الولايات المتحدة ترفع تصنيف «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية بعد 13 عامًا

أفادت وكالة رويترز بأن الولايات المتحدة اتخذت قرارًا بإلغاء تصنيف “جبهة النصرة” كمنظمة إرهابية أجنبية، وهو القرار الذي جاء بعد أكثر من عشر سنوات من إدراجها في قائمة الإرهاب الأمريكية عام 2012.

الولايات المتحدة ترفع تصنيف «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية بعد 13 عامًا
الولايات المتحدة ترفع تصنيف «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية بعد 13 عامًا

هذا القرار يتزامن مع تغييرات كبيرة في الوضع الأمني بسوريا، بما في ذلك تحولات في تحالفات القوى المسلحة على الأرض، جبهة النصرة، التي كانت تُعرف في البداية باسم “جبهة النصرة لأهل الشام”، نشأت في سياق الحرب الأهلية السورية، وقد تلقت دعمًا من تنظيم القاعدة قبل أن تعلن انفصالها عن التنظيم لاحقًا.

ما هي جبهة النصرة؟

تأسست جبهة النصرة كجماعة مسلحة متطرفة في سوريا عام 2012، وكانت تُعتبر فرعًا رسميًا لتنظيم القاعدة في بلاد الشام، بقيادة القيادي الجهادي أبو محمد الجولاني، حيث كان هدفها المعلن هو إسقاط نظام بشار الأسد وإقامة دولة إسلامية.

اتبعت الجبهة أساليب عنيفة، شملت التفجيرات الانتحارية والاغتيالات، وشاركت في معارك ضد النظام السوري وفصائل معارضة أخرى، وقد وُجهت إليها اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

كيف صنّفتها أمريكا منظمة إرهابية؟

في ديسمبر 2012، أعلنت الولايات المتحدة إدراج “جبهة النصرة” رسميًا على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التابعة لوزارة الخارجية، وصنفتها كذلك على قائمة الكيانات الإرهابية العالمية، وجاء ذلك بسبب:

  • ارتباطها المباشر بتنظيم القاعدة
  • تنفيذها هجمات ضد مدنيين وعسكريين
  • تهديدها للأمن الإقليمي والدولي

كما أدرجت واشنطن قادة الجبهة، وعلى رأسهم الجولاني، ضمن قوائم الإرهاب، وتم رصد مكافآت مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات عنه.

تطور الأحداث

في عام 2016، أعلنت “جبهة النصرة” فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، ثم اندمجت لاحقًا مع فصائل أخرى لتشكيل كيان جديد يُعرف باسم “هيئة تحرير الشام”
.

ورغم هذه التغيرات، استمرت واشنطن والعديد من الدول في تصنيف الجماعة كامتداد للفكر الجهادي المرتبط بالقاعدة، وظلت على لوائح الإرهاب.

أهمية إلغاء التصنيف اليوم

إذا تأكد قرار إلغاء تصنيف جبهة النصرة كمنظمة إرهابية، فإن ذلك يُعتبر تحولًا سياسيًا كبيرًا، قد يرتبط بإعادة رسم خرائط النفوذ في الشمال السوري أو بمفاوضات غير معلنة، وقد يُعتبر مؤشرًا لتغير النظرة الغربية لبعض الفصائل في الصراع السوري
لكن هذا القرار سيُثير حتمًا جدلًا واسعًا داخليًا وخارجيًا، خاصة في ظل تاريخ الجبهة الدموي وعلاقتها السابقة بالقاعدة.

استثمار الانشقاقات: مستقبل الصراع بين “داعش” و”هيئة تحرير الشام”

في وقت سابق، أعادت الأخبار المتعلقة بتعيين تنظيم “داعش” لـ”أبي دجانة الجبوري” واليًا على حلب، تسليط الضوء على طبيعة العلاقة التي تجمع بين تنظيم “داعش” و”هيئة تحرير الشام”، لا سيما أن “الجبوري” كان قياديًا سابقًا في “جبهة النصرة” (النسخة الأولى من هيئة تحرير الشام) قبل انشقاقه عنها وانضمامه لتنظيم “داعش” عام 2014، وبالتالي يحمل هذا التعيين رسائل متعددة من قبل تنظيم “داعش” حول استمرار الصراع مع “هيئة تحرير الشام”، مما يستدعي تفكيك العلاقة المتشابكة بينهما ومحاولة استشراف تحركات تنظيم “داعش” المستقبلية تجاهها.

العلاقة بين “داعش” و”هيئة تحرير الشام”

وفقًا لدراسة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تعود جذور الصراع بين “داعش” و”هيئة تحرير الشام” إلى عام 2014، وذلك على خلفية الانفصال التنظيمي بينهما بعد رفض “جبهة النصرة” بقيادة “محمد الجولاني/ أحمد الشرع” مبايعة تنظيم “داعش”، في حين تعهدت بالبيعة لـ “أيمن الظواهري” (زعيم تنظيم القاعدة السابق)، مما أدى إلى سلسلة من المواجهات الدامية بينهما في سوريا، استمرت حتى عام 2017، خاصة مع رغبة تنظيم “داعش” في توسيع نفوذه في مناطق سورية تسيطر عليها “جبهة النصرة” والمليشيات المسلحة المتحالفة معها.

ومع تحول “جبهة النصرة” إلى “هيئة تحرير الشام” في يوليو 2017، وتبنيها مشروعًا محليًا براجماتيًا، لجأت إلى النهج القانوني في التعامل مع خلايا “داعش” بهدف تقديم نفسها كحكومة محلية لديها أجندة متعلقة بمكافحة الإرهاب، حيث أعلنت “هيئة تحرير الشام” في الفترة من يوليو 2017 حتى يناير 2023 عن تنفيذ 59 عملية اعتقال لأعضاء خلايا تنظيم “داعش” في 36 بلدة وقرية في جميع أنحاء إدلب، ومن بين هذه العمليات الـ 59، تم تنفيذ (5) عمليات في عام 2017، و(22) في عام 2018، و(8) في عام 2019، و(8) في عام 2020، و(10) في عام 2021، و(5) في عام 2022.