالية للمشروع، وقد يؤدي هذا الادعاء الكاذب إلى تضليل القراء حول السياسة الخارجية الأمريكية ودورها في مشاريع البنية التحتية الأفريقية.

كما أنه يخاطر بإثارة الحساسيات الإقليمية حول سد النهضة، بالنظر إلى التعقيدات الجيوسياسية المستمرة في القرن الأفريقي، للحصول على معلومات دقيقة، يُنصح بمراجعة البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية أو مصادر الحكومة الإثيوبية، التي تؤكد أن سد النهضة مبادرة ذاتية التمويل.

مشاركة أمريكية في التفاوض والتيسير – تيسير وليس تمويل

وعلى عكس ما ذكره ترامب، لم يكن هناك تمويل أمريكي لسد النهضة، بل كانت المشاركة تقتصر على التفاوض والتيسير فقط، ففي فبراير 2020، شارك وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في سلسلة اجتماعات ثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، بوساطة فنية مدعومة من البنك الدولي، بهدف التوصل إلى اتفاق حول “سد النهضة”، ولكن الهدف كان التفاوض على طرق التعبئة والتشغيل وليس تقديم تمويل أمريكي مباشر للمشروع.

إثيوبيا من مولت بنفسها لبناء السد

مُوِّل سد النهضة الإثيوبي بشكل أساسي من إثيوبيا، وليس الولايات المتحدة، حيث جمعت إثيوبيا الأموال عبر:

1. بيع سندات حكومية للمواطنين.

2. تبرعات عامة، بما في ذلك من المغتربين.

3. ضرائب وخصومات على الرواتب، وقدّمت الصين حوالي مليار دولار أمريكي للمعدات، لكن لا توجد أدلة موثوقة تشير إلى تورط مالي أمريكي، لم تتوسط الولايات المتحدة في محادثات تشغيل السد إلا في عام 2020، ويبدو أن مزاعم التمويل الأمريكي لا أساس لها.