في لقاء يُعتبر استثنائيًا من حيث الشكل والمضمون، اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، دون أن تُعلن تفاصيل اللقاء أو يُعقد مؤتمر صحفي مشترك.

اقرأ كمان: حزب “شاس” الإسرائيلي يصوّت على حل الكنيست الأربعاء احتجاجًا على أزمة التجنيد
هذا اللقاء الذي أثار اهتمامًا واسعًا، يأتي في وقت حساس يعكس طبيعة التحديات الاستراتيجية التي تواجهها كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
غياب الكاميرات: دلالة على جدية الحوار
في تصريح خاص لوكالة “نيوز رووم”، أكدت الباحثة والمحللة السياسية الأمريكية إيرينا تسوكرمان أن غياب المؤتمرات الصحفية والمقابلات الإعلامية يشير إلى أن هذا اللقاء يتسم بأهمية استثنائية، وقالت: “هذا ليس عرضًا انتخابيًا أو حدثًا دبلوماسيًا تقليديًا، بل هو تواصل استراتيجي في لحظة حساسة جدًا”
غياب الأضواء يعكس رغبة قادة الدولتين في إجراء محادثات صادقة بعيدًا عن التأويلات الإعلامية، وأضافت تسوكرمان أن “هذا اللقاء يدل على إعادة رسم خرائط في ملفات حساسة، بعيدًا عن الأضواء”.
ملف غزة: بداية مرحلة جديدة أم انتظار للوقت المناسب؟
حول الملف الفلسطيني، وتحديدًا في قطاع غزة، أشارت تسوكرمان إلى أن اللقاء لن يسفر عن إعلان فوري لوقف إطلاق النار.
وقالت: “ترامب لا يضغط من أجل اتفاق هش بل يوفر مساحة لنتنياهو لتوضيح خطته الانتقالية”، وأضافت: “اللقاء يعكس إدراكًا متبادلًا بأن مرحلة جديدة باتت وشيكة، والسؤال الآن ليس إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق، بل متى؟ وبأي شروط؟”
وأوضحت تسوكرمان أن هذا اللقاء قد يمثل بداية غير معلنة لمرحلة جديدة في ملف غزة، إذ قد يضع قادة البلدين الأسس لاستراتيجية طويلة المدى، دون الإعلان عنها في الوقت الراهن.
مستقبل حماس: إعادة النظر في السياسة تجاه الحركة
ناقش كل من ترامب ونتنياهو ضرورة إنهاء وجود حماس كفاعل سياسي في غزة، لكن البدائل المتاحة لذلك لا تزال غير واضحة، وقالت تسوكرمان: “في هذا السياق، تركّز المحادثات على ما سيحدث بعد حماس في غزة، ولكن هناك فجوة في الخيارات المطروحة”
وأشارت إلى أن هناك رفضًا من الطرفين لبدائل مثل عودة السلطة الفلسطينية أو فرض وصاية دولية، مشيرة إلى أن هذا اللقاء كان منصة لتبادل وجهات النظر حول هذه القضايا، دون التزام علني بأي خيار معين.
الملف الإيراني: لا تصعيد لكن استمرار الضغط
على الرغم من أن قضية إيران لم تكن محور النقاشات المعلنة، أكدت تسوكرمان أن طهران كانت حاضرة في المحادثات بين الطرفين، وأضافت: “نتنياهو يرى أن حماس تمثل امتدادًا لإيران في المنطقة، بينما يدرك ترامب أن الأوضاع في غزة لا تنفصل عن التوترات الإقليمية التي تشمل أنشطة إيران في المنطقة”
وأشارت إلى أن اللقاء قد تناول سبل تنسيق التحركات الإسرائيلية والأمريكية في مواجهة إيران، خاصة من خلال التعاون مع دول عربية مثل مصر والأردن والإمارات.
مقال له علاقة: أمريكا تشهد اضطرابات ووزير الدفاع يصف حاكم كاليفورنيا بالمجنون
ورغم تنامي الخلافات الإقليمية، شددت تسوكرمان على أن الهدف من هذا الحوار الاستراتيجي هو الموازنة بين الضغط على إيران والردع، مع الحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة لمنع التصعيد.
تحالفات وتقييم استراتيجي: نظرة أعمق للقاء
فيما يتعلق بالتحالفات الإقليمية، أكدت تسوكرمان أن اللقاء لم يكن مناسبة لإطلاق مبادرات كبرى، بل لحظة لتقييم المواقف والتنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقالت: “بالنسبة لإسرائيل، هذا اللقاء يشكل قناة مباشرة لتفادي البيروقراطية الأميركية، بينما استعاد ترامب دور الوسيط القوي رغم حذر سياسته”، وأضافت أن “الدول العربية تراقب بقلق، ولكن أيضًا بتفاؤل، هذه التحركات في المنطقة”
وأشارت إلى أن هذا اللقاء يعد خطوة مهمة في تحديد مسار العلاقات المستقبلية في الشرق الأوسط، ولكنه لم يكن نقطة تحول حاسمة، بل مجرد لحظة لضبط الإيقاع والتحضير لمرحلة جديدة في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية.
خاتمة: ما بين الصمت والتفاعل الاستراتيجي
في الختام، أكدت تسوكرمان أن ما يحدث في هذا اللقاء ليس مجرد حديث دبلوماسي تقليدي، بل هو تفاعل استراتيجي محوري، وقالت: “في هذه اللحظة، كان الصمت أبلغ من أي تصريح، وكان التفاعل بين نتنياهو وترامب أعمق من أي مخرجات إعلامية”
بينما يتابع العالم تفاصيل هذا اللقاء في واشنطن، يبقى أن ننتظر ما إذا كانت هذه المحادثات ستفضي إلى تغييرات ملموسة في الشرق الأوسط في الفترة المقبلة.