أكد وزير السياحة والآثار أن الدولة ملتزمة تمامًا بالحفاظ على التراث والتاريخ المصري، مشيرًا إلى حرص الوزارة على تحقيق التوازن بين حماية الآثار والاستفادة الاقتصادية منها، دون المساس بقيمتها الأثرية أو التأثير سلبًا على البيئة المحيطة بها.

مواضيع مشابهة: احتفال الكنيسة القبطية في هولندا بذكرى تأسيس إيبارشيتها
جاء تصريح الوزير خلال افتتاح قبة يحيى الشبيه وقبة صفي الدين جوهر، في منطقتي الخليفة والإمام الشافعي، بعد الانتهاء من أعمال الترميم الخاصة بهما.
وأضاف الوزير أن ما تم إنجازه في هذا المشروع، على الصعيدين الفني والمادي، يعكس بشكل واضح الجهود المبذولة لحماية هذه المواقع التراثية، مؤكدًا أنه سيتم إدراج مشروع ترميم القبتين ضمن المنصة الإلكترونية للتدريب التي تعتزم الوزارة إطلاقها الأسبوع المقبل، بهدف إتاحة هذا النموذج كمرجع تدريبي للاستفادة من الدروس المستخلصة في مشروعات الترميم المستقبلية.
اقرأ كمان: وزيرة التضامن الاجتماعي تجتمع مع نائب رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي
وقال السفير البريطاني بالقاهرة إنه يشعر بفخر واعتزاز بالمشاركة في هذا المشروع الهام، مشيرًا إلى أن تمويل الصندوق لهذين المشروعين جاء ضمن المبادرات الجديدة التي تهدف لدعم جهود حماية التراث وتعزيز دور المجتمع المحلي في صونه.
وأكد السفير على حبه وتقديره العميق لمصر، وخاصة القاهرة التاريخية التي وصفها بـ”القلب النابض” للعاصمة، لما تحتويه من تراث معماري وثقافي فريد يعكس عمق الحضارة الإسلامية في مصر.
افتتح وزير السياحة والآثار والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، بمرافقة الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والسفير جاريث بايلي سفير المملكة المتحدة بالقاهرة، قبتي يحيى الشبيه الفاطمية وصفي الدين جوهر المملوكية، بعد الانتهاء من مشروع ترميمهما.
شهد الافتتاح حضور مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، ومارك هاوارد مدير المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، والدكتور خالد صلاح وكيل أول وزارة الأوقاف بالقاهرة، بالإضافة إلى عدد من قيادات وزارة السياحة والآثار والسفارة والمركز الثقافي البريطاني.
تم تنفيذ هذا المشروع من خلال مبادرة الأثر لنا التابعة لمكتب مجاورة للعمران، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، وبتمويل من صندوق حماية الثقافة التابع للمجلس الثقافي البريطاني بالشراكة مع وزارة الشئون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة البريطانية، وذلك ضمن برنامج «إرث – للتراث والمناخ»، الذي أُطلق عام 2023 واستُكمل بنجاح مع نهاية عام 2024، مستهدفًا دمج الحفاظ على التراث المعماري التاريخي والأثري مع مواجهة آثار تغير المناخ، من خلال سلسلة من التدخلات الفنية والمجتمعية والتعليمية.
تضمن المشروع ثلاثة محاور رئيسية، أولها عمليات ترميم قبتي يحيى الشبيه (الفاطمية) بقرافة الإمام الشافعي وقبة صفي الدين جوهر (المملوكية) بشارع الخليفة، وشملت الأعمال التوثيق، والتدعيم الإنشائي، ومعالجة الشروخ، والترميم الدقيق للعناصر الرخامية والخشبية والجصية، بالإضافة إلى تنفيذ نظام صرف وخفض منسوب المياه الأرضية، وتركيب كاميرات وشاشات مراقبة، ولافتات تعريفية وإرشادية.
كما تم إعداد دليل إرشادي تقني يوضح أساليب الترميم المرتبطة بتأثير التغيرات المناخية، مرفق بمقاطع تعليمية ومواد تدريبية رقمية وميدانية، بالإضافة إلى تنظيم عدد من الأنشطة التوعوية والتثقيف المجتمعي حول العلاقة بين التراث وتغير المناخ، مع استغلال المياه الجوفية المستخرجة من الموقعين لأغراض الزراعة الحضرية والتنظيف ومقاومة الحريق، فضلًا عن تنمية المساحات الخضراء.
ومن الجدير بالذكر أن قبة يحيى الشبيه أنشأها الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله إسماعيل أبو منصور عام 949هـ / 1191م، وتعود نسبتها إلى يحيى بن القاسم بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن علي بن أبي طالب، حيث قدم إلى مصر مع أخيه عبد الله أحمد في زمن بن طولون، ولما علم أهل مصر بقدومه خرجوا لاستقباله، وتوفي بمصر ودفن بالمشهد في شهر رجب سنة 562هـ / 1167م، ودفن بجواره أخيه عبد الله، كما دفنت بالقبة أيضًا السيدة أم الذرية زوجة القاسم الطيب، وكذلك السيد يحيى بن الحسن الأنور أخو السيدة نفيسة.
أما قبة صفي الدين جوهر فتعود لعام 740 هـ / 1340 م، أنشأها صفي الدين جوهر الناصري المالكي، المعروف أحيانًا بجوهر المدن، وهو أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد ترقى في المناصب حتى تولى منصب الجاشنكير في عهد الملك المظفر بيبرس، أنشأ هذه القبة لتكون مدفنًا له.
تتميز القبة بجمالها المعماري والمعالجة الفنية الفريدة، حيث تحتوي على فتحات مثلثة الشكل مصنوعة من الجص المعشق بالزجاج، وهي من السمات المميزة للعمارة في القرن الرابع عشر الميلادي.