تناقلت العديد من الصحف الإخبارية العراقية أنباء حول اختفاء كتاب أثري يُعتقد أنه نسخة نادرة من التوراة، وكان هذا الكتاب مملوكًا لدولة العراق ومحفوظًا في أحد متاحفها، حيث أعلنت دائرة الآثار والتراث العراقية عن هذا الخبر.

من نفس التصنيف: وزير الزراعة يرأس الاجتماع الثاني لمجلس إدارة صندوق التكافل الزراعي
أثار هذا الحدث تفاعلًا كبيرًا بين المهتمين بالتراث والآثار على وسائل التواصل الاجتماعي، وطرحت تساؤلات حول ما إذا كانت مصر تمتلك كتابًا دينيًا قديمًا مشابهًا لهذا المخطوط.
للإجابة عن هذا السؤال، قمنا بزيارة المتحف القبطي في منطقة مصر القديمة، والذي يضم من بين معروضاته أقدم نسخة لكتاب مزامير داوود، والتي تعود إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي.
يتضمن الكتاب صلوات النبي داود عليه السلام من العهد القديم، حيث يحتوي على مجموعة من الصلوات، وقد وُجد تحت رأس طفلة متوفاة داخل أحد المنازل القبطية، حيث كان يُعتبر مصدر بركة، وعُثر عليه مع آثار حريق.
يُعتبر كتاب مزامير داوود من أقدم الكتب الدينية التي تمتلكها مصر، ويأتي مع الكتاب عصا مصنوعة من العاج، كانت تُستخدم لتقليب صفحات الكتاب، وهو محفوظ بعناية في المتحف القبطي بالقاهرة.
المتحف القبطي
يقع المتحف القبطي في منطقة مصر القديمة بالقاهرة، داخل أسوار حصن بابليون الأثري، الذي يعود إلى عهد الإمبراطور تراجان (98-117م)، ولا تزال جدران وأبراج هذا الحصن العريق قائمة، ويمكن رؤيتها بوضوح عند دخول المتحف.
محتويات المتحف ودوره الثقافي
يتتبع المتحف القبطي تاريخ المسيحية في مصر منذ نشأتها وحتى القرن الثامن عشر الميلادي تقريبًا، ويضم أكبر وأشمل مجموعة من المصنوعات اليدوية المسيحية المصرية في العالم، حيث يصل عدد القطع الأثرية إلى حوالي 16 ألف قطعة، وتعرض هذه المقتنيات الثمينة في جناحين رئيسيين، مرتبة زمنياً عبر طابقين، مما يمنح الزوار فرصة فريدة لاستكشاف تطور الفن والحضارة القبطية.
بالإضافة إلى مباني المتحف، تحيط به حدائق وفناءات جميلة، كما يجاوره مجموعة من الكنائس القبطية القديمة التي تعود إلى القرنين الخامس والثامن الميلاديين، مثل كنيسة العذراء مريم “المعلقة”، وكنيسة أبي سرجة، ودير وكنيسة مارجرجس، ويضم المجمع أيضًا معبد “بن عزرا” اليهودي وجامع عمرو بن العاص، مما يجعل المتحف القبطي جزءًا لا يتجزأ من “مجمع الأديان” الفريد، ويجعله منارة ثقافية وتعليمية وترفيهية.
تاريخ إنشاء وتطور المتحف
بدأت فكرة إنشاء المتحف القبطي في عام 1898م، عندما أوصت لجنة حفظ الآثار العربية بضرورة تخصيص متحف للآثار القبطية، وبمباركة وجهود البابا كيرلس الخامس، بدأت حملة لجمع التبرعات والقطع القبطية النادرة، وفي البداية، تم تخصيص قاعات داخل الكنيسة المعلقة لعرض هذه المقتنيات، التي نُقل بعضها من متحف بولاق.
في عام 1902م، نجح مرقس سميكة باشا في الحصول على موافقة البطريرك كيرلس الخامس بتخصيص قطعة أرض وقفية لبناء المتحف في مصر القديمة بجوار الكنيسة المعلقة، وبحلول عام 1908م، كان سميكة باشا قد أكمل تجميع وإعداد القطع الفنية للعرض، بالإضافة إلى تجميع الأسقف الخشبية للجناح القديم، والتي تُعتبر تحفًا فنية بحد ذاتها.
شهد عام 1910م الافتتاح الرسمي للمتحف باحتفالية ضخمة، مما أدى إلى زيادة الاهتمام بالفترة القبطية من قبل المجتمع وجمع تبرعات عديدة من شخصيات مصرية بارزة.
من نفس التصنيف: الزراعة تنفذ أكثر من 1875 نشاط إرشادي استفاد منه أكثر من 43 ألف مزارع
في عام 1931م، انتقلت ملكية المتحف من الكنيسة إلى الحكومة المصرية، وتحديدًا لوزارة المعارف المصرية، وبناءً على ذلك، نُقل عدد أكبر من القطع الأثرية من المتحف المصري إلى المتحف القبطي، وفي عام 1947م، في عهد الملك فاروق الأول، افتتح الجناح الجديد بالمتحف، والذي صممه الفنان راغب عياد واجهته الفنية.