أفادت مصادر محلية في شمال شرق سوريا بحدوث موجة جديدة من الانشقاقات في صفوف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث انضم عدد متزايد من العناصر العرب إلى القوات التابعة للحكومة السورية، مما يعكس تصاعد التوترات والانقسامات داخل “قسد” بين مكونيها الرئيسيين: الكردي والعربي، بالإضافة إلى أقلية من السريان والأرمن

مقال له علاقة: أزمة تجنيد تؤثر على الجيش الإسرائيلي وتوسيع فترة الخدمة الإلزامية
حالة استياء متزايدة بين العرب داخل “قسد”
تتزامن هذه الانشقاقات مع حالة استياء متزايدة بين العرب داخل “قسد”، نتيجة ما يعتبرونه انتهاكات متكررة بحق المدنيين في المناطق ذات الغالبية العربية، وسط تصاعد التوتر بين الإدارة الذاتية الكردية والسلطات السورية، في ظل تعثر المفاوضات بين الطرفين.
منذ وصول القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى دمشق في ديسمبر الماضي، سجلت “قسد” سلسلة من الانشقاقات، بدأت في محافظة دير الزور، حيث غادر عدد من القيادات العسكرية مجلس دير الزور العسكري التابع لـ”قسد” في الريف الشرقي.
ممكن يعجبك: الحوثيون يهددون بالرد على الهجوم الأمريكي على إيران في الوقت المناسب
وفقًا لمصادر عشائرية، فإن عدد المنشقين من المكون العربي تجاوز 138 عنصرًا، انتقلوا مع عتادهم إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية في غرب الفرات ورأس العين، فيما بدأ مئات المقاتلين العرب داخل “قسد” في دراسة خيار الانشقاق، لأسباب تتعلق بالإجبار على التجنيد والتمييز في الرواتب والمناصب لصالح العناصر الكردية.
حملة اعتقالات داخلية شملت عددًا من قادتها العسكريين
يؤكد المصدر أن معظم المنشقين هم من أبناء العشائر العربية الذين جرى تجنيدهم قسريًا خلال السنوات الماضية، مضيفًا أن بعضهم بدأ يميل إلى التقارب مع دمشق بعد سقوط نظام الأسد وتغير موازين القوى.
في المقابل، أطلقت “قسد” حملة اعتقالات داخلية شملت عددًا من قادتها العسكريين، في محاولة لمعرفة مدى تورطهم في تسهيل أو غض الطرف عن عمليات الفرار والانشقاق.
رغم أن هذه الانشقاقات ليست جديدة في صفوف “قسد”، إلا أن المصدر يشير إلى تصاعدها في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، مرجحًا استمرارها بوتيرة متزايدة خلال الأيام المقبلة، خاصة في ظل التوترات الأمنية والتغيرات في الخريطة العسكرية للمنطقة.
شهد مجلس دير الزور العسكري أبرز هذه الانشقاقات، من بينها تركي الضاري، الناطق باسم المجلس وقائد مجلس بلدة الكسرة، الذي أعلن انشقاقه احتجاجًا على ما وصفه بـ”انتهاكات قسد ضد المدنيين في دير الزور والرقة”، ويُعد الضاري واحدًا من ستة قياديين غادروا صفوف “قسد” مؤخرًا، في ظل اضطراب أمني متزايد وتراجع نفوذها بالمناطق ذات الغالبية العربية.
تأخر الرواتب
في السياق نفسه، يكشف المصدر العربي عن مشكلة تأخر الرواتب، حيث أشار إلى أن العديد من العناصر اشتكوا من عدم استلام رواتب الشهر الماضي، بحجة أن “التحالف الدولي لمكافحة داعش” لم يدفع رواتب قوات “قسد” للشهر الماضي.
غير أن بيانات الموازنة الدفاعية الأمريكية تكشف أن التحالف الدولي خصص موارد لقسد وجيش سوريا الحرة حتى نهاية عام 2025.
تدفع وزارة الدفاع الأمريكية رواتب قوات سوريا الديمقراطية وجيش سوريا الحرة الذي يتموضع في التنف وريف دمشق، حيث تظهر البيانات أن الولايات المتحدة خصصت مبلغا إجماليا بقيمة 147 مليون دولار لعام 2025، منها 58.9 مليون دولار مخصصة للرواتب والأجور، بينما يخصص القسم الباقي للتدريب والعتاد والإنشاءات.
كما أعلنت “البنتاجون” عن دعم جديد بقيمة 130 مليون دولار لقوات سوريا الديمقراطية وجيش سوريا الحرة، لعام 2026، في إطار جهودها لمحاربة تنظيم “داعش”.
تأثير محدود
بينما ترى المصادر العربية في شمال شرق سوريا أن “قسد” تتكتم عن الأعداد الحقيقية للمنشقين، وأن هذه الانشقاقات ستفعل فعلها في المستقبل القريب، وستليها انشقاقات أكبر، ومن ثم انسحابات أكثر للمكون العربي الذي يشكل النسبة الكبرى في قوات سوريا الديمقراطية، يرفض الناطق باسم “قسد”، محمود حبيب التعليق على هذه المعلومات، واضعًا إياها في إطار الإشاعات و”الهجمة على قسد” والتي لا تستند إلى أية دلائل.
لكن مصدرا إعلاميا مقربا من “قسد” لا ينفي حدوث انشقاقات ضمن صفوفها، ولكنه يقلل من أهمية هذه الانشقاقات وتأثيرها على قوات سوريا الديمقراطية.
يخص المصدر الكردي بالتعليق القادة في مجلس دير الزور العسكري، مشيرًا إلى أن المنشقين منهم يحاولون تبييض صفحتهم عند الإدارة السورية الجديدة، بهدف الحصول على مناصب مستقبلاً، معتبرًا أن الحديث عن انشقاقات كبيرة ضمن العناصر العرب مبالغ فيه، ولا يشكل نسبة تُذكر في قوات سوريا الديمقراطية التي يصل عددها إلى 100 ألف مقاتل، حسب قوله.