محلل سياسي يستعرض سيناريو المرحلة التالية بعد انتهاء الحرب في غزة

في ظل الأوضاع المأساوية المستمرة في قطاع غزة، ومع تزايد المبادرات المطروحة لما يعرف بـ”اليوم التالي للحرب”، تبرز خطة ويتكوف الأمريكية كواحدة من أكثر التصورات إثارةً للجدل، فهل تمثل حلاً عمليًا أم مجرد غطاء لرؤية إسرائيلية أمريكية؟ ما مصير المقاومة الفلسطينية ودور الدول العربية في إعادة الإعمار؟ وفي هذا الإطار، حاور خبر صحالمحلل السياسي طلعت طه الذي قدم رؤية شاملة لمستقبل القطاع والفرص والمخاطر المحيطة به بعد وقف إطلاق النار المحتمل.

محلل سياسي يستعرض سيناريو المرحلة التالية بعد انتهاء الحرب في غزة
محلل سياسي يستعرض سيناريو المرحلة التالية بعد انتهاء الحرب في غزة

المحلل السياسي” طلعت طه” مدير تحرير جريدة الجمهورية.

كيف ينظر إلى مبادرة ويتكوف الأمريكية بشأن غزة؟ وهل تمثل تحولاً حقيقياً؟

أكد المحلل السياسي طلعت طه أن ويتكوف ليس مجرد وسيط أمريكي تقليدي، بل يعكس الرؤية الأمريكية الإسرائيلية بشكل كامل، والمبادرة التي يطرحها تتماشى تمامًا مع هذه الرؤية، ولكن في النهاية، يسعى الجميع، بما فيهم المقاومة، إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل عادل، الأهم هو أن يعيش المواطن الغزي بأمان، فهذا حق للفلسطينيين في الحصول على حياة كريمة وآمنة.

ماذا عن الحديث الإسرائيلي حول إدارة عربية مشتركة لغزة بمشاركة أمريكية وإسرائيلية؟

وفي هذا السياق، أوضح طه أن هذا الطرح غير واقعي كما يتم تسويقه، ما سيحدث هو إشراف عربي جزئي بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، التي ستكون الجهة المستلمة لإدارة القطاع، وتابع: أما عن حماس، فستتراجع في هذه المرحلة بسبب الظروف السياسية والعسكرية الناتجة عن الحرب، وهذا لا يعني التقليل من دورها، بل هو توصيف للواقع، وطالما هناك احتلال، ستظل هناك مقاومة، حتى وإن تغيرت أشكالها.

قطاع غزة.

كيف تتوقع أن يتم التعامل مع ملف إعادة إعمار غزة؟

ملف الإعمار سيكون مسؤولية عربية خالصة، ولن يكون لواشنطن أو تل أبيب أي دور فعلي فيه، ستكون هناك مساعدات إنسانية ضخمة لتأمين الغذاء والدواء، أما إعادة الإعمار فهي بحاجة لخطة طويلة الأمد، وقد دعت مصر بالفعل إلى مؤتمر دولي لحشد الأموال اللازمة لذلك، التقديرات تشير إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، شريطة أن تتم دون تهجير، وهناك خطط جاهزة للتنفيذ.

في اليوم التالي للحرب، ما هو الدور المتوقع للولايات المتحدة؟

بالنسبة للدور الأمريكي، فإن الولايات المتحدة ستكتفي بمقعد المتفرج، قد تعرض المساعدة بشكل رمزي، لكنها لن تكون جادة أو فعالة في دعم إعادة الإعمار أو حل سياسي جذري.

تحركات دولية بديلة لا سيما من أوروبا

هناك تغير ملحوظ في الموقف الأوروبي، خصوصًا بعد زيارة ماكرون لمصر، فرنسا باتت أقرب للاعتراف بدولة فلسطين، وهناك محادثات بشأن عقد مؤتمر دولي تقوده باريس والرياض لهذا الغرض، كذلك، أعلنت إسبانيا والنرويج أنهما ستعترفان بدولة فلسطين حتى لو لم يحذُ الاتحاد الأوروبي حذوهما، هذا تطور مهم ومبشر بموقف أكثر اتزانًا من أوروبا.

إذا فشلت خطة ويتكوف ولم يُنفذ شيء منها، ما السيناريو البديل؟

إذا فشلت خطة ويتكوف، ستكون الحياة في غزة أشبه بالجحيم، إسرائيل قد تعود للحرب في أي لحظة لأنها لا تلتزم بأي تعهدات، ومع ذلك، لا يجب أن يُترك الشعب الفلسطيني في مهب الريح، فإنه بشكل أو بآخر سوف تنهي إسرائيل الحرب لكنها ستسعى لاحقًا إلى نقل المواجهات نحو الضفة الغربية في شكل من أشكال المناوشات المستمرة.

وماذا عن مستقبل الاحتلال في غزة؟ هل من تصور واضح لما بعد الستين يومًا؟

إسرائيل لم تقدّم حتى الآن خطة واضحة لمرحلة ما بعد الحرب، لم تقل لنا إن كانت ستنسحب من القطاع، أو ما مصير محور “نتساريم” الاستيطاني، ما نؤكده أن أي عملية إعمار حقيقية لا يمكن أن تتم في ظل وجود الاحتلال، الانسحاب الكامل شرط أساسي لبداية جديدة في غزة.

غزة قبل العدوان الإسرائيلي.

هل يمكن أن يشهد قطاع غزة حالة من الهدوء في الفترة المقبلة؟

الهدوء في غزة مرهون بعدة عوامل، أهمها وقف إطلاق النار بشكل دائم، ووجود ضمانات حقيقية بعدم عودة العدوان الإسرائيلي، لكن بصراحة، من الصعب الحديث عن “هدوء مستدام” في ظل استمرار الاحتلال وغياب تسوية سياسية حقيقية، ما قد نراه هو “هدوء مؤقت” أو هدنة هشة، سرعان ما تنفجر إذا ما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية أو فشلت خطط اليوم التالي، غزة اليوم تقف على حافة سيناريوهين: إما الانفجار مجددًا، أو بداية طريق شاق نحو الاستقرار.

قطاع غزة.

رغم تعقيد المشهد وتشابك الأطراف، يظل مصير غزة معلقًا بين المبادرات الدولية والواقع على الأرض، وبرؤية مثل تلك التي طرحها المحلل السياسي “طلعت طه”، يتضح أن الأمل لا يزال قائمًا في حلول عادلة، ولكن التنفيذ يتطلب إرادة حقيقية تتجاوز التصريحات إلى الأفعال.