نساء بلا حماية..

من نفس التصنيف: ثقافة السويس تنظم محاضرة حول مهارات التصوير بالموبايل لتعزيز الإبداع الرقمي
تعيش آلاف النساء العاملات في القطاع غير الرسمي بمصر واقعًا مهنيًا قاسيًا يتسم بانعدام الأمان الوظيفي والحماية الاجتماعية، على الرغم من صدور قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025 الذي كان من المفترض أن يمثل طوق نجاة لهن، وبينما حدد القانون فئات العمالة غير المنتظمة، يبقى الافتقار إلى آليات التنفيذ الفعالة حجر عثرة، مما يجعل القانون مجرد حبر على ورق دون تقديم أي دعم حقيقي للمتضررات على الأرض.
الواقع المرير: غياب الحماية والتأمين
“أعمل لساعات طويلة دون أي ضمانات، وإذا مرضت لن يلتفت أحد لي، ولا أملك تأمينًا صحيًا”، هكذا تصف “أميرة” (45 عامًا) التي تعمل في تنظيف المنازل معاناتها، وليست قصتها فريدة، فآلاف النساء العاملات في مجالات مثل المساعدة المنزلية أو الزراعة أو الأعمال الحرفية الصغيرة يواجهن نفس المصير، حيث يعملن في ظروف هشة، بلا عقود عمل، ولا حد أدنى للأجور، ولا يحصلن على إجازات مدفوعة الأجر، أو تأمين صحي واجتماعي، أو حتى حماية من الفصل التعسفي.
يُعد هذا الوضع انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان الأساسية، ويزيد من تفاقم الفقر بين هذه الشريحة المهمشة من المجتمع، فالمرأة العاملة في القطاع غير الرسمي غالبًا ما تكون المعيل الوحيد لأسرتها، وغياب الحماية القانونية يجعلها عرضة للاستغلال والتهميش، مما يحرمها من أبسط مقومات العيش الكريم.
قانون 2025: أمل لم يكتمل
كان إصدار قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025 بارقة أمل للكثيرين، حيث اعترف لأول مرة بشكل صريح بفئة العمالة غير المنتظمة، وفتح الباب أمام إمكانية شمولهم بالحماية القانونية، ومع ذلك، تشير مى صالح مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بمؤسسة المرأة الجديدة إلى أن “القانون خطوة إيجابية على الورق، لكن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تفعيله على أرض الواقع، فبدون لوائح تنفيذية واضحة وآليات رصد ومحاسبة، سيظل القانون مجرد نص لا يقدم أي شيء للعاملات”
الغياب الواضح لآليات التسجيل الفعال، وعدم وجود حوافز لأصحاب العمل لضم هذه الفئة، فضلاً عن قلة الوعي بين العاملات أنفسهن بحقوقهن، كلها عوامل تساهم في بقاء الوضع على ما هو عليه.
اقرأ كمان: بدء تقييم درجات امتحانات الشهادة الإعدادية في محافظة أسيوط
الطريق إلى الإنصاف: حلول لا تنتظر التأجيل
لضمان حصول النساء العاملات في القطاع غير الرسمي على حقوقهن، يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأوجه يتجاوز مجرد سن القوانين، ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للتغيير مدعومة بخطوات عملية وملموسة، ويتطلب ذلك إصدار لوائح تنفيذية مفصلة وواضحة لقانون العمل الجديد، تحدد بوضوح إجراءات تسجيل العاملات غير المنتظمات، وتضمن سهولة الوصول إلى التأمينات الاجتماعية، كما يجب إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة لهذه الفئة، وتخصيص مفتشين للعمل مدربين خصيصًا لمتابعة أوضاعهن.
كما يجب تسهيل عملية تسجيل العاملات في التأمينات الاجتماعية بشكل كبير، وتقديم حوافز لأصحاب العمل الذين يلتزمون بتسجيلهن وتوفير الحماية القانونية لهن، يمكن أن تشمل هذه الحوافز إعفاءات ضريبية أو تسهيلات ائتمانية، بالإضافة إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في توعية العاملات بحقوقهن، وتقديم المساعدة القانونية لهن، وإنشاء مراكز استشارية توفر الدعم النفسي والقانوني، وتصميم برامج تأمين اجتماعي وصحي تتناسب مع طبيعة العمل غير المنتظم، مع إمكانيات للاشتراك المرن، كما يمكن أيضًا توفير شبكات أمان اجتماعي تشمل إعانات مؤقتة أو دعماً نقدياً مشروطاً.