أعلنت الرئاسة النيجيرية، اليوم الأحد، عن وفاة الرئيس السابق محمد بخاري عن عمر يناهز 85 عامًا، وذلك في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن، حسبما أكد المتحدث السابق باسم الرئاسة، جاربا شيخو.

مقال مقترح: “رجل إيفرست” يحطم الأرقام القياسية بصعوده إلى القمة للمرة 31
ويُعتبر محمد بخاري من أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في نيجيريا، حيث بدأ مسيرته كجنرال في الجيش خلال ثمانينيات القرن الماضي، ثم عاد إلى الحياة السياسية بعد الانتقال إلى الحكم المدني عام 1999، وانتُخب رئيسًا للبلاد في مناسبتين، قبل أن يُطاح بحكومته العسكرية عام 1985 إثر انقلاب قاده الجنرال إبراهيم بابانجيدا.
النشأة والبدايات
وُلد محمد بخاري في 17 ديسمبر 1942 بمدينة دَوْرَه في ولاية كتسينا شمالي نيجيريا، لأسرة تنتمي إلى إثنية الفلاني، وكان والده، مالام هردو أدامو، زعيمًا في بلدة دوموركول، بينما والدته زليخة، فهي من أصول هوساوية وكانورية.
نشأ بخاري يتيم الأب منذ سن الرابعة، وتكفلت والدته بتربيته، وقد سُمّي تيمناً بالإمام محمد بن إسماعيل البخاري، أحد أبرز علماء الحديث في التاريخ الإسلامي.
بدأ بخاري تعليمه في بلدتي دَوْرَه ومَيْدُوَا بين عامي 1948 و1952، ثم التحق بمدرسة كتسينا المتوسطة عام 1953، وأكمل دراسته الثانوية بمقاطعة كتسينا حتى عام 1961، حيث حصل على شهادة مجلس امتحانات غرب أفريقيا، وتزوّج مرتين، الأولى من سافينتو يوسف بين 1971 و1988، ثم من عائشة هاليلو منذ عام 1989، وأنجب عشرة أبناء.
المسيرة العسكرية
التحق بخاري بالجيش النيجيري عام 1961 عبر كلية التدريب العسكري في كَدونا، ثم خضع لتدريب الضباط في مدرسة مونس للتلميذ العسكري بإنجلترا (1962–1963)، وتقلد رتبة ملازم ثان عام 1963، تابع دورات قيادية وتدريبية متعددة، شملت كلية أركان خدمات الدفاع في ويلينغتون بالهند (1979–1980).
مقال مقترح: استئناف رحلات القطارات بين موسكو وبيونغ يانغ هذا الشهر
وشغل خلال خدمته مناصب بارزة مثل قائد فرقة المشاة الرابعة، وقائد الفرقة المدرعة الثالثة، والحاكم العسكري للولاية الشمالية الشرقية، وعضو المجلس العسكري الأعلى، ورئيس مجلس إدارة شركة البترول الوطنية.
في ديسمبر 1983، وبعد انقلاب عسكري، تولى بخاري رئاسة نيجيريا كقائد أعلى للقوات المسلحة حتى أغسطس 1985، وشكلت سياسته ما عُرف لاحقًا بـ”البخارية” أو “Buharism”، وهي أيديولوجيا سياسية واجتماعية واقتصادية ارتبطت بفترة حكمه العسكري.
التحول إلى السياسة المدنية
رغم أن ظهوره السياسي بدأ في عام 1976 كوزير للموارد البترولية، فإن دخوله الحقيقي إلى الحياة الديمقراطية كان بعد عام 1999، عندما خاض الانتخابات الرئاسية لعام 2003 مرشحًا عن “حزب كل الشعب النيجيري”، لكنه خسر أمام أولوسيجون أوباسانجو.
وتكرر الأمر في انتخابات 2007 ضد عمر يارادوا، حيث حصل على 18% من الأصوات، ورفض نتائج الانتخابات متهمًا المفوضية القومية بالغش، وهو ما أقر به لاحقًا الرئيس يارادوا نفسه.
في عام 2010، غادر بخاري “حزب كل الشعب النيجيري” وأسس حزب “مؤتمر التغيير التقدمي”، وترشح باسمه في انتخابات 2011، وحل في المرتبة الثانية خلف غودلاك جوناثان، محققًا أكثر من 12 مليون صوت رغم حداثة حزبه.
العودة إلى الحكم رئيسًا
شهد عام 2013 اندماج عدد من الأحزاب المعارضة في كيان سياسي جديد تحت اسم “مؤتمر الجميع التقدميين”، وكان هذا التحالف بمثابة نقطة التحول في مسيرة بخاري السياسية.
وترشح للانتخابات الرئاسية باسم الحزب عام 2015، وفاز بها في سابقة سياسية أنهت 16 عامًا من حكم “حزب الشعب الديمقراطي”، ليصبح بذلك أول مرشح معارض يفوز بالرئاسة عبر صناديق الاقتراع في تاريخ نيجيريا.
استندت حملته على شعار “التغيير”، واستفاد من سمعته كقائد نزيه وصارم من أيام حكمه العسكري، أدّى بخاري اليمين الدستورية في 29 مايو 2015، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في فبراير 2019، وظل في منصبه حتى عام 2023، حين خلفه بولا أحمد تينوبو، من الحزب نفسه.
إرث سياسي وعسكري
تميّز بخاري بمسيرة حافلة جمعت بين الانضباط العسكري والمثابرة السياسية، وهو من القلائل في إفريقيا الذين تمكنوا من حكم بلادهم عسكريًا ومدنيًا، وتظل فتراته الرئاسية موضع جدل بين مؤيديه الذين يرونه رمزًا للنزاهة والصرامة، ومعارضيه الذين انتقدوا أسلوبه المحافظ وتباطؤ سياساته الإصلاحية.