روسيا تعتمد استراتيجية جديدة بسلاح “تكتيك التنانين” في ساحة المعركة

في تطور مثير على جبهات القتال شرقي أوكرانيا، تبرز الدراجات النارية كعنصر أساسي في الاستراتيجيات العسكرية الحديثة، حيث تحل مكان الدبابات الثقيلة التي أصبحت أهدافًا سهلة للطائرات المسيّرة، وتخطط موسكو لشراء ما يصل إلى 200 ألف دراجة نارية صينية قبل نهاية 2025.

روسيا تعتمد استراتيجية جديدة بسلاح “تكتيك التنانين” في ساحة المعركة
روسيا تعتمد استراتيجية جديدة بسلاح “تكتيك التنانين” في ساحة المعركة

“تكتيك التنانين”

وفقًا لخبير عسكري، أفادت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أن استراتيجية روسيا الجديدة تشبه “تكتيك التنانين”، وهو نظام وحدات مشاة خفيفة كانت تستخدم الخيول في القرن السابع عشر، وتعتمد على السرعة والمرونة، إذ تلجأ القوات الروسية والأوكرانية على حد سواء إلى ما يشبه “سلاح الفرسان” الجديد، ومع تصاعد التهديدات الجوية، يتمحور هذا التكتيك حول السرعة والمناورة والتخفي الإلكتروني.

وحدات متنقلة

وبحسب تقرير الصحيفة الفرنسية، فإن القوات الروسية تعتمد بشكل متزايد على وحدات متنقلة على دراجات نارية، تتكون عادة من جندي مسلح وسائق مزود بجهاز تشويش ضد الطائرات دون طيار، ورغم الخسائر التي تتكبدها هذه الوحدات، فإنها نجحت في اختراق الدفاعات الأوكرانية في مناطق مثل بوكروفسك، مستفيدة من سرعتها وصغر حجمها.

يشير التقرير إلى أن هذا التحول ليس ناتجًا فقط عن نقص المعدات الثقيلة، بل هو اتجاه تكتيكي مدروس جاء نتيجة “التشبع الدروني” الذي يسيطر على سماء المعركة، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة ترصد وتستهدف أي تحرك مكشوف خلال دقائق معدودة.

بيئة قتالية ضخمة

بحسب معهد دراسة الحرب (ISW)، تخطط موسكو لشراء ما يصل إلى 200 ألف دراجة نارية صينية قبل نهاية 2025، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العربات الخفيفة مثل “الكوادر” والدراجات الهوائية والمركبات الصغيرة.

يؤكد المعهد أن هذا الانتقال يعكس رغبة روسيا في تعويض خسائرها الكبيرة في الدروع، والتكيف مع بيئة قتالية أصبحت خاضعة بالكامل لأنظمة الاستطلاع والهجوم الجوي.

من جهته، أوضح الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فنسنت توريت، أن خطوط الجبهة أصبحت شديدة التعقيد، إذ تسيطر الطائرات المسيّرة على الأجواء حتى عمق 20 كيلومترًا، مما يجعل البقاء على قيد الحياة مسألة وقت لا يتجاوز دقائق.

الابتكار في الحرب تكتيكي وليس تكنولوجيا

أوضح توريت أن الدراجات النارية تُستخدم في المهام اللوجستية مثل إجلاء المصابين، وتوصيل الذخائر، وحتى نقل الطائرات المسيّرة الجاهزة للإطلاق، مشيرًا إلى رصد استخدام سكوترات كهربائية وحتى دراجات هوائية في بعض المواقع.

يرى المحلل العسكري الأمريكي بريت فريدمان أن هذه الاستراتيجية تشبه “تكتيك التنانين”، وهي وحدات مشاة خفيفة على الخيول ظهرت في أوروبا في القرن السابع عشر، وكانت تعتمد على السرعة والمرونة والانتشار الواسع.

يضيف أن ساحات المعارك الحديثة، ومع هيمنة أنظمة المراقبة الدقيقة والأسلحة الذكية، باتت تتطلب قدرًا غير مسبوق من التحرك السريع والتمويه.

بينما تواصل روسيا تحقيق مكاسب ميدانية، يحرص الطرفان على مواكبة هذا التغير، إذ تسعى القوات الأوكرانية لتعزيز قدراتها بدراجات صينية، ودراجات كهربائية، وحتى عربات سوفييتية قديمة أعيد تأهيلها.

يختم الجنرال الفرنسي أوليفييه كامف بالقول: “الابتكار في الحرب ليس دائمًا تكنولوجيًا، بل في كثير من الأحيان يكون تكتيكيًا بامتياز”