الجيش الأمريكي يعيد تشكيل جناحه الجوي مع دخول مسيرات جديدة في الحروب

يستعد الجيش الأمريكي لإجراء واحدة من أكبر عمليات إعادة الهيكلة الجوية منذ فترة الحرب الباردة، حيث تتضمن الخطط الطموحة تحويل غالبية أسطوله الجوي إلى طائرات غير مأهولة، في خطوة تعكس التغيرات الجذرية في طبيعة الحروب الحديثة.

الجيش الأمريكي يعيد تشكيل جناحه الجوي مع دخول مسيرات جديدة في الحروب
الجيش الأمريكي يعيد تشكيل جناحه الجوي مع دخول مسيرات جديدة في الحروب

وفي تصريحات لموقع “بيزنس إنسايدر”، أكد وزير الجيش دانيال دريسكول والجنرال جيمس ريني، قائد قيادة مستقبل الجيش الأمريكي، أن النسبة الحالية للطائرات المأهولة تقترب من 90%، مقابل 10% فقط للمسيرات، لكن هناك خطة لعكس هذه النسبة خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يعكس واقع المعارك الحديثة.

ألف طائرة بدون طيار لكل فرقة قتالية

أوضح الجنرال ريني أن الجيش يعتزم تزويد كل فرقة عسكرية بألف طائرة بدون طيار بحلول عام 2027، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ليست رمزية، بل تمثل محوراً أساسياً في التحول نحو التفوق العددي عبر الأنظمة غير المأهولة.

وأضاف أن هذا التوجه مدعوم بمذكرة “التحولات الاستراتيجية” التي أصدرها وزير الدفاع بيت هيغسث، والتي تتضمن أهدافاً محددة لإعادة هيكلة القوات وتقليص عدد من البرامج التقليدية، ومن المتوقع أن تصل تكلفة هذه التعديلات إلى 36 مليار دولار خلال خمس سنوات.

تخفيض المروحيات التقليدية.. والأباتشي أول الضحايا

تشمل خطة الجيش تقليص التشكيلات الجوية المأهولة، بما في ذلك وقف تشغيل بعض مروحيات الهجوم من طراز أباتشي AH-64D “دلتا”، بسبب ارتفاع تكاليف تشغيلها التي تصل إلى 10 آلاف دولار للساعة، أي ضعف تكلفة النسخة الأحدث AH-64E “إيكو”.

وقال الوزير دريسكول إن الجيش بدأ فعلياً في مراجعة شاملة للمنظومات التي لم تعد متوافقة مع رؤية المستقبل، ويجري استبدالها بمنصات أكثر ملاءمة من حيث المرونة والتكلفة.

المسيّرات: خيار استراتيجي لا رجعة عنه

باتت الطائرات بدون طيار تمثل خياراً استراتيجياً، خاصة في تنفيذ المهام عالية الخطورة دون تعريض حياة الطيارين للخطر، كما أنها توفر قدرات استخباراتية وهجومية بتكلفة أقل.

ومع ذلك، يؤكد قادة الجيش أن الطائرات المأهولة لم تُستبعد بالكامل، إذ لا تزال بعض المروحيات تحظى بأهمية تكتيكية في عمليات مثل الإنزال خلف خطوط العدو، أو المهام المعقدة التي تتطلب قراراً بشرياً مباشراً.

الصين تفرض واقعاً جديداً

تشكل وتيرة التحديث العسكري السريع في الصين أحد أبرز دوافع التحول الأمريكي، إذ ينظر البنتاغون إلى ما تسميه بـ”تحدي التسارع” الصيني على أنه تهديد حقيقي يستدعي استجابة غير تقليدية.

ولذا تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تسريع برامج تطوير ونشر الطائرات بدون طيار، بدءاً من المسيّرات الصغيرة المحمولة يدويًا، إلى الطائرات القتالية ذات القدرات الاستراتيجية، مع إجراء اختبارات واسعة في مسارح عمليات محتملة مثل المحيطين الهندي والهادئ.

أوكرانيا.. مختبر واقعي للمستقبل

استفاد الجيش الأمريكي من دروس الحرب في أوكرانيا، حيث أظهرت الطائرات المسيّرة الصغيرة كفاءة عالية في بيئة معقدة تتضمن تشويشاً إلكترونياً واسع النطاق، ورغم أن الظروف مختلفة، إلا أن الجيش الأمريكي يتعامل مع هذا الواقع كمؤشر لما قد يواجهه في النزاعات المقبلة.

وتسعى القيادة العسكرية إلى تعزيز التكامل بين المنظومات المأهولة وغير المأهولة، وتطوير تقنيات تجمع بين الذكاء الاصطناعي والاستجابة السريعة، ضمن مسعى شامل لإعادة تعريف هيكل القوة الجوية القتالية الأمريكية في السنوات القادمة.