أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود لقاء متوقع يجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة الأمريكية واشنطن، وذلك قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ومن المحتمل أن يُعقد هذا اللقاء في البيت الأبيض، حيث سيتم توقيع اتفاقية أمنية مشتركة برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما يمهد لمرحلة جديدة من العلاقات بين تل أبيب ودمشق.

ممكن يعجبك: إقالة قائد الجيش في جنوب السودان بعد 7 أشهر من توليه المنصب: ما التفاصيل؟
اتفاق سلام محتمل والمقابل: تهدئة في غزة
حسب موقع “إسرائيل هيوم”، فقد قام مبعوث خاص من إدارة ترامب بزيارة دمشق مؤخراً لاستكمال ترتيبات الاتفاق، وتعتبر هذه الخطوة مؤشراً على أن التفاهمات قد تُحسم خلال أيام بضمانة أميركية كاملة، وترتبط هذه المبادرة بسعي البيت الأبيض لتحقيق إنجاز دبلوماسي مزدوج يشمل الساحتين السورية والفلسطينية، من خلال ربط الاتفاق السوري-الإسرائيلي بموافقة إسرائيل على صفقة في قطاع غزة تُنهي الحرب الدائرة هناك.
يأتي هذا المسعى في وقت تسعى فيه إدارة ترامب لتعزيز موقعها الدبلوماسي قبيل الانتخابات الأمريكية القادمة، حيث يحاول البيت الأبيض تقديم إنجازات في الشرق الأوسط تعكس قدرة أميركا على قيادة حلول إقليمية معقدة.
الشرع: محادثات غير مباشرة وشرط السيادة الوطنية
كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أعلن في مايو الماضي عن إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل عبر وسطاء لم يتم الكشف عن هويتهم، مع التأكيد على أن سوريا منفتحة على الحوار شرط حفظ سيادتها الوطنية، وتأتي هذه التصريحات في ظل ضغوط دولية على دمشق للمشاركة في تسوية شاملة تخرج المنطقة من حالة الجمود السياسي المستمر منذ سنوات.
شوف كمان: حركة حسم تكشف تكتيكات الإخوان للتنصل من العنف
يعتبر هذا الانفتاح خطوة مهمة في ظل العزلة التي تعانيها سوريا على الساحة الدولية، حيث يسعى النظام السوري إلى تخفيف العقوبات وتحسين علاقاته الإقليمية والدولية، مع محاولة استعادة مكانته في مفاوضات السلام الإقليمية.
التفاؤل الإسرائيلي مقابل الغموض السوري
علق الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، الدكتور سمير التقي، على المستجدات قائلاً: “التفاؤل الإسرائيلي تجاه سوريا لا يأتي من فراغ، إذ أن إسرائيل لا تبني آمالها إلا على معطيات ملموسة”، لكنه حذر من استمرار الغموض السوري تجاه مسار التطبيع، موضحاً أن “هذا المستوى من الغموض يثير تساؤلات كبيرة حول مستقبل سوريا وموقعها في المنطقة”
وأضاف التقي أن القضية تتجاوز الجانب الأمني، وتمس جوهر الصراع السوري-الإسرائيلي على المدى الطويل، موضحاً أن “التحولات السياسية في سوريا ستحدد مآلات العلاقة مع إسرائيل، وكذلك دور دمشق في النزاعات الإقليمية”.
نافذة نادرة للسلام أم رهينة المصالح؟
يمثل اللقاء المحتمل بين نتنياهو والشرع منعطفاً سياسياً مهماً في العلاقات بين تل أبيب ودمشق، ويعكس تحولات جذرية في خارطة التحالفات الإقليمية التي تشهد تغييرات كبيرة في السنوات الأخيرة، كما أن تدخل واشنطن المباشر في ترتيب هذا اللقاء يشير إلى رغبة أمريكية في لعب دور الوسيط الحاسم، مع محاولة استغلال اللحظة لتحقيق مكاسب دبلوماسية استراتيجية.
لكن يبقى السؤال الأكبر حول مدى استعداد الأطراف للتنازل عن مكاسبها، حيث ترتبط المصالح الإقليمية والداخلية السورية والإسرائيلية بعوامل معقدة قد تعرقل التوصل لاتفاق دائم، خاصة أن الخلافات العميقة حول قضايا الأمن، الحدود، وحقوق اللاجئين لا تزال قائمة، مما يجعل أي اتفاق قابلاً للهشاشة والتقلب.
يمثل اللقاء المرتقب بين نتنياهو والشرع فرصة تاريخية لإعادة تشكيل العلاقات بين إسرائيل وسوريا، ويعكس تحولات إقليمية هامة برعاية أمريكية، ومع ذلك يبقى مصير هذا المسار رهيناً بتوازن القوى والمصالح بين الأطراف، وسط غموض واضح حول مواقف دمشق الحقيقية من التطبيع.