مع اقتراب موسم الأمطار الغزيرة في الهضبة الإثيوبية خلال الأشهر القادمة، تزداد المخاوف بشأن تداعيات خطيرة لعملية تشغيل سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان، حيث يشير خبراء المياه إلى أن زيادة معدلات الأمطار ستدفع الجانب الإثيوبي لفتح بوابات السد لتصريف كميات كبيرة من المياه، مما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات مفاجئة تهدد الاستقرار المائي والزراعي في المنطقة.

ممكن يعجبك: طالبة تنهي حياتها بحبل في سقف الحوش بعد فسخ خطبتها في الأقصر
ويحذر المختصون من أن هذه الإجراءات قد تتم بشكل أحادي، دون أي تنسيق أو اتفاق مسبق مع القاهرة أو الخرطوم، مما يزيد من خطورة الموقف، خاصة مع وجود مياه مخزنة بالفعل داخل السد سيتم تفريغها لتجهيزه للملء الجديد.
فيضانات محتملة ومخاطر واسعة
وفي تصريحات للدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أشار إلى أن إثيوبيا قد تلجأ إلى تشغيل توربينات السد لتوليد الكهرباء، مما يعيد تدفق المياه نحو مصر والسودان، أو قد تختار فتح بوابات التصريف مباشرة لتفريغ الخزان، وفي كلتا الحالتين، فإن كميات المياه المتدفقة قد تؤدي إلى فيضانات مفاجئة، خصوصًا في السودان، الذي يُعتبر الأقرب جغرافيًا لموقع السد.
ويُخشى أن تسبب هذه الفيضانات أضرارًا جسيمة في الأراضي الزراعية للمزارعين على ضفاف النيل، إضافة إلى تهديد البنية التحتية في القرى والمراكز الواقعة في مجرى النهر.
كما تُشير بعض التقديرات إلى أن السيناريو الأسوأ قد يصل إلى تدمير آلاف الأفدنة وتعطيل موسم الزراعة، بل وحتى تهديد وجود بعض المناطق المنخفضة في السودان ومصر.
وفي تصريحات سابقة، أوضح الدكتور عباس شراقي أن موسم الأمطار قد بدأ بالفعل، بينما لا تزال توربينات السد غير عاملة حتى الآن.
وحذر شراقي قائلاً: “إذا اضطرت إثيوبيا لفتح البوابات العليا دفعة واحدة نتيجة تزايد الضغط، فسيحدث فيضان غير منظم يتجه مباشرة نحو السودان، مما قد يتسبب في كارثة إنسانية وبيئية واسعة النطاق”
وأشار إلى أن هذا الإجراء يعكس تجاهلًا تامًا لمبدأ التعاون المشترك ويُعد تهديدًا مباشرًا للأمن المائي المصري والسوداني، لافتًا إلى أن “إثيوبيا اتخذت قرارات أحادية منذ الملء الأول وحتى التشغيل، وهي الآن تُعلن بوضوح أنها انتهت من كل شيء دون أي اعتبار لمطالب مصر بالتوافق والعدالة”.
مخاطر استمرار التصرفات الأحادية
رغم اكتمال بناء السد، أكد شراقي أن مصر والسودان سيستمران في المطالبة باتفاق قانوني عادل وملزم، خاصة أن السد سيظل في حالة تشغيل وتفريغ مستمر في المستقبل، مشيرًا إلى أن عملية تشغيل التوربينات واستخدام مياه التخزين لتوليد الكهرباء ستستدعي بالضرورة إعادة ملء الخزان، مما يزيد الحاجة إلى تنسيق دقيق بين الدول الثلاثة.
اقرأ كمان: رئيس أركان حرب القوات المسلحة يجتمع برئيس هيئة الأركان المشتركة الإيطالية
كما أشار إلى أن استمرار التصرفات الأحادية من جانب إثيوبيا، دون التنسيق مع دولتي المصب، قد يؤدي إلى تهديد سلامة المنظومة المائية في حوض النيل ويزيد من احتمالات التصعيد.
عدوان مائي على مصر
وفي هذا السياق، وصف الدكتور عباس شراقي إعلان إثيوبيا اكتمال السد وافتتاحه رسميًا دون أي اتفاق مع مصر أو السودان بأنه “عدوان مائي على مصر”.
وأكد شراقي أن هذا الإجراء يعكس “تجاهلًا تامًا لمبدأ التعاون المشترك، ويُعد تهديدًا مباشرًا للأمن المائي المصري والسوداني”، مشددًا على أن إثيوبيا تمارس سياسة فرض الأمر الواقع منذ الملء الأول، وهي اليوم تُعلن انتهاء المشروع دون أدنى اعتبار لمطالب دول المصب بالعدالة والتوافق.