بعد تظاهرات تل أبيب لوقف الحرب في غزة..

ممكن يعجبك: انفجارات قوية تهز شمال طهران واستهداف إسرائيل لمواقع حساسة
شهدت تل أبيب مساء السبت تظاهرات حاشدة من قبل المستوطنين، احتجاجًا على سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، ورفضًا لقرار إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي “الشاباك” واستئناف القتال في غزة، وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن المئات توجهوا إلى مقر إقامة نتنياهو في القدس.
وكان نتنياهو قد أعلن في وقت سابق عن فقدانه الثقة في رونين بار، الذي تولى قيادة الشاباك منذ عام 2021، وأعلن عن نيته إقالته اعتبارًا من 10 أبريل، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات استمرت لثلاثة أيام.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور هاني الجمل، المحلل السياسي، أن الحكومة الإسرائيلية، تحت قيادة بنيامين نتنياهو، تستغل قضية الرهائن كورقة سياسية وأمنية، حيث تُستخدم بشكل متكرر كل يوم سبت، حتى أصبحت جزءًا من الروتين السياسي الإسرائيلي، بهدف امتصاص الغضب الشعبي وتهدئة الضغوط المتزايدة من عائلات الرهائن تجاه الحكومة اليمينية المتطرفة.
وأوضح الجمل في تصريحات خاصة لنيوز رووم، أن الحكومة الإسرائيلية تسمح بتنظيم الاحتجاجات في مناطق معينة، خصوصًا تلك التي لا تزال تحت سيطرتها، لكنها ترفض أن تُترجم هذه الأصوات إلى تأثير حقيقي على القرار السياسي، خاصة في ظل الانسجام بين وجهات نظر رئيس الوزراء نتنياهو ومراكز اتخاذ القرار.
وأشار إلى أن نتنياهو يسعى لبناء “مجد شخصي” في التاريخ الإسرائيلي، كونه أصغر رئيس وزراء تولى المنصب وأطولهم بقاءً في السلطة، ويرى البعض أنه أصبح الشخصية الأهم في تاريخ إسرائيل نتيجة لتحركاته التي عززت القوة الجيوسياسية للدولة، من خلال توسيع السيطرة على أكثر من 60% من قطاع غزة، بالإضافة إلى التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، مما يقوّض حل الدولتين ويقرب من تصفية القضية الفلسطينية.
بنيامين نتنياهو.
وأضاف أن المشروع التوسعي الإسرائيلي لا يقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل يمتد إلى جنوب لبنان والمناطق السورية القريبة من الجولان المحتل، في إطار سعي إسرائيل لتوسيع نفوذها العسكري والجغرافي.
وأكد الجمل أن نتنياهو لا يعتبر صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس أولوية، إذ يرى أن هناك أهدافًا “أسمى” تتعلق بإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، وإنشاء شرق أوسط جديد يكرّس الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في مواجهة معسكري الصين وروسيا، وأشار إلى أن الضغوط الأمريكية، سواء في عهد بايدن أو ترامب، لم تكن كافية لدفع نتنياهو نحو إتمام الصفقة، بل استطاع أن يناور ويستخدم انسجام الإدارة الأمريكية الحالية لتحقيق مزيد من المكاسب.
وتابع الجمل بأن إسرائيل والولايات المتحدة تمارسان ضغوطًا كبيرة على عدد من الدول العربية للانخراط في اتفاقات أبراهام، في إطار مشروع لإعادة تشكيل الخريطة الجغرافية للمنطقة، مما يهدد العمق الاستراتيجي لدول كالمصر وغيرها، كما أشار إلى تحركات يقودها شخصيات مثل أحمد الجربا لتهيئة الوضع في سوريا بما يخدم هذا المخطط، برعاية حلف “الناتو” وبعض القوى الإقليمية.
وأوضح أن التعطيل المتعمد للمفاوضات الجارية بشأن تبادل الأسرى، يأتي في سياق الضغط على الوسطاء، لا سيما قطر، لدفع حماس إلى تقديم تنازلات كبيرة، ورغم أن الحركة أبدت استعدادًا للإفراج الكامل عن الرهائن مقابل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة، فإن إسرائيل تعرقل هذه الجهود بزعم أن بعض المنظمات الإنسانية “مشبوهة”، وتستخدم المساعدات كسلاح لإضعاف المقاومة وإجبار المدنيين الفلسطينيين على التهجير.
وأكد الجمل أن صعود اليمين المتطرف داخل إسرائيل، ممثلًا في شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لن يؤثر كثيرًا على توجهات الحكومة، ما دامت تسير نحو تحقيق أهداف استراتيجية عليا.
ممكن يعجبك: ميدفيديف يؤكد سعي روسيا نحو النصر في محادثات إسطنبول بدلاً من التسوية
وفي ختام تصريحاته، قال الجمل إن التقارب الأمريكي الإسرائيلي في الأهداف بات واضحًا، لا سيما في ظل غياب ضغوط دولية حقيقية، وتراجع الردع الإيراني مؤخرًا، بالإضافة إلى تراجع فعالية السياسات الصينية في كبح جماح المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي بات في وضع حرج، نتيجة الضغوط الأمريكية لزيادة إنفاقه العسكري إلى 5% من الناتج المحلي، مما يخلق فراغًا جيوسياسيًا تتحرك إسرائيل من خلاله لتحقيق مكاسب استراتيجية واسعة.