أفاد علي فوزي، الباحث في الشؤون العربية والإفريقية، بأن إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن اكتمال سد النهضة يعكس سياسة فرض الأمر الواقع، ويتجاهل أبسط مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، مشددًا على أن أديس أبابا تستخدم المشروع كغطاء لأزماتها الداخلية المتزايدة.

شوف كمان: نظام السيطرة المكانية كخريطة لاستيلاء إسرائيل على أراضي الضفة الغربية | تقرير
وأشار علي فوزي، في تصريح خاص لموقع «نيوزرووم»، إلى أن حديث آبي أحمد حول أن “سد أسوان لم يفقد قطرة ماء” يحمل دلالات مزدوجة، حيث يروّج للتعاون بشكل ظاهري بينما يرفض التوقيع على اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وهو جوهر الأزمة منذ بداية المشروع عام 2011.
وأوضح فوزي أن إثيوبيا أوقفت المفاوضات مرارًا، واستمرت في الملء الأحادي أربع مرات، كان آخرها في سبتمبر 2024، ثم تعود اليوم لتدعو إلى الحوار بعد اكتمال البناء والتشغيل، واصفًا هذه الدعوة بأنها «فارغة» وتهدف إلى التلميع السياسي داخليًا، خاصة مع تزايد الانتقادات الشعبية لأداء الحكومة.
كما أشار الباحث إلى أن ملف المياه أصبح «ورقة سياسية» في أديس أبابا وسط أزمات داخلية خانقة، حيث تعاني البلاد من صراعات مسلحة متجددة في الأقاليم الأمهراوي والأورومي، وتراجع اقتصادي حاد اتسع مع ارتفاع الدين الخارجي، وندرة النقد الأجنبي، وتصاعد التضخم إلى مستويات قياسية، معتبرًا أن دعوات آبي أحمد لحضور افتتاح السد تُسوّق محليًا باعتبارها إنجازًا وطنيًا يغطّي على إخفاقات الحكومة في كبح الانكماش وتقليل البطالة.
وشدّد فوزي على أن الادعاء بعدم تضرر مصر باطل علميًا واستراتيجيًا، مشيرًا إلى أن الخطر الحقيقي يكمن في تقليص قدرة القاهرة على إدارة تدفقات النهر، وغياب التنسيق في فترات الجفاف، وافتقاد آلية قانونية لحل النزاعات.
وتابع أن مصر لا تعارض التنمية في إثيوبيا لكنها ترفض أن تكون على حساب الأمن المائي لمئة مليون مصري، محذرًا من أن احتفالات الافتتاح لن تُلغي ضرورة إبرام اتفاق ملزم يعيد الأمور إلى نصابها ويوقف مسلسل الاستفزاز.
وختم الباحث علي فوزي بقوله إن الأمن المائي المصري خط أحمر، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لدفع الأطراف نحو تسوية عادلة تحافظ على حقوق مصر والسودان، وتضمن التنمية لإثيوبيا دون أن تكرّس سياسة الأمر الواقع أو تُديم حالة عدم الاستقرار الداخلي.
د. محمد عثمان: إثيوبيا مصممة على تبني سياسة فرض الأمر الواقع
أما الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية فقال إن دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي مصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة تعد خطوة استفزازية تهدف إلى تلميع صورة أديس أبابا أمام المجتمع الدولي.
وأشار الدكتور محمد عثمان في حديث خاص لنيوزرووم إلى محاولة إثيوبيا لصرف الأنظار عن واقع مرير يكشف عدم جدية إثيوبيا خلال سنوات طويلة من المفاوضات، مما أدى إلى انسداد تام في عملية التفاوض وعدم التوصل إلى أي حلول تراعي الحقوق المائية لدول المصب.
وأضاف عثمان أن إثيوبيا مصممة على تبني سياسة فرض الأمر الواقع وكسب الوقت من خلال الانخراط في محادثات بشكل غير جاد.
مقال له علاقة: الجيش الإسرائيلي يدمر طائرتين إيرانيتين F14 في مطار طهران
آبي أحمد يوجّه دعوة لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة في سبتمبر
وكان قد أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم، عن اقتراب الانتهاء الكامل من مشروع سد النهضة، مؤكدًا أن نسبة الإنجاز تجاوزت 98.9%، وموجّهًا دعوة رسمية إلى كل من مصر والسودان لحضور حفل افتتاح السد، المقرر تنظيمه في شهر سبتمبر المقبل.
وفي كلمة ألقاها أمام البرلمان الإثيوبي، قال آبي أحمد: “سد النهضة بات جاهزًا للافتتاح في نهاية الصيف، على الرغم من محاولات عرقلته، نؤكد أن هذا المشروع يمثل نعمة وليس تهديدًا لدول المصب”
وزعم آبي أحمد أن السد سيعود بالنفع على جميع الأطراف في المنطقة، مشددًا على أن إثيوبيا لا تسعى للإضرار بمصالح أي طرف، وتابع: “سد النهضة سيساهم في تعزيز التنمية وتوليد الطاقة، وسيفيد شعوب المنطقة كافة، لم يتأثر سد أسوان بأي نقص في المياه نتيجة للمشروع، وهدفنا هو الازدهار المشترك”
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي التزام بلاده بالحلول السلمية والتعاون، قائلاً: “نمد أيدينا مجددًا للحوار، ونأمل أن تشارك مصر والسودان في حفل الافتتاح، في بادرة تؤكد روح التعاون والأخوة بين شعوب دول حوض النيل”