
اقرأ كمان: 10 نصائح قيمة لزيادة أرباحك من الاستثمار العقاري
أكد خبراء اقتصاديون أن العلاقات بين القاهرة وبكين تشهد تقدمًا ملحوظًا في مجالات التجارة والصناعة والتمويل، إذ تسهم خطوات استراتيجية مثل السماح بالتعامل باليوان الصيني داخل السوق المصري في تعزيز هذا التوجه، ما يُعد تحولًا جوهريًا نحو تنويع أدوات التعاون المالي وتقليل الاعتماد على الدولار، خاصة في ظل التغيرات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، حيث تتسارع الجهود بين مصر والصين لبناء شراكة اقتصادية شاملة تُترجم على أرض الواقع بمؤشرات قوية لحجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن الصين تُعتبر من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، مشيرًا إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد تطورًا مستمرًا في مجالات التجارة والاستثمار، مما يعكس أهمية هذه الشراكة في دعم الاقتصاد الوطني، حيث تعكس صادرات متنوعة قوة الإنتاج المصري.
وأوضح الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم”، أن القاعدة التصديرية المصرية للسوق الصيني تشهد تنوعًا لافتًا، إذ تشمل صادرات مثل الوقود والزيوت المعدنية، والفواكه، ومنتجات الأحجار والأسمنت، ما يعزز من صورة مصر كمصدر موثوق ومتعدد الموارد في الأسواق الآسيوية والدولية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 13.9 مليار دولار في 2023، موزعة بين صادرات مصرية بقيمة 909 ملايين دولار، مقابل واردات صينية بلغت 12.9 مليار دولار، مما يعكس قوة الروابط التجارية بين القاهرة وبكين.
وأكد الإدريسي أن الاستثمارات الصينية في مصر سجلت قفزة ملحوظة خلال العام المالي 2022/2023، حيث بلغت 956.7 مليون دولار، مقارنة بـ563.4 مليون دولار في العام السابق، ما يدل على ثقة المستثمر الصيني في السوق المصري واستقراره، وجاذبية مناخ الاستثمار المحلي، حيث تمثل منطقة تيدا الصناعية الصينية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس نموذجًا بارزًا للتعاون الصناعي بين البلدين، إذ تضم أكثر من 150 شركة بإجمالي استثمارات يتجاوز 2 مليار دولار، مما يعزز مكانة المنطقة كمركز صناعي وتجاري على المستويين الإقليمي والدولي.
استراتيجية مصر لتنويع الشراكات الدولية
واختتم الإدريسي تصريحاته بالتأكيد على أن الأداء الاقتصادي والتطور في العلاقات مع الصين يعكس توجه الدولة المصرية نحو تنويع شراكاتها الدولية، والانفتاح على قوى اقتصادية كبرى مثل الصين، دعمًا لخطط التنمية المستدامة والرؤية الوطنية للنمو الاقتصادي.
اقرأ كمان: اجتماع المركزي يطرح ثلاثة أنواع من القروض البنكية بضمان الشهادة أو الوديعة
قال الدكتور محمد عبد الوهاب، الخبير الاقتصادي، إن قرار الحكومة المصرية بالسماح الكامل للشركات الصينية العاملة في السوق المحلي بالتسجيل والتعامل المالي باستخدام “اليوان” الصيني بنسبة 100% يعد نقطة تحول استراتيجية في العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وبكين، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس بوضوح عمق التعاون المتزايد بين البلدين، والذي بات يشكل محورًا أساسيًا في السياسات الاقتصادية لمصر.
وأكد عبد الوهاب أن هذا القرار يأتي في لحظة محورية، في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، حيث تتجه العديد من الدول للبحث عن بدائل تقلل من هيمنة الدولار الأمريكي على التبادلات التجارية والمالية، كما لفت إلى أن اعتماد مصر على اليوان يعزز من قدرتها على التحرك المالي بمرونة واستقلالية أكبر.
تنويع أدوات التبادل التجاري وتمكين الشركاء
وأشار المستشار المالي إلى أن السماح بالتعامل الكامل باليوان يجسد سياسة مصرية جديدة تقوم على تنويع أدوات التمويل وتسهيل المعاملات التجارية، مما يمثل توجهًا عمليًا يعزز من استقلال القرار المالي ويمنح شركاء مصر الكبار مثل الصين ثقة أكبر في استدامة التعاون، كما أوضح أن الخطوة ترسل إشارات إيجابية للمستثمرين، بأن بيئة الأعمال في مصر أصبحت أكثر انفتاحًا واستجابة لاحتياجات الشركاء الدوليين، حيث أشار عبد الوهاب إلى أن تنسيق هذه الخطوة مع البنك المركزي المصري يضفي عليها طابعًا رسميًا ومؤسسيًا، ويعزز من قدرة القطاع المصرفي المحلي على تقديم منتجات مالية مبتكرة تتواكب مع توجهات النظام النقدي العالمي، الذي يتجه إلى تبني مبدأ التعددية في العملات بدلاً من الاعتماد الأحادي.
تقليل الضغط على الدولار وتحفيز التبادل التجاري
وشدد الخبير الاقتصادي على أن تنفيذ التعاملات باليوان سينعكس بشكل مباشر على تخفيف الضغط على الدولار في السوق المحلي، مما يُقلل من تكاليف التحويلات المالية الخاصة بالتجارة بين مصر والصين، كما يساهم هذا التوجه في إبرام تعاقدات تجارية أكثر مرونة وكفاءة، مما يدفع نحو زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث أكد عبد الوهاب أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين شهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت الصين واحدة من أهم الشركاء التجاريين لمصر، خاصة في المشروعات الضخمة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمجمعات الصناعية.
وبيّن أن هذا القرار يأتي منسجمًا مع القانون الاستثماري المصري، الذي يمنح الأجانب حق التملك الكامل، مما يجعل مصر وجهة جاذبة ومتكاملة للاستثمارات الصينية.
مصر تتحرك بثقة في بيئة اقتصادية عالمية معقدة
واختتم الدكتور محمد عبد الوهاب تصريحاته بالتأكيد على أن اعتماد اليوان ليس مجرد إجراء مالي بل يعبر عن نضج كبير في الرؤية الاقتصادية لمصر، وقدرتها على اتخاذ خطوات ذكية في بيئة عالمية مضطربة، مؤكدًا أن هذا التوجه يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي قادر على جذب الاستثمارات من الصين ومن قوى اقتصادية أخرى تسعى إلى شراكات قائمة على التوازن والمرونة.