دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة، إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من قبل باريس ولندن، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل السبيل الوحيد لفتح أفق حقيقي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

من نفس التصنيف: خبير: اقتراب التوافق المصري الإيراني في القضايا الإقليمية وتطبيع العلاقات بشكل كامل
وقال ماكرون، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن: “أؤمن بحل الدولتين الذي يضمن الأمن والسلام لإسرائيل ويحقق العدالة للفلسطينيين، علينا أن نوحّد أصواتنا للاعتراف بدولة فلسطين، ليس لمجاملة طرف معين، بل لأن ذلك يمثل خطوة عادلة وأساسية في تحريك الجمود السياسي”
وتأتي هذه التصريحات امتدادًا لما أعلنه ماكرون في أبريل الماضي، حين أكد في مقابلة تلفزيونية أن فرنسا “تتجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأشهر المقبلة”، مشددًا على أن باريس تسعى إلى أن تكون جزءًا من جهد سياسي شامل يدفع بهذا الاتجاه.
رغبة بريطانيا وفرنسا في تعزيز العلاقات
عكست الزيارة التي استمرت يومين وشملت عددًا من اللقاءات رفيعة المستوى، رغبة البلدين في تدشين مرحلة جديدة من التعاون الثنائي بعد سنوات من التباعد، خاصة في أعقاب “البريكست”.
واستقبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت في مقر الحكومة البريطانية بـ”10 داونينج ستريت”، قائلًا: “هذه الزيارة تجسد عمق العلاقة التاريخية بين بلدينا، وهناك تناغم كبير في رؤيتنا لقضايا الأمن والدفاع والتجارة وأوكرانيا”
من جانبه، وصف ماكرون الشراكة الفرنسية البريطانية بأنها “تحالف استراتيجي قادر على تغيير قواعد اللعبة في أوروبا والعالم”، مشددًا على أهمية تحويل هذا التقارب إلى قوة موحدة تعزز من مكانة القارة الأوروبية على الساحة الدولية.
مقال مقترح: الحرس الثوري يكشف عن استهداف 3 قواعد إسرائيلية تستخدم كمنصات للهجوم على إيران
الهجرة والتقنيات في صلب النقاش
لم تغفل الاجتماعات بين الجانبين القضايا الشائكة، وعلى رأسها ملف الهجرة غير النظامية، حيث ناقش الزعيمان تزايد محاولات العبور عبر القناة الإنجليزية باستخدام قوارب صغيرة، مؤكدين على ضرورة إيجاد رادع جديد أكثر فاعلية لمواجهة هذه الظاهرة، مع الحفاظ على التنسيق الأمني والإنساني بين البلدين.
كما أولت الزيارة اهتمامًا خاصًا بقضايا الابتكار والذكاء الاصطناعي، حيث ألقى ماكرون خطابًا في “إمبريال كوليدج لندن”، شدد فيه على أهمية تعزيز التعاون الأوروبي في هذا المجال، قائلًا: “رغم تفوق الولايات المتحدة والصين، تظل فرنسا والمملكة المتحدة الأقدر على قيادة مشروع أوروبي موحد في الذكاء الاصطناعي”
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن السبيل لتحقيق السيادة الرقمية الأوروبية يكمن في بناء “كتلة حرجة” من التمويل والمواهب والبنية التحتية، لتفادي التبعية للنماذج التقنية الأجنبية.
رغبة مشتركة في تجاوز إرث التوتر
تأتي هذه الزيارة في ظل تطلعات فرنسية بريطانية لإعادة ترميم العلاقات الثنائية التي شهدت فتورًا خلال السنوات الأخيرة، حيث أكد الجانبان التزامهما بتجاوز الخلافات السابقة والانطلاق نحو شراكة متجددة قائمة على المصالح والتحديات المشتركة، من الأمن والسلام، إلى التكنولوجيا والمناخ والهجرة.
وبينما تعكس تصريحات ماكرون بشأن فلسطين تحوّلًا نوعيًا في الموقف الفرنسي، فإن دعوته إلى تحرك مشترك مع بريطانيا قد تفتح الباب أمام تحوّل أوروبي أوسع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط.