في ظل التصعيد الأخير مع إسرائيل، يقوم حزب الله بمراجعة شاملة لوضعه العسكري على المدى الطويل، حيث أفادت مصادر مطلعة أن الجماعة بدأت تقليص وجودها العلني كمنظمة مسلحة، رغم أنه من غير المتوقع أن تتخلى عن سلاحها بشكل كامل.

اقرأ كمان: محلل سياسي سوداني يكشف لـ”نيوز رووم” أن الوقائع على الأرض تروي قصة مغايرة
يبدو أن هذه المراجعة تأتي نتيجة لاعتقاد متزايد داخل حزب الله بأن حجم ترسانته الحالية ووضوحها قد أصبحا عبئًا استراتيجيًا بدلًا من أن يكونا ميزة.
حزب الله يدرس تسليم الأسلحة الثقيلة
يدرس حزب الله إمكانية تسليم بعض أسلحته الثقيلة، خاصة الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة التي تعتبرها إسرائيل من أخطر التهديدات، ومع ذلك، من المرجح أن يكون أي تحرك في هذا الاتجاه مشروطًا بشروط معينة، ويعتقد أن الحزب يطالب بانسحاب عسكري إسرائيلي من جنوب لبنان ووقف الهجمات الجوية والبرية المستقبلية كشرط أساسي.
وزعمت مصادر نقلتها وسائل إعلام غربية أن حزب الله يدرس نزع سلاحه جزئيًا، ويجري مداولات داخلية بشأن هذا الأمر في ظل الضغوط الأمريكية لتسليم أسلحته.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على المداولات الداخلية للمقاومة اللبنانية لوكالة “رويترز” يوم الجمعة إن “حزب الله بدأ مراجعة استراتيجية كبرى بعد حربه المدمرة مع إسرائيل، بما في ذلك التفكير في تقليص دوره كحركة مسلحة دون نزع سلاحه بالكامل”.
وأشارت المصادر إلى أن المناقشات لم تصل إلى نهايتها بعد.
واشنطن تضغط على حزب الله مالياً
قال مسؤول كبير لرويترز إن حزب الله “يُجري مناقشات سرية حول خطواته المقبلة”، وأضاف: “تجتمع لجانٌ مُصغّرة، سواء حضوريًا أو عن بُعد، لمناقشة قضايا تشمل هيكله القيادي، ودوره السياسي، وعمله الاجتماعي والتنموي، وسلاحه”
وذكر مسؤول لم يُكشف عن هويته أن حزب الله “كان يتمتع بقوة فائضة، ولكن كل تلك القوة تحولت إلى نقطة ضعف”.
وبموجب القرار الدولي 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، سلمت حركة المقاومة مستودعات ومواقع عسكرية جنوب نهر الليطاني للجيش اللبناني.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن إسرائيل “تضغط” على حزب الله ماليًا، مما يزيد من الضغوط التي يواجهها.
اقرأ كمان: قائد الحرس الثوري الإيراني يهدد بفتح أبواب الجحيم على إسرائيل
كما شددت السلطات اللبنانية الإجراءات الأمنية في مطار بيروت الذي اتُهم حزب الله باستغلاله لتهريب الأموال.
واشنطن تطالب بنزع سلاح حزب الله
أفادت تقارير حديثة بأن واشنطن عززت مطالبها بأن تلتزم الدولة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله بالكامل، وحذر المبعوث الأمريكي توم باراك من ضرورة نزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام الجاري على أبعد تقدير.
وقيل إن المسؤولين اللبنانيين يعملون على صياغة رد على المطالب الأمريكية، بما في ذلك ضمانات بانسحاب إسرائيل من قواتها التي تحتل جنوب لبنان في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفقًا لموقع “the cradle”، تجري شخصية لبنانية مقربة من الإدارة الأمريكية مباحثات مع حزب الله بشأن سلاح المقاومة، بما في ذلك ضمانات محتملة مقابل تسليم السلاح.
وقال المصدر الذي تحدث للصحيفة إن أجواء “الحوار” “إيجابية، وهم منفتحون على أي نقاش هادئ يتجنب الاستفزاز”.
دور الدول العربية والمنظمات العالمية
الهدف من ذلك هو “تكوين قناعة داخل حزب الله بأن سلاحه أصبح عبئًا، وأنه يجب عليه المبادرة إلى تسليمه للدولة، بدلاً من محاولة أي طرف الاستيلاء عليه بالتهديد أو القوة أو الخطاب الشعبوي”.
وأضاف المصدر أن “على الأطراف الدولية والعربية، وكذلك الدولة اللبنانية، أن تبادر إلى تقديم تطمينات لأنصار حزب الله، وضمانات عسكرية وأمنية لكوادره، وضمانات سياسية لمسؤوليه وقياداته، قبل البحث في آلية تسليم السلاح والجدول الزمني المطلوب من لبنان والمجتمع الدولي”.
وتتضمن الضمانات التي يجري مناقشتها، بحسب التقارير، انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار، ووقف الاغتيالات والضربات، وضمانات بعدم شن حرب جديدة ضد البلاد، وتسريع جهود إعادة الإعمار.
حزب الله يدرس استراتيجية دفاعية وطنية
في وقت سابق، رفض حزب الله مرارًا فكرة تسليم سلاحه، مؤكدًا أن سلاحه هو شأن داخلي لا يجوز أن يخضع للإملاءات الدولية.
وأشارت حركة المقاومة إلى أنها على استعداد لمناقشة إطار عمل لاستراتيجية دفاعية وطنية من شأنها أن تجعل أسلحتها تحت سيطرة الدولة، لاستخدامها كرادع يهدف إلى حماية لبنان من الهجمات الإسرائيلية.
وقالت مصادر لبنانية إن لبنان سيسجل بعض التعديلات، خصوصًا فيما يتعلق بالجدول الزمني في الورقة التي تحدد مواعيد تسليم سلاح حزب الله.
وفقًا للمصادر، ستنص التعديلات اللبنانية على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها.
ومن المقرر أن يجتمع السبت ممثلون عن الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والبرلمان والحكومة) لوضع اللمسات الأخيرة على الرد اللبناني الرسمي، بعد تسلمهم رد حزب الله، وذلك في إطار الجهود الرامية لتوحيد الموقف الداخلي وتثبيت الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد.
إنسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية
وفقًا للمصادر، ستنص التعديلات اللبنانية على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها.
ومع ذلك، يُشدّد على أن هذه المناقشات لا يُمكن أن تُجرى بينما تُواصل إسرائيل مهاجمة لبنان واحتلاله، ومنذ التوصل إلى وقف إطلاق النار أواخر نوفمبر، قُتل مئات الأشخاص جراء الغارات الجوية الإسرائيلية.
ورغم أن حزب الله فقد الكثير من أسلحته بسبب الضربات الإسرائيلية خلال الحرب، فإنه لا يزال يحتفظ بترسانة كبيرة من الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار.