الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في مصر يثير المخاوف

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع الصحي، حذّرت هيئة الدواء المصرية من استمرار ارتفاع معدلات استهلاك المضادات الحيوية في السوق المحلي، حيث تُعتبر هذه الظاهرة من أبرز أسباب تنامي مقاومة الميكروبات للمضادات، مما يشكّل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة.

الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في مصر يثير المخاوف
الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في مصر يثير المخاوف

سوق الدواء

كشف الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، أن إجمالي مبيعات المضادات الحيوية خلال عام 2024 بلغ نحو 407 ملايين عبوة، من أصل 3.5 مليار عبوة هي إجمالي مبيعات الدواء، مما يمثل 11.6% من حجم السوق الذي تبلغ قيمته 309 مليارات جنيه، ويضم أكثر من 12 ألف مستحضر دوائي.

وأوضح الغمراوي، لنيوز رووم، أن ما يقرب من 55% من هذه المضادات تم استخدامها دون وصفة طبية، مما يُبرز خللًا في سلوك الاستهلاك الدوائي، ويضع مسؤولية كبرى على الجهات التنظيمية للحد من تلك الممارسات.

المضادات الحيوية

أشار إلى أن السوق المؤسسي (القطاع العام) لا يمثل سوى 18.7% من سوق المضادات الحيوية، مقابل 81.3% للقطاع الخاص، مما يفسّر حجم الطلب المرتفع في الصيدليات، حيث تم ضخ أكثر من 16.6 مليون عبوة من المضادات الحيوية مؤخرًا، إلى جانب استمرار عمليات الإنتاج في الشركات الدوائية لتلبية احتياجات السوق.

منظمة الصحة العالمية

تابع أن الهيئة انضمت إلى برنامج الترصد العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية لمتابعة استهلاك المضادات الحيوية، حيث أظهرت بيانات عام 2023 أن معدل الاستهلاك بلغ 30.96 جرعة يومية لكل 1000 نسمة، وفقًا لتصنيف WHO-ATC-DDD.

وتوزعت نسب الاستهلاك بين 59% لمجموعة Access، و39.4% لمجموعة Watch، و1.2% لمجموعة Reserve، بحسب تصنيف Aware الصادر عن منظمة الصحة العالمية، مما يعكس الحاجة الملحّة لتعزيز سياسات الحوكمة والاستخدام الرشيد.

أضاف أن الهيئة أصدرت القرار رقم 268 لسنة 2024، والذي ينص على تنظيم صرف المضادات الحيوية من مجموعة الاحتياطي (Reserve)، وحظر صرفها – خصوصًا تلك المخصصة للحقن – إلا من خلال منشآت طبية مرخصة، ضمن جهود الرقابة على تداول تلك المستحضرات.

قامت الهيئة بحملات تفتيشية شملت 507 مؤسسة من الأكثر استهلاكًا لتلك المضادات، وأسفرت عن رصد مخالفات في 42 منها، جرى على إثرها وقف التوريد لتلك المؤسسات، وذلك بناءً على الدليل التنظيمي المعتمد من الهيئة.

الصيدليات العامة والخاصة

وفقًا لبيانات الهيئة، فإن الشكل الفموي للمضادات الحيوية يستحوذ على 95.3% من حجم الاستهلاك، في حين لا تتجاوز نسبة المستحضرات المعدّة للحقن 4.6%، وقد تم تصنيف الاستهلاك حسب نوع الجهة المقدمة للخدمة ما بين عامة ومستشفيات (قطاع عام وخاص).

تؤكد هيئة الدواء أهمية الإبلاغ عن الآثار الجانبية للأدوية، معتبرة أن ذلك يساهم في تقييم مأمونية المستحضرات، حيث يتولى مركز اليقظة الصيدلية المصري دراسة تلك البلاغات واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة وسلامة المرضى.

أوضح الدكتور عمرو قنديل، مساعد وزير الصحة للطب الوقائي، أنه تم إدراج 32 مستشفى ضمن خطة وطنية لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية، إلى جانب مراجعة أكثر من 1500 ملف طبي لتقييم أساليب العلاج واستخدام المضادات.

بين التحذيرات العلمية، والإجراءات الرقابية، وتوعية المواطنين، تسير مصر في مسار واضح نحو ضبط سوق المضادات الحيوية، لكن يبقى الرهان الأكبر على تعزيز وعي المجتمع الطبي والدوائي والمواطنين معًا، لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لتلك الأدوية المنقذة للحياة.

كشفت الدكتورة سهير مصطفى قاسم، أستاذ مساعد الباطنة والحالات الحرجة بكلية الطب جامعة أسيوط، أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، لا سيما من دون إشراف طبي، لا يؤدي إلى علاج المرض، بل يسهم في تعقيد الحالة ويزيد من احتمالات انتشار العدوى.

دعت وزارة الصحة والسكان المواطنين إلى عدم استخدام المضادات الحيوية لعلاج الأمراض الفيروسية مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا، مشددة على أن هذه الأدوية لا تعالج الفيروسات، بل قد تُضعف مناعة الجسم وتؤدي إلى تفاقم العدوى.