بعد فرض رسوم جمركية جديدة..

مواضيع مشابهة: مقيم مصري يُقبض عليه بتهمة نشر إعلانات حج وهمية وإيواء مخالفين في مكة
أوضح الدكتور هاني الجمل، الخبير في الشؤون الدولية ورئيس وحدة الدراسات الأوروبية والاستراتيجية بمركز العرب، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يسعى من خلال فرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 30% – وهي نسبة أعلى بكثير من المعدلات السابقة – لتحقيق هدفين رئيسيين، الأول هو استغلال مهلة التسعين يومًا التي منحها للدول المتضررة من هذه القرارات كـ “هدنة مؤقتة” قبل بدء تنفيذ الرسوم الجمركية، والتي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس، لإتاحة الفرصة لهذه الدول للاستجابة للمطالب الأمريكية
وأضاف الجمل في تصريحات خاصة لنيوز رووم، أن تجاهل بعض الدول لهذه المهلة قد يُفهم على أنه رفض للمفاوضات، وبالتالي فإن ترامب لم يكن ليتراجع عن فرض هذه الرسوم، بل كان يعتبرها أمرًا واقعًا.
وأوضح الجمل أن الهدف الثاني من هذه السياسات كان يتمثل في ممارسة ضغوط مباشرة على الدول الكبرى مثل المكسيك ودول الاتحاد الأوروبي، لدفعها إلى نقل مصانعها وشركاتها الكبرى إلى داخل الأراضي الأمريكية، ورغم أن تنفيذ هذا النقل لا يتم بين ليلة وضحاها، إلا أن ترامب بدأ بالفعل في اتخاذ خطوات فعلية على الأرض، تضمنت حوافز ضريبية وتشريعات مشجعة لتوطين هذه الشركات.
وأشار الجمل إلى أن هذا التوجه يخدم استراتيجية “ضرب عصفورين بحجر واحد”، إذ يحقق مكاسب مزدوجة، أولاً، خلق فرص عمل واسعة للأمريكيين من خلال توطين الشركات متعددة الجنسيات داخل أمريكا، وثانيًا، إخضاع هذه الكيانات الكبرى للسلطة القانونية الأمريكية، مما يمكن واشنطن من إعادة صياغة ميزان التجارة العالمي لصالحها، خاصة بعد أن كانت الكفة تميل لصالح الاتحاد الأوروبي والدول الصناعية الكبرى على حساب الاقتصاد الأمريكي.
وتابع المحلل السياسي أن هذه السياسات تأتي بالتوازي مع هدنة مماثلة بين واشنطن وبكين، استمرت 90 يومًا، وشهدت خلالها تراجعًا مؤقتًا عن الرسوم الجمركية الباهظة التي تراوحت بين 125% و145%، وأكد أن العقوبات الاقتصادية لم تعد مقتصرة على الصين فقط، بل باتت تشمل أيضًا الشركات التي تتعامل مع بكين دون إذن أمريكي، في محاولة لفرض القيود على هذه الكيانات ومنعها من التعاون مع الصين.
مقال له علاقة: الأردن ينجح في إحباط تهريب 200 ألف حبة مخدرة من سوريا
وفي السياق نفسه، أشار الجمل إلى أن هناك دولًا أخرى بدأت تختلف مع النهج الأمريكي، من بينها عدد من الدول الإفريقية التي لا تتماهى مع السياسات الأمريكية في ملفات سياسية متعددة، وهو ما دفع واشنطن إلى التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على هذه الدول.
واختتم د. هاني الجمل تصريحاته بالإشارة إلى أن العالم اليوم أمام حالة اقتصادية غير مسبوقة، قد تقود إلى نوع من الركود العالمي الكبير، نتيجة التوترات التجارية الواسعة، وسعي واشنطن الحثيث إلى فرض الهيمنة الاقتصادية من خلال الرسوم الجمركية والقيود العقابية، ولفت إلى أن هناك حالة من السباق المحموم بين القوى الكبرى على الموارد والمعادن، خاصة في القارة الإفريقية، وسط تصاعد التنافس بين الحكومات والشركات متعددة الجنسيات في هذا المضمار.