خلف كواليس الإرجاء ينتظر صندوق النقد خطوات ملموسة في ملف الطروحات الحكومية

في ظل حالة من الترقب تسود الأوساط الاقتصادية، يبقى مصير نتائج المراجعة الخامسة لبرنامج التمويل الممتد بين مصر وصندوق النقد الدولي غير واضح، على الرغم من مرور أسابيع منذ انتهاء أعمال المراجعة التي أُجريت في مايو الماضي، وقد أثار هذا التأخير تساؤلات عديدة حول أسبابه، ومدى ارتباطه بوتيرة تنفيذ الحكومة المصرية للإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق، خاصة فيما يتعلق بملف تخارج الدولة من الأصول العامة.

خلف كواليس الإرجاء ينتظر صندوق النقد خطوات ملموسة في ملف الطروحات الحكومية
خلف كواليس الإرجاء ينتظر صندوق النقد خطوات ملموسة في ملف الطروحات الحكومية

تعتبر المراجعة الخامسة نقطة محورية في مسار الاتفاق الذي تم توقيعه في ديسمبر 2022، والذي بموجبه تحصل مصر على تمويل بقيمة 8 مليارات دولار ضمن برنامج تسهيل مالي ممتد، وقد حصلت مصر حتى الآن على 3.5 مليار دولار فقط تم صرفها على أربع دفعات، فيما يُنتظر صرف الشريحة الخامسة بعد تقييم مدى التزام الحكومة بتنفيذ حزمة الإصلاحات المطلوبة.

ملف الطروحات في الواجهة

وفي هذا السياق، أشار الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، إلى أن تأخر الإعلان عن نتائج المراجعة قد يكون مرتبطًا بشكل مباشر بتباطؤ التقدم في تنفيذ “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، التي تمثل خارطة طريق واضحة لتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وأوضح راشد أن الوثيقة، التي التزمت بها الحكومة المصرية أمام الصندوق، تنص بوضوح على ضرورة التخارج من عدد من الشركات والأصول المملوكة للدولة، وهي خطوة تعتبر اختبارًا حقيقيًا لجدية الدولة في إجراء إصلاحات هيكلية فعالة، كما أن التأخر في هذا الملف قد يكون أحد الأسباب التي دفعت الصندوق إلى تأجيل إصدار تقييمه الرسمي حتى يتحقق تقدم ملموس يمكن البناء عليه.

انعكاسات مالية واقتصادية

وفقًا لراشد، فإن التخارج من بعض الأصول لا يمثل فقط التزامًا أمام صندوق النقد، بل هو أيضًا وسيلة ضرورية لتوسيع الوعاء الضريبي، وتحقيق استدامة في الإيرادات العامة، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الاقتراض، وتحسين مؤشرات الدين العام التي لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا أمام الحكومة، كما أشار إلى أن الحكومة حققت خلال الفترة الماضية تحسنًا ملحوظًا في المؤشرات المالية والنقدية، مدعومًا بزيادة التدفقات الدولارية من عدة مصادر، مثل الاتفاقيات الاستثمارية مع شركاء إقليميين، وارتفاع إيرادات قناة السويس، واستقرار سوق الصرف بعد فترة من التقلبات، ومع ذلك، شدد على أن هذا التحسن لا يكفي بمفرده، ما لم يُستكمل بإصلاحات هيكلية حقيقية تعزز مناخ الأعمال وتفتح المجال أمام القطاع الخاص للنمو.

هل يؤثر التأخير على الثقة الدولية؟

يرى مراقبون أن استمرار حالة الغموض بشأن نتائج المراجعة الخامسة قد يؤثر سلبًا على مستويات الثقة الدولية في البرنامج الإصلاحي المصري، خاصة في ظل ترقب المستثمرين والمؤسسات المالية العالمية لموقف الصندوق كمرجعية محايدة لتقييم الأداء الاقتصادي، كما أن أي تأخير إضافي في صرف الشريحة الخامسة من التمويل قد يضع ضغوطًا إضافية على السياسة المالية والنقدية، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها التمويلية وتوفير العملة الصعبة.

صندوق النقد يعلن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

الجدير بالذكر، أكدت جولي كوزاك، مديرة إدارة الاتصالات بصندوق النقد الدولي، أن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر بموجب اتفاق تسهيل الصندوق الممدد (EFF) سيتم دمجهما في مراجعة واحدة تُعقد خلال الخريف، موضحة أن القرار يعود إلى الحاجة لمزيد من الوقت لاستكمال التدابير السياسية الرئيسية، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة في الاقتصاد، لضمان تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأفادت كوزاك، في بيان صحفي الخميس الماضي، أن بعثة صندوق النقد لمصر أجرت مناقشات مثمرة مع السلطات المصرية في الفترة من 6 إلى 18 مايو، مشيرة إلى أن مصر تواصل إحراز تقدم في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي الكلي، مع تسجيل تحسن ملحوظ في معدلات التضخم وارتفاع الاحتياطيات من النقد الأجنبي.