سباق مبكر نحو الإليزيه يثير الجدل في الداخل الفرنسي تفاصيل

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوادر تصدع داخل معسكره السياسي بعدما أعلن رئيس الوزراء الأسبق، جابرييل أتال، بشكل واضح عن نيته خوض سباق الإليزيه لعام 2027.

سباق مبكر نحو الإليزيه يثير الجدل في الداخل الفرنسي تفاصيل
سباق مبكر نحو الإليزيه يثير الجدل في الداخل الفرنسي تفاصيل

خطاب حماسي أمام حشد شبابي في باريس

وجاء إعلان جابرييل أتال في سياق خطاب حماسي أمام حشد شبابي في باريس، وقد فُسّر على نطاق واسع بأنه بداية غير رسمية لحملته الرئاسية، مما أثار جدلًا داخل أروقة حزب “النهضة” وأربك حسابات قصر الإليزيه.

ورغم أن ماكرون لا يحق له الترشح لولاية ثالثة بموجب الدستور الفرنسي، إلا أنه لا يزال يحتفظ بنفوذ سياسي وشعبي لا يمكن تجاهله، لذلك سارع إلى التعبير بشكل غير مباشر عن استيائه من تحركات أتال، في محاولة لاحتواء ما يراه تهديدًا مبكرًا لوحدة معسكره.

تعليق محللون حول هذا المشهد

في تعليقه على الموقف، اعتبر الباحث السياسي الفرنسي أوليفييه بوشيه أن خطاب أتال لا يمكن فصله عن كونه “انطلاقة فعلية لحملة رئاسية مبكرة”، مؤكدًا أن ماكرون يسعى لإعادة فرض الانضباط داخل معسكره.

وأضاف أن إعلان أتال الطموح، وإن عكس تأييدًا شعبيًا واضحًا بين الشباب، فإنه يحمل في طياته مؤشرات على تآكل مبكر في تماسك الفريق الحاكم.

ويرى بوشيه أن ماكرون، رغم وضعه الدستوري الذي يمنعه من الترشح مجددًا، لا يزال يمارس “قيادة رمزية” قوية، ما يجعل أي إعلان مبكر عن خلافته بمثابة تجاوز سياسي قد يُضعف من موقع الرئيس الحالي في العامين المتبقيين من ولايته.

من جهتها، أشارت الخبيرة في الدراسات الدستورية، آن شارلين بينيزيا، إلى أن ماكرون رغم انتهاء ولايته الدستورية في 2027، لا يزال يتمتع بقوة رمزية تجعل أي حديث مبكر عن خلافته أمرًا حساسًا، وأضافت أن الظهور المبكر كخليفة محتمل قد يُفسَّر لدى البعض كنوع من “الخيانة السياسية” أو “الانقلاب الصامت” داخل الحزب الحاكم.

وفي خطوة بدت محسوبة، اختار جابرييل أتال مناسبة الذكرى العاشرة لحركة “الشباب مع ماكرون” – التي جرى تغيير اسمها إلى “الشباب إلى الأمام” – ليكشف رسميًا عن طموحه الرئاسي، وخلال كلمته أمام الحضور، أعلن عن رغبته في بناء “طريق جديد”، متوجهًا برسالة مباشرة إلى شباب فرنسا بأن المستقبل يمكن أن يبدأ من الآن.

أكثر ما لفت الانتباه في خطابه كان تصريحه الصريح: “أعدكم بأن أبذل كل ما في وسعي لأقودكم بعد عامين إلى طريق النصر”، هذا التصريح لم يكن مجرد عبارة خطابية، بل اعتُبر مؤشرًا واضحًا على بداية سباق داخلي داخل حزب “النهضة” للبحث عن وريث سياسي لماكرون

تصاعد وتيرة الخلاف بين الجانبين

لم يكتفِ أتال بإطلاق طموحه، بل صعّد من لهجته تجاه خصومه السياسيين، مهاجمًا حزب “الجمهوريين” واليمين المتطرف، متهمًا إياهم بشن “حرب ضد البيئة”، وخص بالذكر وزير الداخلية برونو ريتايو، متسائلًا عن تناقض مواقفه البيئية بين دعمه مشاريع خضراء في منطقة فونديه، ومهاجمته للطاقة المتجددة في العاصمة.

قال أتال بسخرية لاذعة: “لا يمكن أن تنشئ وكالات للطاقة المتجددة في فونديه وتدعمها ماليًا، ثم تعارضها في باريس فقط لأنها تحولت إلى شعار سياسي”

ومع أن الانتخابات لا تزال على بُعد عامين، إلا أن الخطاب السياسي في فرنسا بدأ ينزاح تدريجيًا نحو 2027، وبين رغبة ماكرون في الحفاظ على هيبة القيادة حتى آخر لحظة، وصعود أصوات جديدة داخل معسكره مثل أتال، يبدو أن حزب النهضة مقبل على اختبار كبير بشأن وحدته واستقراره.