أعلنت وزارة الخارجية السورية، اليوم الجمعة، أن دمشق أبدت استعدادها للعودة إلى اتفاق فك الاشتباك مع إسرائيل، الموقع عام 1974، خلال اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بنظيره الأمريكي ماركو روبيو.

مقال له علاقة: عراقجي يؤكد استحالة قصف المنشآت النووية وإيران متمسكة بالتخصيب
وأفاد بيان الخارجية السورية، بأن أسعد الشيباني أعرب عن تطلع بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة من أجل تفعيل الاتفاق، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب السوري، والتي كانت محورًا للنقاش بين الطرفين.
ويُعد اتفاق فك الاشتباك، الذي وُقّع في 31 مايو 1974 في جنيف، بإشراف أممي، أحد أبرز التفاهمات التي تم التوصل إليها بعد حرب أكتوبر.
لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط الأساسي فيه، عبر جهود وزير خارجيتها آنذاك، هنري كيسنجر، الذي قاد وساطة مكوكية بين دمشق وتل أبيب.
ونص الاتفاق على فصل الاحتلال الإسرائيلي والقوات السورية في الجولان، وإنشاء منطقة عازلة تشرف عليها قوة الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك (UNDOF)، فضلًا عن تبادل الأسرى.
وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يتطرق إلى قضايا الحل النهائي، فإنه ساهم في استقرار الجبهة السورية لعقود، ولا يزال ساري المفعول رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة في السنوات الأخيرة.
ورغم مؤشرات الانفتاح، أكدت مصادر سورية رسمية لوسائل إعلام محلية، أن الحديث عن اتفاق سلام شامل مع إسرائيل في المرحلة الحالية يُعد سابقًا لأوانه، مشيرة إلى أن أي مفاوضات مستقبلية مشروطة بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي السورية المحتلة عام 1967، وعلى رأسها مرتفعات الجولان ومزارع شبعا.
تصاعد التوترات في جنوب سوريا جراء العدوان
وتصاعدت الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، مستهدفة مواقع عسكرية تابعة للجيش السوري، ومصنفة ذلك على أنه جزء من جهود لمنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية في الجنوب.
كما نفذت إسرائيل عمليات توغل بري في محافظات دمشق والقنيطرة ودرعا، وسيطرت مؤقتًا على أجزاء من المنطقة العازلة، وصولًا إلى تنفيذ مداهمات قرب الحدود.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية، أن سوريا لا تضع استعادة الجولان المحتل بالكامل كشرط مباشر في محادثات السلام، بل تطالب إسرائيل بالاعتراف بشرعية الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع والانسحاب من مناطق جنوب سوريا التي دخلتها منذ يناير الماضي.
كما تطالب دمشق بترتيبات أمنية واضحة في الجنوب، خصوصًا في المثلث الحدودي مع الأردن وإسرائيل، إلى جانب الحصول على دعم أميركي، لم تُحدد طبيعته بعد.
الجولان.. عقدة التسوية
ورغم هذه المبادرات، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أن الكيان لن يدخل في أي مفاوضات بشأن مستقبل الجولان، الذي ضمّته إسرائيل رسميًا، في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي سوى من الولايات المتحدة، حيث كانت المطالب السورية بالانسحاب الكامل من الهضبة الاستراتيجية من أبرز عوامل فشل محادثات السلام السابقة.
وبحسب قناة “i24NEWS”، فإن دمشق تطالب بتسليم ثلث أراضي الجولان التي احتلتها إسرائيل قبل توقيع اتفاق فك الاشتباك عام 1974، ونقلت القناة عن مصدر مقرّب من الرئيس الشرع قوله إن “لا سلام بلا مقابل”.
سيناريوهات مطروحة للتسوية.
وكشف المصدر السوري عن طرح سيناريوهين أساسيين في المفاوضات:
- السيناريو الأول: تحتفظ إسرائيل بمناطق استراتيجية تعادل ثلث الجولان، وتسلم ثلثًا آخر لسوريا، وتستأجر الجزء المتبقي لمدة 25 عامًا
- السيناريو الثاني: تحتفظ إسرائيل بثلثي الجولان، وتسلم الثلث الباقي لسوريا، مع خيار تأجيره، وضمن هذا السيناريو، يتم تسليم مدينة طرابلس اللبنانية، إضافة إلى أراضٍ في شمال لبنان ووادي البقاع، إلى السيادة السورية
مطالبات باستعادة طرابلس واتفاق مياه إقليمي
وأشار المصدر، إلى أن دمشق تسعى لاستعادة السيادة على مدينة طرابلس، التي فُصلت عن سوريا خلال حقبة الانتداب الفرنسي لتأسيس الدولة اللبنانية.
وترى القيادة السورية، أن تسوية شاملة يجب أن تشمل ضم طرابلس ومناطق لبنانية ذات أغلبية سنية إلى سوريا، مقابل السماح لإسرائيل بمد أنبوب مياه من نهر الفرات إليها، ضمن اتفاقية مياه إقليمية تشمل تركيا وسوريا وإسرائيل.
مواضيع مشابهة: طهران تعيش أجواء مشحونة مع اعتقالات وإعدامات جماعية في إيران
وفي ختام حديثه، أكد المصدر، أن الرئيس أحمد الشرع، منفتح على التنسيق الأمني والعسكري مع إسرائيل في الجنوب السوري، لكنه يواجه تحديات داخلية قد تعيق هذا المسار، خصوصًا إذا لم تترافق المبادرات مع استرجاع أراضٍ محتلة، مضيفًا أن رفع العقوبات الأمريكية، وإن كان مطلوبًا، لا يمكن اعتباره مقابلًا مباشرًا لاتفاق سلام مع إسرائيل، بل هو ملف مستقل تمامًا.