تواجه ألمانيا تحديات كبيرة في إعادة هيكلة جيشها بعد سنوات من الإهمال، حيث يزداد تقدم سن العسكريين الحاليين مع نقص مستمر في الكوادر الماهرة، مما يضع القادة العسكريين في موقف صعب أمام الحاجة المتزايدة لتقوية القوات المسلحة.

ممكن يعجبك: إسرائيل تنصح مواطنيها بتجنب السفر إلى سيناء في “لعبة كل سنة”
وفقًا لتقرير وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية، تعاني البلاد من صعوبة كبيرة في تجنيد عدد كافٍ من الجنود بسبب انخفاض القوى العاملة المتاحة، وهذا مرتبط بشكل مباشر بظاهرة شيخوخة المجتمع الألماني وضغوط سوق العمل على فئات الشباب القادرة على الانضمام للجيش.
تعزيز القوات النظامية
في هذا السياق، أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، أن الجيش بحاجة لتعزيز قواته النظامية لتصل إلى 260 ألف جندي، بالإضافة إلى زيادة أعداد الاحتياطي بمئات الآلاف من الجنود المؤهلين، وأشار الوزير إلى أن إعادة تطبيق نظام التجنيد الإجباري قد تكون خطوة ضرورية لتحقيق هذه الأهداف، مؤكدًا على أهمية تكثيف الجهود لضمان جاهزية الجيش على المستويين التقني والعددي لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
خطوات لإعادة التجنيد الإجباري
يشير محللون وخبراء إلى أن تحسين الأجور، وجعل الجيش مكانًا أكثر جاذبية للعمل، واعتبار الهجرة وسيلة لتعويض التحولات الديموغرافية، يمكن أن يسهم في جذب المزيد من المجندين.
ذكرت “بلومبيرج” أن ألمانيا، رغم تمتّعها بسيولة مالية كبيرة لإعادة تسليح نفسها في مواجهة التهديد الروسي، إلا أنها تكافح لجذب عدد كافٍ من المجندين في سوق عمل يعاني من ضغط شديد.
بينما تواجه دول أوروبية أخرى نقصًا في الكوادر، فإن الوضع في ألمانيا يبدو أكثر وضوحًا؛ إذ تسعى حكومة المستشار فريدريش ميرز الجديدة بشكل منفصل إلى إصلاح البنية التحتية، مما يُضعف أيضًا القوى العاملة، حيث تُتخذ خطوات لإعادة العمل بالتجنيد الإجباري.
قال ميرز للشركات الألمانية الشهر الماضي، إن التحديات المتعلقة بالموظفين، وليس التمويل، ستكون “المشكلة الحاسمة” التي يجب التغلب عليها، بينما يسعى لبناء أقوى جيش تقليدي في القارة، داعيًا الشركات إلى تسريح العمال مؤقتًا حتى يتمكنوا من اكتساب المهارات العسكرية.
قوانين جديدة
من المتوقع أن تُقرّ حكومة ميرز التشريع في الأسبوع الأخير من أغسطس، بحيث يمكن تطبيق الخدمة العسكرية التطوعية بحلول يناير 2026، حيث يهدف وزير الدفاع بيستوريوس إلى استقطاب أكثر من 110 آلاف مُجنَّد بحلول نهاية العقد.
وأشار التقرير إلى وجود شكوك جدية حول ما إذا كان هذا النهج سيحقق أفضل النتائج للاقتصاد الذي انكمش خلال العامين الماضيين، إذ يحتاج بشدة إلى عمالة ماهرة لمساعدته على التحديث.
بينما ارتفعت معدلات البطالة، من المتوقع أن تنخفض مجددًا مع إنفاق الحكومة مئات المليارات من اليورو على تحسين الطرق والجسور.
خسائر فادحة
قال الخبير الاقتصادي في معهد أبحاث التوظيف، إنزو ويبر، من منظور سوق العمل، ولصالح القوات المسلحة أيضًا، يجب أن تضمن الحكومة أن يكون الأنسب للوظيفة هو من يلتحق بها، لا من هو أكثر ملاءمة لوظائف أخرى.
أضاف ويبر: “إذا لم تُستغل كفاءات قوتنا العاملة على النحو الأمثل، فستتكبّد ألمانيا خسائر فادحة”
انخفاض في عدد الجنود
لفت التقرير إلى أن عدد الجنود انخفض في عام 2024 إلى أقل من 180 ألف جندي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2018، رغم الجهود المبذولة منذ فترة طويلة للوصول إلى أكثر من 200 ألف جندي.
اقرأ كمان: الشرع يكشف عن دعم زوجته له خلال القصف والنزوح منذ بداية الثورة
ورغم أن إجبار الناس على الخدمة قد يبدو حلاً فعالاً من حيث التكلفة، فإن الباحثين في معهد “إيفو” في ميونيخ يحذرون من أن هذا ليس دقيقًا، لأن المجندين يقضون وقتًا أقل في سوق العمل، ما يؤخر تعليمهم ويحد من دخلهم في النهاية.